توقع مختصان بالشأن الإسرائيلي، أن تشهد الفترة القادمة تصاعد تحركات عائلات جنود الاحتلال الأسرى في قطاع غزة لدى كتائب عز الدين القسام، بهدف الضغط على حكومة الاحتلال باتجاه عقد صفقة تبادل أسرى.
وكانت عائلات الجنود الذين قتلوا أو أُسروا خلال العدوان الإسرائيلي الأخيرة على غزة، قد هاجموا رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال جلسة في "الكنيست الإسرائيلي"، الأربعاء الماضي، ووجهوا له انتقادات حادة بسبب سياسته في التعامل مع أبنائهم.
وقالت والدة الجندي "هدار غولدن" خلال مشاركتها في الجلسة: "عملية الجرف الصامد (الاسم الإسرائيلي للعدوان على غزة في صيف 2014) لم تنتهِ. حماس أرادت اختطاف جنود وهي لا تزال تحتجز اثنين منهم (...)، في حين يحاول نتنياهو تحويلنا إلى عدو للشعب".
مماطلة إسرائيلية
وقال الباحث والخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي: إن "عائلات الجنود الأسرى التزمت الصمت حتى الآن بهدف عدم التشويش على حكومة الاحتلال وعدم ممارسة الضغوط عليها من أجل إجراء مفاوضات مع حركة حماس".
وأضاف مجلي في حديث لـ"فلسطين"، أنه بعد مرور 3 سنوات على أسر الجنود بغزة، تشعر عائلاتهم، أن سياسة الصمت أدت إلى عدم اهتمام حكومة الاحتلال بقضية أبنائهم، وأن الحكومة استغلت صمتهم وواصلت المماطلة في الموضوع.
وأشار إلى أن صبر عائلات الجنود الأسرى بدأ كما هو واضح في أعقاب اللقاء الأخير مع نتنياهو أن صبرهم بدأ ينفد، وأن محاولتهم التعبير عن موقفهم لم تجدِ نفعًا وهذا ما أظهره الهجوم الذي تعرضوا له خلال الاجتماع الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي في الكنيست لبحث التقرير عن حرب غزة الأخيرة.
وبين أن ما جرى خلال هذا الاجتماع يشير إلى أن شرخًا حدث بينهم وبين حكومة الاحتلال التي اطمأنت طوال الفترة الماضية من أن هؤلاء لن يقوموا بالتشويش عليها، لكن صبرهم نفد.
وتوقع الخبير في الشأن الإسرائيلي، حدوث انعطاف حاد في تصرفات عائلات الجنود الأسرى خلال الأيام القادمة، والخروج بمسيرات ومظاهرات وتنظيم اعتصامات ووقفات للضغط على الحكومة لتسريع المفاوضات لعقد صفقة تبادل.
وأشار إلى أن الظروف الحالية تشبه الظروف التي سبقت توقيع صفقة "وفاء الأحرار"، حين بدأت عائلة الجندي جلعاد شاليط تحركاتها وضغوطها على حكومة الاحتلال لتوقيع صفقة تبادل، وهذا ما يحدث الآن.
وقال مجلي: إن (إسرائيل) تريد عقد صفقة تبادل لكن بثمن بخس وهذا ما ترفضه حركة حماس التي تطالب بثمن كبير، ليس مقابل الصفقة فقط، بل مقابل كل معلومة حول وضع الجنود.
وأضاف أن "حكومة نتنياهو تبدو محرجة أمام "اليمين الإسرائيلي" الذي يرفض عقد صفقات تبادل وعائلات الجنود التي تطالب بتحرير أبنائها، وبالتالي نحن نلحظ أن الحكومة تحاول أن تتقدم باتجاه عقد صفقة تبادل بطريقة أو بأخرى"، مشددًا على أن ضغوط عائلات الجنود الأسرى وتصعيد تحركاتهم سيؤدي في النهاية إلى عقد صفقة تبادل.
أول مواجهة
من جانبه ذكر المختص بالشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة، أن هذه أول مواجهة ومشادة مؤثرة بين حكومة الاحتلال وعائلات الجنود الأسرى، مبينًا أن ما جرى يشير إلى وقوع شرخ بين الطرفين.
وقال جعارة في حديث لـ"فلسطين": إن تصريحات نتنياهو أن عودة الجنود على رأس أولوياته وأن الحكومة تعمل على هذا الملف يؤكد أن هناك مفاوضات باتجاه عقد صفقة تبادل بين الاحتلال وحركة حماس، ولكن نتنياهو يخشى من الثمن الذي يتوجب عليه دفعه وهو يحاول تقليل هذه الثمن".
وأعرب جعارة عن اعتقاده بأن مفاوضات صفقة التبادل انطلقت قبل سنة، وأنها قد تستغرق وقتًا حتى يتم إنجازها، مضيفًا: إن "صفقة "وفاء الأحرار" والتي كانت حول جندي واحد استمرت نحو سنتين، فما بالنا حين نتحدث عن أسرى وجنود وجثث ومفقودين حسب الإعلام الإسرائيلي".
وتابع: "في الصفقات السابقة كانت المعادلة: جندي أسير مقابل أكثر من 1000 أسير فلسطيني، وعندما نتحدث عن أربعة فهذا يعني أن الحديث عن تبييض السجون والإفراج عن أكثر من 4000 أسير فلسطيني".
ورأى أن ما صدر ويصدر من عائلات الجنود الأسرى يشير إلى أنه سيكون هناك انعطافة في تحركاتهم باتجاه عقد صفقة تبادل، لافتًا إلى أن ضغوط هذه العائلات سيجبر حكومة الاحتلال على التوصل إلى صفقة تبادل مع حركة حماس.
ونوه إلى أن نتنياهو ليس أول من فاوض وعقد صفقات التبادل فأرئيل شارون بادل، وكذلك إسحاق رابين، وغيرهم عقدوا صفقات تبادل، وهذا يعني أن صفقات التبادل ثابت في السياسة الإسرائيلية، كونها تشير حسب وجهة نظرهم إلى احترام دولة الاحتلال لجنودها وليس نقطة ضعف للحكومة.