الكثير منا يتساءل حول جدية لقاءات المصالحة الفلسطينية هذه المرة، وهل يمكن أن تختلف عن المرات السابقة التي أصابت شعبنا في حينه بنوع من الإحباط بإمكانِ إنجاز المصالحة واقعًا يشعر به المواطن للوصول إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة تمثل الكل الفلسطيني دون تمييز؟
بالتأكيد يحق للمواطن القلق والتخوف أيضًا هذه المرة ما لم ننتقل من مرحلة التصريحات الإيجابية واللقاءات التلفزيونية إلى الواقع العملي والحقيقي الذي يجسد المصالحة ليشعر بها كل مواطن فلسطيني خاصة من الضفة الغربية أو قطاع غزة.
فطريق المصالحة بحاجة إلى خطوات عملية سريعة تبدأ بإنهاء العقوبات المفروضة على قطاع غزة وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في سجون الأجهزة الأمنية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل مصالح الفلسطينيين كافة وليست حكومة حزبية ضيقة، وحكومة الوحدة هذه يجب أن تسبق الدعوة للانتخابات حتى تكون مسؤولة عن التحضير لإجراء الانتخابات بالتعاون مع لجنة الانتخابات المركزية لتحديث سجل الناخبين والإشراف على عملية الترشيح والاقتراع والطعن وما يصاحب الانتخابات من احتياجات حتى نضمن نزاهة الوصول إلى نتائج تمثل رغبة الناخب الفلسطيني للخروج من حالة الانقسام التي أضرت بالقضية الفلسطينية سنوات طويلة.
وهنا لا بد من تأكيد ضرورة تشكيل حكومة التوافق الوطني قبل الدعوة للانتخابات، وليس كما أعلن في المباحثات أن الانتخابات تسبق تشكيل الحكومة الوطنية الموحدة لأنه ببساطة كيف يمكن ضمان إجراء الانتخابات في ظل استمرار الانقسام ووجود إدارتين حكوميتين منفصلتين لكل من غزة والضفة؟ وهل نضمن القبول بنتائج الانتخابات من جميع الأطراف حال انعقادها؟
باعتقادي أن طريق المصالحة بات معروفًا للجميع ويحتاج إلى قرار جريء وشجاع من الجميع خاصة بعد فشل الرهان على إمكانِ الحصول على السلام والدولة الفلسطينية من المحتل، وفشل الرهان على الجامعة العربية وسقوط هذه الأنظمة واحدًا تلو الآخر للتطبيع مع العدو الصهيوني وإدارة الظهر للقضية الفلسطينية، فلم يعد أمامنا كفلسطينيين إلا الوحدة الوطنية الحقيقية والتمسك بثوابتنا الوطنية والبدء في برنامج مقاوم شامل يجمع الكل الفلسطيني لانتزاع حقوقنا المسلوبة من بين أنياب المحتل الغاصب.