هل يكون السودان الدولة الثالثة أو الرابعة في قائمة التطبيع؟! هذا السؤال يفترض أن قرار التطبيع قد تقرر، وما تبقى هو التوقيت المناسب! لا أحد يجزم بذلك، ولكن في زمن العجائب كل شيء ممكن، وقابل للتنفيذ.
السودان يتعرض حاليا لضغوط وإغراءات من أجل ركوب مركب التطبيع قبل الانتخابات الأميركية. الضغوط والإغراءات تأتي من الإدارة الأميركية، ومن الإمارات والمملكة، بحسب بعض المصادر الإعلامية. جوهر معادلة التطبيع يقول: إذا طبع السودان علاقته مع (إسرائيل) فسترفع الإدارة الأمريكية اسم السودان من قائمة الإرهاب الأميركية، وسيحظى السودان بعدد من مليارات الدولارات من أميركا والإمارات، والاستثمارات.
الرئيس البرهان يرى أن العرض فرصة للسودان للخروج من عنق الزجاجة. وحمدوك رئيس الوزراء يقول إن الموضوع يحتاج لنقاش مجتمعي. والصادق المهدي يرفض التطبيع، ويقول إن التطبيع اسم دلع للاستسلام. نعم، السودان يعاني أزمات اقتصادية، ومالية، وحروبا داخلية، وحصارا، وقد غادر إيران والتحق بالمملكة والإمارات بحثا عن الحلول، ولكنه لم يجدها، حتى جاءه العرض من خلال تل أبيب، فهل تقدم تل أبيب الحل؟!
أنا أعرف السودان جيدا، وأهل السودان غارقون في السياسة والجدل، وتقودهم أحزاب متعددة وقديمة، وبعضها ينطلق من قواعد دينية كحزب الأمة وحزب الميرغني، والإخوان، والجبهة القومية السودانية، إضافة للأحزاب اليسارية، هذه التركيبة لا تتفق على التطبيع البتة، بل وتعيق عمل قادة الجيش والحكومة، لذا أرجح ألّا يذهب السودان إلى التطبيع، وأقول إن ما يجري الآن هو عجلة من قادة الجيش.
السودان بتركيبته الشعبية والحزبية قومي عربي لا يقبل التطبيع، ويدافع عن القضية الفلسطينية، ويتبنى الرؤية الفلسطينية، وقمة الخرطوم ذات اللاءات مشهورة، وفوائد التطبيع إغراءات مزيفة جلها لا يتحقق، وعلى قادة المجلس العسكري أخذ العبرة من الآخرين، ومن اتفاق أوسلو، والبقاء في الجانب العربي القومي أفضل له من التبعية لمحور أميركا - تل أبيب. ونحن نناشد الأحزاب الشعبية أن تتحرك وأن تحافظ على ميراث السودان المشرف.