قائمة الموقع

ما الواجب الشرعي لمواجهة خطر تصفية القضية الفلسطينية؟

2020-09-30T19:21:00+03:00

تحدق بالقضية الفلسطينية أخطار تهدد بتصفيتها كصفقة ترامب-نتنياهو، وانقياد حكام عرب للتطبيع، فما الواجب الشرعي على الأمة وجيوشها والعلماء والفصائل، لمواجهة تلك المخاطر؟

العضو الاستشاري لرابطة علماء فلسطين الداعية أحمد زمارة يوضح لصحيفة "فلسطين" أن فلسطين قضية الأمة الإسلامية جمعاء، كيف لا وهي آية في كتاب الله الكريم، ووصية نبوية وعهدٌ مقدس تتوارثه الأجيال جيلًا بعد جيل؟!

فعن أبي ذر (رضي الله عنه) أَنه سأَلَ رسولَ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عن الصلاةِ في بيتِ المقدسِ أفضلُ، أو في مسجدِ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فقال: "صلاةٌ في مسجدي هذا أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيه، ولنعمَ المصلى، هو أَرضُ المحشرِ، والمنشر، وليأتين على الناسِ زمانٌ، ولَقِيدُ سوطِ (أو قال: قوسِ) الرجلِ حيث يَرى منه بيتَ المقدسِ؛ خيرٌ له، أو أَحبُّ إليه من الدنيا جميعًا".

ويلفت إلى أن الجميع يعرف أن فلسطين هي فلسطين التاريخية التي تعرف بعاصمتها القدس الشريف، التي زارها عمر بن الخطاب، وصلى فيها الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليلة الإسراء، وفتحها صلاح الدين، ففلسطين من يومها إسلامية والقدس كاملة عاصمة لها، لا نعرف فيها القسمة.

ويقول زمارة: "اليوم فلسطين تبكي مقهورة مما فعل أزلام العرب فيها، إذ سالموا العدو الغاصب عليها وأعطوه صكًّا وميثاقًا أن له الحق المزعوم فيها، بل تجرؤوا على مدينة الأنبياء والرسالات وقسموها شرقية وغربية، وما رأيناه في الآونة الأخيرة من إشهار لعلاقات الزعامات العربية مع كيان العدو أو ما يسمى التطبيع، لهو جريمة عربية كبرى وخطيئة بشرية وإثم شرعي".

ويبين أن العلماء أجمعوا والمذاهب الإسلامية على "حُرمة التطبيع مع الكيان الصهيوني والتعامل معه من قريبٍ أو بعيدٍ على صعيدٍ رسمي أو فردي أو حزبي، وعدّ هؤلاء العلماء التطبيع مع الصهاينة جريمةً في حقّ الله والدين".

ويوضح زمارة أن من الناحية الشرعية الأمر واضح، الله (تبارك وتعالى) قال في من يغزو البلاد ويحتل المقدسات: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (الممتحنة: 8-9).

ويشير إلى أن "خيانة الزعامات لا تعني بالمطلق خيانة الشعوب"، ففي شعوب الأمم الإسلامية الخير الكثير والحب العظيم لفلسطين وبيت المقدس، لهذا كان الأمل في هذه الشعوب أن تتنكب عن طريق زعاماتها وأن تحيد عن نهجهم، وأن ترشد لنهج المخلصين الصادقين تجاه قضية فلسطين، وأن ترفض ما يفعله المطبعون من أنظمة وزعامات، وأن تنكر ذلك ولو بقلوبها، إن لم تستطع فعل شيء.

ويذكّر زمارة المخلصين في مختلف بقاع الأرض أنْ واجب عليكم نصرة إخوانكم في فلسطين، والدفاع عن قبلة المسلمين الأولى ومهد الرسالات، بكلمة حق أو تغريدة صادقة أو وقفة مساندة أو رأي سديد عبر شاشة أو فضائية أو قناة أو موقع إلكتروني.

"تردٍّ وانهزام"

بدوره يقول الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية د. زياد مقداد: "إنه لا يخفى على أحد ما تمر به الأمة الإسلامية والعربية من ضعف وتردٍّ وانهزام، وصراعات وتناحر وحروب فيما بينهم زادت من ضعفهم ومن أزماتهم".

