فلسطين أون لاين

تنفيذًا لخطة الضم الإسرائيلية

"رأس التين".. مدرسة فلسطينية في مهب الهدم والاستيطان

...
مدرسة رأس التين (أرشيف)
رام الله - غزة/ أدهم الشريف

تضع سلطات الاحتلال الإسرائيلي نصب أعينها على مدرسة "رأس التين" الواقعة شرق مدينة رام الله، وتنوي هدمها بعدما أصبحت ملاذًا لطلبة تجمع "رأس التين" البدوي المقام في هذه المنطقة منذ ما قبل سنة 1967.

وكانت المدرسة بنيت مع بداية العام الدراسي الحالي، وما أن اكتشفت سلطات الاحتلال أمر بنائها، أخطرت بوقف البناء فيها وهي الآن تواجه تمامًا خطر الهدم رغم أنها المدرسة الوحيدة في التجمع البدوي، وفق منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة.

وأوضح جمعة في تصريح لـ"فلسطين"، أن التجمع البدوي الواقع شرق مدينة رام الله، مقام على أراضي منطقة كفر مالك وتحديدًا في منطقة المنحدرات باتجاه الأغوار.

وبين أن سلطات الاحتلال وعلى مدار السنوات الماضية، صادرت أراضي واسعة لصالح مشاريع استيطانية هناك، وكان منها إنشاء كسارة تتبع شركة إسرائيلية في المنطقة قرب التجمع الذي تسكن فيه أكثر من 40 عائلة بدوية فلسطينية.

وإثر مصادرة الأراضي وإنشاء مشاريع استيطانية، لجأت سلطات الاحتلال إلى التضييق على أهالي التجمع منذ عشرات السنين.

ونبَّه جمعة إلى أنه في مرحلة سابقة كان طلبة القرية يقطعون سيرًا على الأقدام مسافة 2 كيلومتر على الأقل للوصول إلى الشارع الرئيسي، ومن ثم قطع 10 كيلومتر أيضًا للوصول إلى المدرسة الأقرب إليهم، مع عدم وجود للمواصلات في تلك المنطقة.

وأضاف: لذلك تم بناء المدرسة لكن سلطات الاحتلال لم يرق لها ذلك، فجاءت وأخطرت بوقف البناء فيها وهدمها.

وأكد أن التجمعات البدوية المنتشرة في الضفة الغربية، وخاصة منطقة الأغوار مهددة بالهدم، تنفيذًا لما تسمى "صفقة القرن"، ولمخطط حكومة الاحتلال ضم أجزاءً واسعة من الضفة المحتلة.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلنت نهاية يناير/ كانون الثاني 2020، عن خطته لـ"تسوية" الصراع مع الاحتلال تحت عنوان "صفقة القرن"، وهي تتنكر لحق الشعب الفلسطيني بدولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، التي زعم ترامب في وقت سابق، أنها عاصمة لـ(إسرائيل).

ولا زالت صفقة ترامب وما نتج عنها من مخطط ضم أجزاء كبيرة من الضفة المحتلة، واتفاقيات تطبيع وقعت عليها دولتي الامارات والبحرين في واشنطن مع (إسرائيل)، تلقى رفضًا فلسطينيًا موحدًا.

ورغم ذلك ما زالت التجمعات الفلسطينية المهددة بالترحيل في الضفة الغربية، تمارس قوات الاحتلال عليها ضغوطًا كبيرة وتضيِّق على طبيعة الحياة اليومية لسكانها بشكل كبير جدًا وفي المراعي أيضًا، وفي الحصول على الخدمات الأساسية، بهدف اجبارها على الرحيل من أماكنها، وفق جمعة.

وأضاف: أن سكان التجمعات يتعرضون لهجوم مستمر من قطعان المستوطنين، وتتعرض أراضيهم إلى المصادرة لصالح مشاريع التوسع الاستيطاني، بهدف قطع وصولهم إلى المراعي.

ويسكن التجمع، بحسب جمعة، أكثر من 40 عائلة، بتعداد سكاني قرابة 250 مواطنًا، ويدرس في المدرسة الوحيدة بالتجمع قرابة 50 طالبًا من الصف الأول حتى السادس، من تجمع "رأس التين" نفسه، والتجمعات المجاورة كذلك.

وكانت محكمة الاحتلال الإسرائيلي المركزية رفضت، الأربعاء الماضي، التماسًا تقدم به المحامون عن المدرسة ضد قرار الاحتلال بوقف البناء فيها وهدمها، ولجأ المحامون اثر ذلك إلى تقديم التماس آخر لذات المحكمة.

وذكر جمعة أن محكمة الاحتلال لم ترد على الالتماس بعد، وهذا ما يبقي خطر الهدم قائمًا، مشددًا على ضرورة عدم تعليق الآمال على القضاء الإسرائيلي الذي عدَّ أنه يقدم مسوغات للاحتلال في انتهاكاته على الأرض وخاصة ما يتعلق بعمليات الاخطار والهدم التي لا تصدر إلا من جهات قضائية وعسكرية في دولة الاحتلال.

ونبَّه إلى أن توجه المحامون إلى محكمة الاحتلال المركزية، فقط محاولة للتسويف وتأجيل عملية الهدم، واعطاء فرصة للضغوطات والتدخلات التي ممكن أن ترافق قرار الاحتلال بهدم المدرسة أو غيرها من المباني الفلسطينية.

وأضاف منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان: لا نعول على القضاء الإسرائيلي، فهو متحيز للاحتلال ويقدم مبررات ومسوغات قانونية للجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.

وأشار جمعة إلى أنه لم يتحرك أحد جماهيريًا لحماية التجمع والمدرسة المقامة على أرضه، خاصة أن المنطقة بعيدة وبإمكان قوات الاحتلال قطع الطرق المؤدية لها والحيلولة دون وصول النشطاء للتجمع، لكن رغم ذلك لم يستبعد تحريك مسيرات تضامنية مع السكان هناك، لدعم صمودهم في مواجهة إجراءات الاحتلال ضدهم.

وكانت المدرسة نفسها، تعرضت لمصادرة مواد وأدوات بناء من قبل قوات الاحتلال مرتيْن خلال الشهريْن الماضييْن.

وفي السياق، دعا رئيس الوزراء في رام الله محمد اشتيه، المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية، والدول الصديقة إلى التدخل لوقف خطر هدم الاحتلال مدرسة "رأس التين"، عادًا أن هدم المدرسة "استهداف لجهود الدول المانحة في بناء المؤسسات الفلسطينية وتوفير البنية التحتية لخدمة المجتمع الفلسطيني.

والمدرسة التابعة لوزارة التربية والتعليم، شيدت مؤخرًا بتمويل مشترك من فرنسا وفنلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وايرلندا وإسبانيا والمملكة المتحدة والسويد، وفق مكتب رئيس الوزراء.