قائمة الموقع

رفض بريطانيا الاعتذار عن "وعد بلفور" كان متوقعاً

2017-04-25T06:39:17+03:00

جاء رد حكومة بريطانيا على العريضة المطالبة باعتذارها عن "وعد بلفور" الذي احتلت فلسطين التاريخية بموجبه، متوقعا في ضوء جملة من العوامل السياسية التي تعتري المنطقة العربية المشغولة بأزماتها الداخلية، وضغط "اللوبي الصهيوني"، وعدم اكتراث لندن لتنامي تأييد الرأي العام البريطاني للحق الفلسطيني.

وبعد تأخر دام أكثر من عشرة أيام عن الموعد المحدد، رفضت لندن، في 22 من أبريل/ نيسان الجاري، الاعتذار للشعب للفلسطيني، وقالت إنها "لا تعتذر عن وثيقة تاريخية، وتفتخر بالدور الذي قادته لتأسيس دولة (إسرائيل)".

وفي ضوء ذلك، أعلن مركز العودة الفلسطيني في لندن عن تصعيد آليات حملة مطالبة بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور، وفتح باب التوقيع عالميًا لممارسة مزيد من الضغوط على حكومة.

ووصف رئيس الحملة الأوروبية لكسر الحصار عن قطاع غزة مازن كحيل من باريس، الرفض البريطاني بـأنه "خطيئة كبرى"، قائلاً "ارتكبت بريطانيا خطيئة تاريخية بتسهيل احتلال الأغراب لأرض فلسطين، وترتكب اليوم خطيئة أكبر بعدم الرجوع للحق".

وأضاف كحيل لصحيفة "فلسطين": " بريطانيا تفاخر أنها سهلت وصول اليهود لأرض فلسطين، وهذا الموقف يوضح الشرخ الكبير بين الموقف الرسمي في بريطانيا والشارع الذي في معظمه مؤيد للحق الفلسطيني".

وبين أن عشرات الآلاف من التوقيعات التي حصل عليها مركز العودة تؤكد أن الخط الشعبي مع الحق الفلسطيني "لكن اللوبي الصهيوني يمارس ضغوطا على الحكومات الغربية في مواقفها تجاه القضية الفلسطينية"، مؤكدا أن الفعاليات في أوروبا مستمرة بهذه العريضة لمطالبة بريطانيا بالاعتذار.

وكان ما يزيد على 13 ألف بريطاني وقعوا قبل أكثر من أسبوع على طلب للاعتذار عن وعد بلفور، وهو ما يلزم الحكومة البريطانية بالرد.

وأوضح كحيل، أن تأخر الحكومة البريطانية عن الرد 12 يوماً كان بغرض "تفويت الفرصة على مناصري الحق الفلسطيني"، مشيراً إلى أن ردها "يفتقر إلى الدبلوماسية السياسية، والأولى أن تصمت على أن تبرر الجريمة التي ارتكبتها بحق شعب أعزل يرفض الظلم جملة وتفصيلا.

وأشار رئيس الحملة الأوروبية لكسر الحصار، إلى أن الحكومات الغربية تعيش أزمة أخلاقية مع تمسك الشعب الفلسطيني بحقه، بعد أن كان الرهان على مقولة "الكبار يموتون والصغار ينسون" التي أطلقتها رئيسة وزراء الاحتلال "غولدا مائير".

وفيما شدد كحيل على ضرورة أن تؤدي الدول العربية دورا في نصرة القضية الفلسطينية والضغط على بريطانيا لتقديم الاعتذار، خاصة في ظل وجود مصالح بريطانية اقتصادية في الشرق الأوسط، أشار إلى أن الرواية والدعاية الإسرائيلية لم تعد هي الوحيدة بأوروبا، لأن هناك الرواية التي يرويها مناصرو الحق الفلسطيني للرأي العام الأوروبي وهي في تصاعد مستمر، مما يثير جنون الاحتلال وسفاراته بأوروبا.

