فلسطين أون لاين

يحلمان بأن تكون قناتهما بوصلة لإبداع أطفال فلسطين

محمد وقاسم.. طفلان يتغلبان على "الحجر" بموهبة إنتاج حلقات (يوتيوب)

...
غزة -هدى الدلو:

كالحالة الاستثنائية في الشارع الغزي بفعل فيروس كورونا، يبدو حال بيت الطفلين محمد وقاسم أبو سمرة، حيث تتولى والدتهما مهمة استقراره وهدوئه حتى الانتهاء من تسجيل حلقة جديدة لتحميلها عبر قناة يوتيوب الخاصة بهم "جوكر توب"، إذ يستثمرا أوقاتهما في الحجر المنزلي لتجهيز وإنتاج مسلسل كوميدي لشهر رمضان القادم، وأفلام كرتون عن إيجابيات وسلبيات في الشخصية، وكيفية تعديل السلبية بطريقة جميلة.

عرفا نفسهما بأنهما طفلان لاجئان تنحدر أصول أجدادهما من مدينة المجدل، وبصوت جاد وصل عبر سماعة الهاتف، يقول محمد لصحيفة "فلسطين": "نحلم أن تصل قناتنا للعالمية، وتكون بوصلة يشار إليها بإبداع أطفال فلسطين رغم قلة الإمكانات"، ثم تبعه تأكيدًا من قاسم وصل صداه عبر السماعة ذاتها.

"لم ننشئ القناة عبثًا دون هدف، فـ"جوكر توب" هي قناة واعدة، نسعى لأن تكون مرآة عاكسة لكل الظروف القاسية التي يعيشها الشارع الفلسطيني من أوضاع صعبة ومآسٍ، وتعرض القناة تحديات ومقابلات و(إسكتشات) كوميدية وثقافية، وترفيهية، وتربوية" يحدثنا قاسم.

قبل نحو عام ونصف كانت فكرة محمد (16 عامًا)، وقاسم (14 عامًا) والإنشاء الفعلي للقناة، لتتناول مختلف المجالات، وسميت ذلك الاسم للخروج عن المألوف وتقديم هواياتهما في التمثيل، ولتكون سبيلًا للتعبير عن أبسط حقوق الطفل الفلسطيني.

ولكون محمد الأكبر تصدر (المايك) أولًا ليحدث عن نفسه، قائلًا: "لدي موهبة في التمثيل والغناء وصوتي الندي في تلاوة القرآن الكريم كما أخبرتني معلمتي في المرحلة الابتدائية، وبدأت أبحث عن مكان لأطور وأنشر أعمالي فلم أجد في غزة مؤسسة تتبنى موهبتي، فقررت القفز نحو الإعلام الجديد لنشر مواهبي عبر قناة على اليوتيوب، لقد شاركت في العديد من المسابقات وحصلت على دورات في كتابة السيناريو والقصة القصيرة لأدعم موهبتي".

وكانت البداية لديه صعبة جدًّا، واحتاج لوقت طويل ليحقق حلم التمثيل وكتابة السيناريو والإخراج، ويتذكر أول (إسكتش) كان بعنوان "البطيخة" يتحدث عن عقوق الوالدين ودعوتهما المستجابة، وحث الأطفال على طاعة الأب والأم، وتعزيز قيم الأدب والاحترام عند التحدث معهما.

لم يقف الأمر عند محمد عند حدود ذلك، فقد اكتشف مواهب أخرى في شخصيته تمتد صلتها للابتكارات العلمية، فصنع ماكينة لغزل البنات من مخلفات البيئة وقدمها هدية لمدرسته، وابتكر زجاجة تحاكي صنبور المياه والنافورة، إضافة إلى تجارب علمية عديدة وجلها نالت إعجاب المدرسين، إنه أيضًا يعزف على كؤوس الماء معزوفات موسيقية.

أما قاسم فتحدث عن المهارات التي يمتلكها في لعب كرة القدم، وإنتاج ألعاب من مخلفات البيئة، ولديه ميول نحو التمثيل والتصوير والمونتاج.

حالة من القلق تسيطر عليهما من بداية اختيارهما الفكرة إلى كتابة السيناريو، والبدء في توزيع الأدوار والتصوير بجوال محمد، والاستعانة بهاتف والدتهما، ليتمكنا من التقاط صور من زوايا أخرى، ويليها عمل المونتاج على الجوال.

ويقول قاسم: "هناك نقص في المعدات والكاميرا، وأحيانًا نجمع المواد التي صورت، ونذهب عند أحد الأقارب مستعينين بجهاز الحاسوب المحمول لعمل (المونتاج البرمير)، لكونه برنامجًا يحتاج إلى إمكانات، وطيلة التسجيل تكون أيدينا على قلبنا من انقطاع الكهرباء في غير موعدها، وتليها معاناة البحث عن مكان يتوافر فيه إنترنت سريع لرفع الفيديو".

ويتابع محمد: "خلاصة القول إن هناك معاناة كبيرة عند إنتاج أي عمل، ولكن هذا حافز كبير لكي أستمر وأقدم أفضل ما لدي، فبدأت أتعلم برامج تصميم ثلاثي الأبعاد ليكون هناك تنوع في الأعمال التي أقدمها".

ويضيف: "وأجهز لإنتاج مجموعة من حلقات "حكايا وطن" تؤرخ وتدون معاناة وألم الشعب الفلسطيني، وتخلد الذاكرة الفلسطينية تحت القتل والتعذيب الإسرائيليين، لتحكي حكاية وطن وشعب اقتلع عنوة من أرضه، وذاكرته التي تأبي الموت وتصر على الحياة، لتعزيز التواصل مع الأجيال التي لم تعاصر النكبة، ولتأكيد أن الفلسطينيين صامدون ومتمسكون بالأرض والهوية بالرغم من سياسات القمع والإرهاب التي يمارسها الاحتلال ضد الإنسان والأرض، ولترسيخ الهوية الوطنية والمحافظة على الإرث الثقافي أداة محاربة للاحتلال".

وحول محمد درسه في الكتاب المدرسي الذي يحمل عنوان: "هكذا لقي الله عمر" إلى فيلم كرتوني، في إطار توظيف إستراتيجيات التعلم النشط والتعلم الممتع في الغرفة الصفية، يقول: "أحلم أن أحصل على درع اليوتيوب الذهبي، وإنتاج سلسلة من الحلقات والمسلسلات الكوميدية الهادفة".

لم يتوانَ والدهما مؤمن أبو سمرة عن تشجيعهما ودعمهما، والحفاظ على الخط الفاصل بين ميولهما ومواهبهما، والتحصيل الدراسي، فيتابعهما في تنظيم أوقاتهما، ومساعدتهما في حل أي مشكلة وتذليلها لتكون محفزًا لهما.