فلسطين أون لاين

الكاتب الفلسطيني.. همومٌ بـ"الجملة" والتكلفة المادية أولاها

...
غزة - هدى الدلو

هموم الكاتب الفلسطيني كثيرة ليس أولها عدم توفر المراجع العلمية أو التاريخية التي يستطيع الرجوع إليها إن كان يكتب في أي موضوع غير الأدب، كما أن ليس آخرها مشكلة طباعة الكتاب ونشره وتسويقه وتعريف الناس به.. فما هي المشاكل التي تواجه الكاتب الفلسطيني؟ وما أسبابها؟ وما هو الواقع المأمول الذي يسعى الكاتب لإيجاده في فلسطين؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:

مشاكل متعددة

الكاتبة د. زهرة خدرج، من مدينة قلقيلية، قالت: "من المشاكل التي تواجهنا نحن الكُتاب الفلسطينيون أن لدينا كثيرًا من الكتب القيمة، ولكن لا يوجد جهة تروج للكتب وتعرف الناس بها".

وتحدثت عن تجربتها: "ألفت ستة كتب حتى الآن، وأخذت مني كثيرًا من الجهد والوقت، وطُبعت، وتم نشرها، وأنا أحلم باليوم الذي أرى فيه هذه الكتب تنتشر بين الناس ويتم تداولها، إلا أنها في نظري لا تزال نكرة حتى الآن، ولم أجد لها صدى".

وأرجعت خدرج سبب عدم انتشار كتبها إلى أنها فلسطينية، فنشرت كتبها في الأردن ومصر، لكن هذه الدول إن ركزت اهتمامها على كاتب معين فإنها تفعل ذلك مع كتَّاب يحملون جنسيتها وليس كاتبًا من جنسية أخرى.

وتضيف: "ولأن العالم العربي يعاني من عدم الاستقرار والبطالة والتعصب، كما أن طبيعة ثقافته لا تسير باتجاه القراءة والبحث عن المعرفة".

وأضافت: "يوجد تقصير واضح وكبير من وزارة الثقافة الفلسطينية التي بدلًا من أن ترعى كتَّابها الذين هم سبب وجودها ومحور عملها، تتجاهلهم، وإن كانت هناك فئة تحوز على اهتمامها فإن كتَّاب الروايات والشعر فقط هم من تعترف بوجودهم وترعاهم، أما مؤلفو التاريخ والعلوم الإنسانية وغير ذلك من النواحي التي تثري ثقافة الأمم فإن الوزارة تقفز عنهم وتتجاوزهم".

وأوضحت خدرج أن من المشاكل التي تواجه الكاتب الفلسطيني التكاليف المادية المرتفعة لطباعة الكتب ونشرها، فبعض دور النشر طلبت منها ما بين 1600 إلى 1800 شيكل ثمنًا لطباعة الكتاب ونشره، مقابل 100 نسخة من الكتاب لها، وهناك نسبة من أرباح الكتاب يتم الاتفاق عليها وتُذكر في العقد، لكن المشكلة أن دار النشر كلما تمت مراجعتها حول أرباح الكتاب تنكر تمامًا أنه تم بيع نسخ منه، وبالتالي لا يوجد أرباح حتى الآن، على حد قولها.

ولفتت إلى أن بعض دور النشر توافق على طباعة الكتاب دون دفع مالي، فيتم طباعته ونشره مقابل عدد من نسخ يتراوح 30 إلى 75 حسب أهمية الكتاب، هي بدل حقوق تأليف للمؤلف، وتكون مدة العقد التي تمتلك خلالها دار النشر مادة الكتاب هي أربع سنوات، وهناك دور نشر تتملك الكتاب إلى ما لا نهاية، وبالتالي على الكاتب أن ينسى أن له كتبًا ألَّفها، وإذا أراد طباعة الكتاب مرة أخرى يتم مقاضاته.

وبينت خدرج أن من المشاكل الأخرى التي تواجه الكتَّاب في فلسطين عدم توفر دور نشر فلسطينية تعمل على مستوى العالم العربي، وتشارك في معرض الكتب الدولية، موضحة: "دور النشر الموجودة يقتصر عملها على نشر الكتب محليًا، فلا يخرج من حدود فلسطين، كما أن دور النشر الفلسطينية تحدد عملها بالكتب الجامعية، لأن هذه الكتب هي ما تحقق لها أرباحًا مادية سريعة ومضمونة".

