فلسطين أون لاين

سلطات الاحتلال تغذّي الجريمة وتغضّ الطرف

تقرير فوضى السلاح والمخدرات تضرب النسيج المجتمعي بين فلسطينيي الـ48

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ جمال غيث:

أدركت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خطورة تماسك المجتمع الفلسطيني بتشكيله حاضنة للمقاومة التي يسعى جاهدًا لإيقافها بشتى السبل حتى بنشر السلاح والمخدرات بين فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 في محاولة منه لتفكيك وضرب النسيج الاجتماعي.

وأظهرت احصائيات مختلفة ارتفاع معدلات الجريمة في مدينة القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، جراء انتشار السلاح والمخدرات وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

وتشير دراسة إحصائية شاملة لـ"9 سنوات من الدم 2011-2019"، أصدرتها "جمعية الشباب العربي" بالتعاون مع "المركز من أجل الثقة، والسلام والعلاقات الاجتماعية" في جامعة كوفنتري، إلى أن "تقديم وتحليل معطيات حول الضحايا لا يعني بالضرورة فهم حالة العنف والجريمة".

وأفادت بارتفاع "المعدّل السنوي لجرائم القتل في المجتمع الفلسطيني في الداخل" إلى (64) جريمة، وهو معدّل "مرتفع جدًّا" بالمقارنة مع نظيره في الضفة الغربية من جهة وفي المجتمع الصهيوني من جهة أخرى.

ويؤكد مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد الحموري، أن الاحتلال يعمل جاهدًا على نشر السلاح والمخدرات بين المقدسيين وفلسطيني الأراضي المحتلة عام الـ1948 في محاولة منه لإشغالهم بالقضايا الحياتية ليترك لنفسه العنان تنفيذ جرائمه بحق القدس والمسجد الأقصى المبارك.

ويقول الحموري لصحيفة "فلسطين": "يسعى الاحتلال لتفكيك المنظومة الاجتماعية من خلال نشر السلاح والمخدرات في المجتمع وتعميق الخلافات العائلية، مستغلاً ارتفاع معدلات البطالة والمشكلات العائلية والنفسية والاقتصادية التي يفتعلها، ليتمكن من السيطرة عليهم".

ويضيف: "لوحظ في الفترة الأخيرة أي ما بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، انتشار السلاح بشكل كبير في المجتمع الفلسطيني، واستخدامه في الخلافات العائلية حتى لو كانت بسيطة"، لافتًا إلى أن شرطة الاحتلال تغض الطرف عن مصادر إطلاق النار في حال كانت بين الفلسطينيين في حين تلاحق من يطلق النار باتجاه المستوطنين.

وألقى الحموري، بالمسؤولية على الاحتلال الذي سمح طوال السنوات الماضية بدخول آلاف الأسلحة إلى مدينة القدس والداخل المحتل، "بهدف خلق جيل مجرم يهتم بالقضايا الحياتية، وتجنيبه القضايا السياسية ليسهل عليه تنفيذ مخططاته واقتلاع الفلسطينيين من أرضهم".

ويرى الحموري أن الاحتلال قادر على جمع الأسلحة من الفلسطينيين، فهو يعرف أين هي، ومن يمتلكها، وأنواعها، وأعدادها، غير أنه لا يرغب بذلك كونها عامل مساعد في السيطرة على الجيل الفلسطيني الجديد وإشغاله بنفسه، "جيل انهزامي همة توفير احتياجاته بشتى الطرق".

وعزا ارتفاع معدلات الخلافات والمشاجرات بين العائلات الفلسطينية واستخدام الأسلحة النارية فيها إلى الضغوط التي يمارسها الاحتلال على المجتمع الفلسطيني.

وبين الحموري، أن عددًا من الجمعيات والمنظمات الشعبية العاملة في الأراضي المحتلة عام 1948 تمكنت في وقت سابق، من جمع نحو (600) قطعة سلاح من الفلسطينيين، "ما يدعونا إلى العمل الجاد لتوعية الأجيال الفلسطينية بمخاطر انتشار السلاح والمخدرات في مجتمعنا".

السلم المجتمعي

بينما يحذر المستشار القانوني والمحامي المتخصص في قضايا الأراضي في الداخل الفلسطيني، حسام يونس من أن انتشار المخدرات والسلاح يهدد السلم الأهلي ومن شأنه تدمير المجتمع، مشيرًا إلى أن الاحتلال يحمي عناصر الجريمة ويحول دون أي جهود للمساس بهم، "بل يعتقل من يقوم بذلك، وهذا الأمر شاهدناه في القدس والداخل المحتل عام 1948 أكثر من مرة".

ويضيف يونس لـ"فلسطين": "سياسة الاحتلال بنشر المخدرات والسلاح واضحة جدًا من خلال عملية التضييق على الشباب، وعدم توافر فرص عمل وتضييق الحركة عليهم، الأمر الذي يدفعهم إلى الانجرار في طريق المخدرات والاتجار بالسلاح".

ويؤكد أن سلطات الاحتلال ترتكب مخالفة للقانون الدولي والإسرائيلي بعدم تحمل مسؤوليتها في البلدات الوقاعة تحت سيطرتها، وعدم فرض الأمن وجمع الأسلحة العشوائية من بين القرى والمدن والبلدات الفلسطينية.

وينبه يونس إلى الاحتلال ممثلًا بشرطته في الأراضي المحتلة تنشر السلاح بشكل سرى وتغض الطرف عنه بعلم من المستوى السياسي الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الاحتلال يزعم في بعض الأحيان قيامه بجمع أسلحة بدعوى أنها مسروقة من جيشه.

تواطؤ الاحتلال

وتابع الخبير القانوني: "الوضع سيئ في القرى والبلدات الفلسطينية بسبب انتشار السلاح والمخدرات"، مشيرًا إلى أن أعضاء الكنيست العرب حاولوا أكثر من مرة طرح القضية وحصلوا على وعود من وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال بجمع الأسلحة وملاحقة مروجي المخدات طوال السنوات العشرة الماضية ولكن دون جدوى.

وحث يونس، المقدسيين وأهالي الـ48 على القيام بواجباتهم من ناحية التوعية، والتحذير من الوقوع في هذا المستنقع الذي يخدم أطماع الاحتلال، وتدعيم الروابط العائلية وتجريم تجارة المخدرات والأسلحة العشوائية.

وقتل نحو 93 مواطنًا بينهم 11 امرأة بالأراضي المحتلة عام 1948، على إثر جرائم قتل مختلفة خلال العام الماضي 2019.

وتشير الإحصائيات الى أن جيل الشباب هو المستهدف الأول بجرائم القتل، إذ أن "حوالي نصف القتلى هم شباب من عمر (15 عاما حتى 30 عاما)، ونسبة فئة الشباب من الضحايا مرتفعة في كل المناطق، ورغم تدنّي عدد الضحايا في منطقة حيفا (24 ضحية)، إلا أن نسبة الشباب الذين سقطوا من جراء القتل تمثل (79%) من مجمل الضحايا.