ألقى الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة الممتد منذ أزيد من 14 عامًا، بأزمات معيشية على المواطنين الذين أرهقتهم الحروب الإسرائيلية وارتفاع نسبة البطالة والفقر.
ورأى مختصان أن الحصار الإسرائيلي ألقى بآثار نفسية سلبية على المواطنين الغزيين، متمثلة بظهور اضطرابات نفسية بشكل هائل أبرزها القلق والاكتئاب.
وذكرا أن الأوضاع الاقتصادية شكلت السبب الأبرز لظهور تلك الاضطرابات في ظل عجز المواطنين عن توفير "لقمة العيش".
ووافق، أمس، اليوم العالمي للصحة النفسية (العاشر من أكتوبر من كل عام).
وقال استشاري الأمراض النفسية د. عايش سمور: إن نتائج الحصار أدت إلى انخفاض الدخل في غزة مسببة "انهيارًا اقتصاديًّا".
وأوضح سمور لصحيفة "فلسطين" أن العامل النفسي مرتبط جدًّا بالعامل الاقتصادي الذي يؤثر في حياة الإنسان سلبيًّا في ظل عجزه عن توفير "لقمة عيشه وتدهور وضعه من سيئ إلى أسوأ".
وبين أن نتائج الحصار أدت إلى ظهور اضطرابات نفسية فتضاعفت معدلات نسبة الإصابة بالاكتئاب لنحو 40% بين المواطنين، كما تضاعفت نسبة الاضطرابات الذهانية لتصل لـ2% من السكان (النسبة العالمية 1% من السكان).
"والاضطرابات الذهانية عامل بيولوجي يحدث بسبب الاضطرابات النفسية والضيق الذي يعيشه الناس في المجتمع فيؤدي إلى خلل في القدرات والتوجهات الفكرية لدى الإنسان".
وأشار سمور إلى أن نحو 70% من المواطنين مصابون بالقلق بفعل طول مدة الحصار عدا عن ازدياد نسبة المشكلات العائلية.
ولفت إلى أن هناك علامات خطرة تتمثل في انتشار الانهيار في الحالة النفسية والتعب الشديد، قائلا: "تزدحم العيادات النفسية بالمراجعين من المواطنين في حين يعجز كثيرون عن توفير ثمن الكشفية وشراء الدواء ما يتركهم يصارعون الاضطرابات النفسية دون علاج" وفق قوله.
نتائج مباشرة
وأوضح مدير مركز "الصلابة النفسية وجودة الحياة" حسن الخواجا، أن العامل الاقتصادي الناجم عن الحصار الإسرائيلي تسبب بنتائج نفسية سلبية مباشرة وغير مباشرة.
وذكر الخواجا لصحيفة "فلسطين" أن هناك انعكاسات غير مباشرة للحصار "مجرد الشعور النفسي بتقييد الحركة"، أما الانعكاسات المباشرة فتتمثل في "الوضع الاقتصادي الصعب وقلة فرص العمل وفقدان الكثير لمصدر الرزق".
وأضاف أن تراكم العوامل الضاغطة بفعل الحصار ألقت بمردود اجتماعي سيئ على العلاقات داخل الأسرة وخارجها لا سيما العلاقات الزوجية.
وأشار إلى أن "تعطل الزوج عن العمل يشعل خلافات داخل الأسرة بينه وبين زوجته أو أبنائه الذين لهم متطلبات ولا يدركون معنى الحصار ما يشكل ضغطًا على نفسية الأب".
وأكد الطبيب النفسي أن الحصار ألقى بانعكاسات "نفسية سلبية ممتدة فاقت بكثير أثر الحروب الإسرائيلية على غزة".
ودلل في حديثه أن "ففقدان العمل" مثلًا يسبب اضطرابًا نفسيًّا للإنسان وقد يلجأ للتخلص من الألم والاكتئاب لتناول الأدوية وقد تتدهور علاقاته الأسرية لأنه لا يستطيع تحمل الأعباء.
وأكد الخواجا أن أبرز الاضطرابات النفسية المنتشرة في غزة حاليًا هي الاكتئاب والقلق وهما من الاضطرابات المتوسطة خاصة بين الشباب الذين وصل معظمهم لطريق مسدود في ظل محدودية الخيارات وعدم القدرة على التفكير في المستقبل.
ونبه إلى أن المجتمع الغزي أضحى مدركًا حاليًّا لأهمية العلاج النفسي "فهناك إقبال على العيادات النفسية لتلقي العلاج".
وشدد مدير مركز "الصلابة النفسية وجودة الحياة" على أن الحصار أثر سلبًا على الصحة النفسية للنساء بشكل كبير، لأنهن يحملن "هم المنزل" خاصة في ظل تعطل أزواجهن عن العمل وعدم قدرتهم على توفير الحد الأدنى من المعيشة وكثرة متطلبات الأطفال وشدة الضغوط التي قد يصاحبها سوء معاملة الزوج.