فلسطين أون لاين

​منهج "مهضوم" في قالب حلوى!

...
ياسمين أبو رميلة (أرشيف)
غزة - هدى الدلو

من معملها الصغير في مطبخها البيتي، أعلنت حالة الفوضى العارمة بين أوعية الدقيق والسكر وغيرها من الأدوات والألوان المستخدمة في صناعة الكيك والحلوى بأنواعه، وأبناؤها حولها يشاركونها الصنع، ويبدين ملاحظاتهم الطفولية على ما تقوم بإعداده، فيضج مطبخها بالسعادة والفرح إلى جانب صوت الخلاط الكهربائي، فهي تصنع بأناملها الفرح الذي يدخل على قلوب الناس بصناعة أشهى الحلويات تشاركهم فيها مناسباتهم وأفراحهم، إلى جانب أنها تعمل على غرس معلومة أو فكرة تربوية لدى الأطفال وطلاب المدارس من خلال صناعتها من الحلويات وسائل تعليمية.

المقدسية ياسمين أبو رميلة (30 عامًا) من القدس الشرقية، وهي أم لثلاثة أطفال، تخرجت من جامعة بيرزيت من تخصص علم النفس وعلم الاجتماع، عملت في مجال تخصصها لمدة عامين، ولكن فيما بعد اضطرت إلى تركها لتتحمل مسئولية أطفالها وتربيتهم، فلم تستطع العمل بوظيفة كاملة إلى جانب أعباء البيت.

وقالت: "لدى توجه لعمل الحلويات وتزيينها منذ كنت طالبة في مرحلة الثانوية، وقد تحول هذا التوجه فيما بعد إلى شغف وموهبة، فكان مجالي للهروب من ضغط الدراسة والامتحانات التي كنا نعيش تحت وطأتها".

حتى في مرحلة الثانوية العامة كانت تقضي بعض وقتها في المطبخ لصناعة الكيك والحلويات لضيوفهم الأقارب، وكانت والدتها تعارضها لتنتبه لدراستها، "فلن يباغتكِ سؤال في الامتحان عن مقادير الكيك، وكيفية تزيينه"، وتضيف: "إنه عالم المطبخ الذي أفرغ خلاله طاقتي، أصنع كل ما أريده بكل حب وإتقان، كما وأبدع في فن تقديم الأطباق".

ولكن كانت تمارس ذلك كهواية وتعد الكعكات بأشكالها المختلفة لعائلتها وبيتها وأصدقائها، وكان الجميع يشيد بذوقها الراقي والاعجاب والتقدير، خاصة أن لديها نفسا في ابتكار أطباق جديدة، ودمج أطعمة مع بعضها البعض لتخرج بشيء جديد، وفي المقابل كانت تلقى التشجيع والتقدير مقترحين عليها أن تفتح مشروعا في ذلك، ولم تكن تلقي لاقتراحهم بالًا.

وبعد أن عملت في مجال تخصصها وأصبح لها عائلة خاصة اضطرت إلى تركه لتتفرغ لأعباء الأبناء ومسئولية البيت، ووقتها فكرت باستغلال موهبتها بفتح مشروع خاص يصبح مصدر دخل تساند فيه زوجها بسبب صعوبة الوضع الاقتصادي.

فأصبح المطبخ المكان الوحيد للعمل لتركز فيه جهودها، خاصة بعدما تمكنت المرأة الريادية من إدارة مشاريع خاصة بعيدًا عن الوظائف الرسمية، فكرست شغفها في إعداد الكيك والحلويات، فتتميز أبو رميلة بدقتها المتقنة واهتمامها بأدق التفاصيل.

وأوضح أبو رميلة أنها بعد عام من بدء مشروعها توجهت نحو صناعة الحلويات على شكل وسائل تعليمية، فعندما طلبت منها معلمة الأحياء في إحدى المدارس أن تصنع لطالباتها قطعا من الكيك تقدمها لمن تحصل على درجات عالية في الامتحان الشهري، فاستغلت الفكرة وربطتها في محتوى المادة، فصنعت كيكا عليها كروموسومات، الأمر الذي شجع الطالبات على تقديم الامتحان بنفسية عالية.

فكان لهذه التجربة أن تفتح لها بابًا في ذلك، فقامت بعمل كيك على شكل الجدول الدوري للعناصر الكيميائية، والمجموعة الشمسية، والكرة الأرضية، وقامت بدعم مشروع لطلبة مدارس عن النمل فصنعت "كب كيك" يحمل هذا الشكل، واعتبرت أبو رميلة ذلك فنا يمكن من خلاله تعزيز المعلومة لدى الطالبة وغرس فكرة تربوية في ذهنه.

بدأت مشروعها من خلال موهبتها وشغفها، وطورت ذاتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب، وجمع معلومات ومتابعة مشاهير في هذا المجال، ولكنها لم تشترك بدورات خاصة بالحلويات، ونمت مهاراتها في مجال التسويق والتصوير وإدارة المشاريع حتى تستطيع أن تظهر منتوجاتها بصورة مميزة.

وأشارت أبو رميلة إلى أنها تعتمد في استخدامها على المواد الصحية البعيدة عن الأصباغ الصناعية والمواد الحافظة، وتصنع بكل حب منتوجاتها لزبائنها، حيث يكون لها بصمة خاصة لكل زبون.

بمطبخها الصغير وأدواتها البسيطة وعالمها المليء بالألوان الزاهية والطعم اللذيذ تطمح إلى فتح أكاديمية خاصة لتعليم فن الحلويات بعدما تلتحق بدورات مدروسة.