الافتقار لدور النشر

ومن جانبه، قال الكاتب الفلسطيني يسري الغول: "يعاني الكُتاب الفلسطينيون من مشاكل كثيرة في ظل حالة الانقسام التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، فأصبح الكاتب مرتهنًا بالسياسة، ولم يعد له موقف حقيقي يتناغم مع الحقيقة".

وقال: إن الكاتب الفلسطيني يعاني من عدم وجود مكتبة وطنية، ولا رقم إيداع، وبالتالي عدم وجود ملكية فكرية، وفي حال سرقة مؤلفاته لا يستطيع أن يقاضي السارق، مضيفًا أن "ما تقوم به وزارة الثقافة واتحاد الكتاب والرابطة التابعة لهم من طباعة للكتب لا يتجاوز 1%، ولا تطبع وفقًا للكفاءة بل وفقًا لاعتبارات أخرى".

وتابع: "كما لا يوجد اهتمام بالمثقف ولا الكتب، ولا اهتمام بالثقافة في الكتب الرسمية، وعدم وجود دار للنشر في غزة، وعدم توفر تمويل لطباعة الكتب، والحالة الاقتصادية السيئة، وطباعة الكتاب على النفقة الخاصة".

وأكد الغول ضرورة إعادة هيكلة وزارة الثقافة بجميع أطيافها، ودعم الكُتاب، وإنشاء مكتبة وطنية وأرقام إيداع، مع توفير مساحة من الحرية.

ضيق هامش الحرية

الكاتب وليد الهودلي أشار إلى أن من أبرز المشاكل التي تواجه الكاتب الفلسطيني غياب الحريات، حيث إن الحرية والإبداع لا يفترقان، والكاتب يتحرك في هامش ضيق، وكذلك ظروف النشر وعدم وجود دعم رسمي للكتاب، واضطرار الكاتب لممارسة عمل آخر وعدم قدرته على التفرغ للكتابة أو تفريغه من قبل جهات رسمية.

ومن المشاكل التي يتحدث عنها أيضًا: "دور النشر وتكلفة الطباعة العالية التي تطلبها، واشتراطها أحيانًا أن يدفع الكاتب تكلفة الطباعة على نفقته، وكذلك عدم تمكن الكاتب من دخول السوق العربية للكتاب".

وأرجع سبب هذه المشاكل إلى وجود الاحتلال والتضييق على حركة الكاتب، حيث يمنع كثيرًا من السفر والمشاركة في مهرجانات إقليمية وعالمية، منوهًا إلى أن واقع الكتّاب مأساوي، خاصة أولئك الذين يعتاشون من الكتابة، فيضطرون لبيع أقلامهم للجهة التي تدفع.

أسباب الخلاف

من ناحيته، أوضح مدير دار الشروق للنشر والتوزيع في رام الله خضر البست, أنه قبل طباعة الكتاب ونشره يتم عرض المادة على لجنة القراءة للإقرار إذا كان الكتاب يصلح للنشر أم لا، ومن ثم يُبرم عقدا قانونيا يوقع بين الطرفين ليحفظ حقوقهما.

ونوه إلى أن الخلاف بين دور النشر والكُتّاب يكون غالبا بسبب الاختلاف على كمية الطباعة، ومدة العقد، والحقوق المادية، وعدم وجود عقد في بعض الأحيان، وسوء الأوضاع الاقتصادية التي أثرت على دور النشر، وضعف الإقبال على القراءة.

ولفت البست إلى أن المؤلف إذا دعم الكتاب ماديًا يأخذ نسبة 30% من الكمية المطبوعة، كما أن المؤلف الفلسطيني يتجه إلى دور النشر العربية، فقد يتفق معها على كمية معينة ولا يتم طباعتها، أو يهتم الكاتب برؤية كتابه مطبوعا دون الاهتمام بحقوقه.

وقال: "من المشاكل التي تواجه الكاتب الفلسطيني اعتقاده بأن دور النشر العربية منتشرة أكثر من الفلسطينية رغبةً في النشر الخارجي أكثر من المحلي".