وينبه مقداد إلى أن ذلك ترتب عليه استغلال المحتلين ومن وراءهم من "الغرب المتصهين" هذه الحالة للعمل على تصفية القضية الفلسطينية، وإنكار حق الفلسطينيين والمسلمين والعرب في فلسطين، ومحاولة إثبات أنهم أصحاب الحق في أرضنا المقدسة فلسطين.

ويضيف لصحيفة "فلسطين": "اجتهد الصهاينة لتحقيق هذا الهدف بكل الوسائل: الحروب العدوانية والتهجير والمذابح وتجنيد حكام العرب والمسلمين ليكونوا ترسًا في عجلة التصفية لإنكار الحق الفلسطيني، ولعل من آخر هذه الوسائل الاتفاقات التي حدثت وتحدث اليوم بين حكومات متعددة في عالمنا العربي والإسلامي مع حكومة الصهاينة فيما عرف بالتطبيع".

وفي كل هذه الظروف -والكلام لمقداد- من الواجب على الأمة أن تأخذ دورها وتؤدي واجبها بمواجهة هذا "التدهور الخطير في مسيرة القضية الفلسطينية وتاريخها، وتأكيد إسلامية أرض فلسطين من نهرها إلى بحرها وتحريم التنازل أو التفريط بأي شبر من أرضها المقدسة، وتأكيد أن القدس عاصمة دولة فلسطين بشقيها الشرقي والغربي، وأن الأقصى هو ثالث الحرمين وثاني المسجدين ومسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومعراجه إلى السماء".

ويتابع: "كما ينبغي عليهم تأكيد أن فلسطين أرض مغتصبة، ومعتدى عليها وعلى وشعبها ومقدساتها، وواجب الحكومات والجيوش الإسلامية العمل على تحريرها وردها إلى حظيرة بلاد المسلمين بكل الوسائل، مهما بلغ الثمن".

ويؤكد مقداد أن على علماء المسلمين تحريم وتجريم السكوت عن تحرير أرض فلسطين وترك أهلها يصارعون المحتل وحدهم، ومن واجبهم بث الروح المعنوية وشحذ شباب الأمة بضرورة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي حتى تحرير الأرض والمسرى والأقصى.

ويبين أنه يقع عليهم واجب الكشف عن خطط المحتلين ومكرهم وجرائمهم عبر التاريخ كله، وفي هذه المرحلة على وجه الخصوص، التي لا يسعى فيها الاحتلال لابتلاع أرض فلسطين فقط بل الدول العربية كلها.

ويضيف: "ينبغي إصدار الفتاوى الشرعية المجرمة للتطبيع مع الصهاينة في كل المجالات، لأنه من طريقها تحقق حكومة الاحتلال مرادها وأهدافها، وعلى العلماء التعريف بفلسطين أنها جزء لا يتجزأ من العالم العربي والإسلامي، وأن أرضها وقف إسلامي لا يجوز التفريط بها أو التنازل عنها، وكذلك التعريف بحكم الجهاد من أجل تحريرها وأنه واجب على المسلمين كافة".

أما الفصائل الفلسطينية فيوضح مقداد أن عليها أن تؤدي دورها وتتحمل مسؤولياتها لوقف تصفية القضية وتوعية الشعوب ما يحدث من حولهم، وأن توحد صفوفها وكلمتها، وتقف سدًّا مانعًا أمام كل خطوات التصفية والتطبيع مع الاحتلال، وأن تترك كل الخلافات فيما بينها وتوجه سهام حربتها نحو المحتل.

ويختم: "عليها أن تعمل على الإعداد والاستعداد لمعركة التحرير، مهما كلف ذلك من تضحيات متعاونة مع كل قوى الحرية والعدالة في الأرض، ويقع عليها مهمة تذكير الشعوب جميعًا بخطر المحتلين وجرائمهم عبر التاريخ التي ارتكبوها ضد المسلمين والفلسطينيين، وفضح مخططات تهويد الأراضي والسيطرة على المقدسات والثروات والمقدرات".

اخبار ذات صلة