فلسطين أون لاين

ناجيات من سرطان الثدي يقطفن "ورد أكتوبر"

...
غزة- مريم الشوبكي:

الزوج: كيف حال زوجتي يا دكتور؟

الدكتور: أنت تمتلك سبب الشفاء، بيدك أن تقويها، يجب أن تدعمها نفسيًّا لكي تتخطى آلامها لتقف على قدميها من جديد.

حوار لخص رحلة كفاح إيمان كعبوش مع سرطان الثدي برفقة زوجها، وكان جسرًا أوصلها لبر أمان النجاة من هذا المرض، بعد ست سنوات من اكتشاف إصابتها تنعم باستقرار صحي لا يغني عن بعض الأدوية الهرمونية الاعتيادية لمريضات هذا النوع من السرطانات.

كعبوش (47 عامًا) من محافظة خان يونس كانت الملاحظة هي طوق نجاتها لأنها مكنتها من اكتشاف كتلة الورم في مرحلته الأولى، في أثناء استحمامها لاحظت وجود كتلة صغيرة تحت الإبط، طمأنة زوجها أنها مجرد حبة جعلها تتجاهل الأمر نحو شهرين حتى تفاجأت بكبر حجمها قليلًا.

كانت حينها في عام 2012م، دب الخوف في قلبها وبدأت الشكوك تساور زوجها، فاتجها نحو الطبيب المختص ليشخص حالتها بعد فحوصات مخبرية طويلة، وأخذ خزعة لتحديد نوع الورم، جاءها الخبر الذي لم تكن تتمنى أن تسمعه: "الورم خبيث".

مرت السنة ثقيلة على إيمان لتأتي السنة التالية 2013م فيقرر الطبيب ضرورة إجراء عملية استئصال كامل للثديين، توجس زوجها طالبًا استئصال منطقة الورم فقط، لكن كان قرار الطبيب قطعيًّا باستئصال كامل ليمنع انتشار المرض في أماكن أخرى من جسدها.

لم تنتهِ رحلة المعاناة مع سرطان الثدي عند هذا الحد، بل تبعها مراحل أخرى، تتحدث إيمان عنها لصحيفة "فلسطين": "بعد عملية الاستئصال أخضعت لست جرعات "كيماوي" من النوع الأحمر، و21 جرعة من النوع الأبيض".

تتابع: "ثم استمررت في إجراء تحاليل مختبرية، حتى قُرِّر إخضاعي لعلاج إشعاعي، وبالفعل أخضعت لـ21 جلسة في مستشفى المطلع بالقدس المحتلة".

ومنذ 2014م حتى اليوم تتناول علاجًا هرمونيًّا وكالسيوم، مع إجراء تحاليل مختبرية لها تقيس نسبة المرض في دمها، ستستمر على هذا المنوال حتى تظهر نتيجة التحاليل نظافة دمها من السرطان.

أصعب مراحل العلاج التي أخضعت لها إيمان تبين أنها جرعات الكيماوي، التي أنهكت جسدها إنهاكا كبيرًا من غثيان ودوار وهزال وعدم قدرة على الحركة.

كان الدعم النفسي الذي تلقته من زوجها وأبنائها أكبر دافع لها لمقاومة السرطان حتى قويت عليه وغلبته، فهم من كانوا يتولون مهام التنظيف والطبخ وأعمال المنزل كلها.

تجربة مرة خاضتها إيمان، علمتها دروسًا تهديها لكل مريضة مصابة بسرطان الثدي لتعينها على تجاوز هذه المرحلة العصيبة من حياتها، تذكر أن أولها الصبر والإيمان بالله (تعالى) أنه المنجي والقادر على تخفيف الآلام، وثانيها أنها لم تجعل للاستسلام مكانًا في قاموس حياتها فلا بد من المقاومة حتى آخر نفس.

وعن رأيها بتخصيص شهر أكتوبر من كل عام لإطلاق حملات توعية بمرض سرطان الثدي، تجيب: "هذا يشعرني ويشعر كل مريضة بهذا النوع بأن الناس يشعرون بنا وبوجعنا، ونقدر دعمهم لنا في الحملات التي يطلقونها على مدار الشهر".

وتدعو كل سيدة وصبية للكشف المبكر عن سرطان الثدي في البيت، أو في المراكز الصحية، لأن كل يوم يمر يعني الكثير لأي مريضة، والاكتشاف المبكر يمنحها فرصة نجاة أكبر واستجابتها للعلاج تكون أسرع.

تلفت إيمان إلى أن الحياة لا تقف عند هذا المرض أو غيره، فلا بد من طرد جميع الأفكار السلبية التي تزيد من الحالة الصحية، فالمرض لم يمت إنسانًا، لأن الأعمار بيد الله وأجله قد اقترب.

وتنصح كل سيدة: "لا تنتظري أن يساندك أي أحد، بل ساندي نفسك بنفسك، تحلي بالإرادة لتقفي على رجليك من جديد".

قيمة العطاء

عفاف الطناني ناجية أخرى من سرطان الثدي منذ تسع سنوات، فور اكتشافها في 2011م كتلة تحت الإبط سارعت نحو الطبيب لتطمئن على حالتها، الذي أكد لها أن الكتلة ورم خبيث في مراحله الأولى ولا بد من إجراء عملية على وجه السرعة.

عفاف (50 عامًا) من بلدة جباليا شمال قطاع غزة، تبين في حديثها مع صحيفة "فلسطين" أنها أخضعت لثلاث عمليات جراحية في غضون أسبوعين، وبعد أقل من 20 يومًا أخضعت لست جرعات من الكيماوي، وشهرين من العلاج الإشعاعي في مصر، وأجري لها مسح ذري في مستشفيات الأراضي المحتلة سنة 1948م.

خلال معركتها مع سرطان الثدي تعلمت عفاف قيمة العطاء، فهي تسعى أن تعطي من حولها وتترك فيهم أثرًا طيبًا، على حسب قولها.

وتبين أن الدعم النفسي الذي تلقته من زوجها وعائلته، وأبنائها، له الأثر الأكبر في مساعدتها على الشفاء من السرطان.

التفاؤل بالشفاء هو شفاء، تؤكد عفاف أن هذا التفاؤل يمنحها طاقة إيجابية لتخطي المرض.

"الشخص لا يهرب من قدره" بهذه الكلمات تدعو كل سيدة للإسراع في إجراء فحص مبكر لسرطان الثدي، لمحاصرته في بدايته.

تنصح كل سيدة تخشى الكشف ألا تهمل حملات التوعية، بل عليها أن تتعاطى معها وتبدأ بنفسها بالكشف، وتحث الأخريات على الكشف.

شهر التوعية بسرطان الثدي تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام في بلدان العالم كافة يساعد على زيادة الاهتمام بهذا المرض، وتقديم الدعم اللازم للتوعية بخطورته والإبكار في الكشف عنه وعلاجه، فضلًا عن تزويد المصابين به بالرعاية المخففة لوطأته.

وتحدث سنويًّا نحو 1.38 مليون حالة جديدة للإصابة بسرطان الثدي و000 458 حالة وفاة من جراء الإصابة به (وفقًا لتقديرات موقع Globocan الشبكي 2008، التابع للوكالة الدولية لبحوث السرطان).

ووفق بيانات مركز المعلومات بوزارة الصحة في غزة، إن عدد حالات الإصابة بسرطان الثدي يبلغ نحو (316) حالة جديدة سنويًّا، بمعدل إصابة (16) حالة لكل 100 ألف نسمة من السكان، أي بمعدل (٣٢) سيدة من كل 100 ألف من الإناث.