ووعد بلفور هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي بعثها وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 إلى اللورد اليهودي ليونيل وولتر دي روتشيلد، يقول فيها إن "الحكومة البريطانية ستبذل جهدها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين".

"رعاية إسرائيل"

بدوره، عدّ السفير الفلسطيني السابق د. ربحي حلوم، التصرف البريطاني أمرا غير مستغرب، قائلاً "ليس متوقعا من حكومة لندن أن تقدم اعتذارا، لعلمها أن العالم العربي منشغل بصراعاته وأزمات داخلية، لا يمكنه الضغط سياسيا عليها لإجبارها على الاعتذار".

وأضاف حلوم لصحيفة "فلسطين": "الوضع المأساوي العربي يدفع الآخرين كلهم، إلى اللعب بمصير الشعوب العربية (...) وبريطانيا بإمكانها الرضوخ لمطالب الشعوب العربية إذا قررت هي وأنظمتها ذلك".

وتابع: "نسيت بريطانيا ان ألمانيا النازية ما زالت تدفع التعويض لليهود الذين زعموا أنهم جزء من ضحايا النازية"، لافتاً إلى أن الضريبة التي تدفعها ألمانيا ستكرر في المستقبل من بريطانيا التي تعدت جرائمها بحق الشعب الفلسطيني أضعاف جرائم النازية.

وشدد على أن رفض بريطانيا الاعتذار يعني أن لندن ستستمر في رعاية المشروع الإسرائيلي، وأن جريمتها كانت عن سبق إصرار".

وبين "حلوم" أن التحولات السياسية في أوروبا بصعود اليمين المتطرف "يجعل (إسرائيل) تعيش عصراً ذهبياً، وهذا ما قد لا يتكرر في تاريخ الاحتلال (...) إلا أن ذلك لا يخفي وجود صحوة شعبية أوروبية مناصرة للشعوب المقهورة".

ويؤكد السفير الفلسطيني السابق، أن "الحالة العربية ليست دائمة وأن الأمة في عنق زجاجة ستخرج منها ولن تبقى في وضعها غير الطبيعي الذي تمر به وستصنع مستقبلها، وستعتذر بريطانيا وتدفع ثمن خطيئتها، وترضخ للتاريخ وتتحمل كافة التبعات التي أدت لصناعة الاحتلال بالوطن العربي".

وكان من المقرر أن تجمع الحملة حتى أواسط أغسطس/ آب (100) ألف توقيع لإرغام الحكومة البريطانية على الاعتذار، غير أن الأخيرة وبتآمر مع اللجنة البرلمانية المكلفة بمجلس العموم عمدت إلى تخفيض الفترة الزمنية (ستة أشهر إلى ثلاثة ونصف) المقرة لجمع التواقيع إلى شهرين ونصف، فيما اعتُبر تواطؤا صريحا لتقويض فرص إجبار حكومة تيريزا ماي اليمينية على الاعتذار.

وتسبب احتلال فلسطين في تشريد ثمانية ملايين لاجئ فلسطيني يعيش خمسة ملايين منهم في حالة من الفقر والمعاناة بمخيمات اللجوء في دول الجوار وقطاع غزة الذي تحاصره (إسرائيل).

وانتقد الكاتب البريطاني روبرت فيسك مفاخرة المسؤولة البريطانية، باحتلال فلسطين، ودعوة البريطانيين إلى الاحتفال بمرور قرن من الزمان على وعد بلفور.

وقال في مقال نشرته صحيفة ذي إندبندنت البريطانية في الرابع من مارس/ آذار الماضي، إن البريطانيين طالما قدموا اعتذارات سواء في ما يتعلق بدور الإمبراطورية البريطانية في تجارة الرقيق أم بشأن المجاعة الإيرلندية. وتساءل: "لماذا لا يعلن البريطانيون اعتذارهم اليوم للفلسطينيين بشأن وعد بلفور؟".

اخبار ذات صلة