قائمة الموقع

بـ"أمعاء خاوية".. الأسير "الأخرس" يكافح بين "الحرية والشهادة"

2020-10-05T17:15:00+03:00

وقفت أمام السرير تنظر مشدوهة من هول المشهد وكأنها لا تعرفه، جسد هزيل، منهك، خائر القوى، هو الآخر لم يتعرف إليها: "مين اللي قدامي؟" ..، حتى اللحظة لم تكن تعلم بعد أنه يرى خيال الأشياء فقط، حاول رفع جسده وإسناد ظهره إلا أنه لم يقوَ على ذلك، سقط خائرًا على وسادته ولم تسقط عزيمته، فبقيت "إرادة الصمود والتحدي" مشتعلة بداخله.

هكذا بدا المشهد، عندما تمكّنت زوجة الأسير ماهر الأخرس (49 عاما) من التواجد بقربه فيما يصفه الاحتلال بـ"المشفى"، بعد مرور قرابة 10 أسابيع على دخوله إضرابًا مفتوحًا عن الطعام.

إنه اليوم الـ71 الذي يضرب فيه الأسير الأخرس من قرية "سيرة الظهر" قضاء جنين بالضفة الغربية المحتلة عن الطعام؛ معلنا التحدي بجسدٍ "خائر القوى" منهك متعب، قوي الإرادة.

حالة متدهورة

"وضع زوجي الصحي خطير، لقد أصابتني الصدمة حينما رأيته هكذا؛ وكأنه شخص آخر (...) لحظة دخولي عليه لم يعرفني لدقائق معدودة حاول رفع جسده بعد ذلك، ليظهر أنه باستطاعته القيام عن السرير وأنه قوي، لكنه دخل في غيبوبة للحظات وأصبح لديه صداع شديد وغثيان وتقيؤ، وتشوش بالسمع وآلام بالعينين لا يستطيع تمييز الآخرين وكأنه يعاني فقدانًا للذاكرة لدقائق" .. بهذا تختصِر زوجته تغريد الأخرس تطورات حالة الأسير الصحية في حديثها مع صحيفة "فلسطين" من داخل ما يسمى "المشفى".

بعد ذلك بدأ الأسير الأخرس باستعادة وعيه، والتعرف إليها، "رأيته قبل ذلك من خلال فيديو أرسله المحامي، لكنّي حينما رأيته بهذا الوضع الخطير أدركت حجم التدهور الحاصل، وحقيقة أننا نخشى على حياته، رغم أن زوجي صاحب معنوية عالية ومستمر بالإضراب حتى نيل الحرية أو الشهادة "وهكذا دخل في معركة مهما "كلفه ذلك من ثمن".

تنقل عن زوجها الأسير، أنه يرفض أي مفاوضات مع الاحتلال "مثل ما قرروا أسري، بإمكانهم بقرار الإفراج عني" بهذا المبدأ يستمر الأسير في إضرابه، مكبل بأغلال السجن، وجسد أعياه التعب نتيجة الإضراب.

"قدّم فريق الدفاع عنه أوراقًا لمحكمة الاحتلال العليا، ليتم الإفراج عنه فوريًا نظرًا لوضعه الصحي الصعب والخطير، إلا أنّ المحكمة نفسها، رفضت الطلب (...) فعن أي قضاء نتحدث؟، إذا كان عدوك الخصم والحكم" تقول زوجته.

تدهور حالة الأسير الأخرس؛ وتزداد خطورة، كل شيء فيه لا يقوى على الحركة، "حتى أنه لا يستطيع تحريك أصابع قدميه".. تدلل زوجته على صعوبة الوضع، قائلة: "أحيانا يصبح لديه حالة نسيان، فلا يتذكر أي شيء حدث معه خلال وقت قريب، وتشنجات بالقدمين، وصعوبة في النوم".

"جيش بالدار"

في 27 يوليو/ تموز 2020م عاشت ابنته تذكير (16 عاما) وأخوتها الصغار لحظات صعبة في اعتقال والدها، ترويها لصحيفة "فلسطين" وكأنها تعيش مشهد الخوف مرة أخرى نابشة في تلك التفاصيل: "الساعة الواحدة والنصف فجرا؛ كنا نغط في نوم عميق؛ قبل أن نسمع أصوات طرق سريع للباب البيت، سمعت أخوتي ينادون "جيش .. جيش "، ففتح أبي الباب، ليجد قوات من جيش الاحتلال أمامهم؛ طلبوا منه القدوم معهم، في المشهد هربت شقيقتي تقى (ست سنوات) إلى حضن والدي فهو أمانها الوحيد هنا، لكن الجنود انتزعوها عن قدميه وأخذوه، وظلت تقى تبكي: "بدي بابا .. ليش اخدوا بابا؟"".

 

بلا أي "تهمة" اعتقل الأسير الأخرس، وجرى تحويله للاعتقال الإداري، بعفوية تعبر عن خوفها: "انا بخاف كتير، إني أفقد بابا، وأكثر ما يصبرنا أنه بالرغم من حالته الصحية المتدهورة إلا أن معنوياته عالية".

"يجب على الجميع الوقوف مع قضية أبي، وأن تصبح قضية رأي عام، ونجد تفاعلا أكبر من أبناء شعبنا، حتى يخرج من الأسر منتصرا ويعود إلينا"؛ تختم حديثها.

اخبار ذات صلة