ردًّا على الانتقادات الفلسطينية لاتفاق أبرهام، قامت كاتبة سعودية تدافع عن الاتفاق وعن دولتي الإمارات والبحرين، فقالت: نحن إذا نظرنا لاتفاق كامب ديفيد بين مصر و(إسرائيل) نجد أن السادات استطاع من خلال الاتفاق أن يستعيد سيناء بالكامل، وأن يفرض على (إسرائيل) الانسحاب منها، وهذا مكسب كبير لمصر. وإذا نظرنا لاتفاقية وادي عربة بين الأردن و(إسرائيل) نجد أن الأردن استعادت كامل أراضيها من (إسرائيل)، وهو مكسب جيد للأردن. أما إذا نظرنا لاتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير (وإسرائيل) نجد أن منظمة التحرير لم تتمكن من استعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام ١٩٦٧م، لأن الاتفاق كان هزيلًا، إذ اقتصر على أن تعترف إسرائيل بمنظمة التحرير ممثلا للفلسطينيين، وتعترف المنظمة (بإسرائيل) على مساحة ٧٨٪ من أرض فلسطين، ثم يجري تفاوض على قضايا الحل النهائي، أي: (أنّ الاتفاق بينهم كان اتفاقا إداريًّا)، وليس اتفاق سلام وأرض كما فعلت مصر والأردن.
وبناء على هذا التحليل، ذهبت الكاتبة لتأييد اتفاق الإمارات والبحرين، والدفاع عنه، ولوم الفلسطينيين على اتفاق أوسلو. وعليه لا يجوز لهم انتقاد اتفاق أبرهام؟! وهنا أقول تعقيبًا على ما أوردته الكاتبة السعودية: إن ما جاء في مقالك فيه نظر؟!، نعم قد تكونين محقّة في بيان ضعف وهزل اتفاق أوسلو، وأنتِ تعيدين هنا انتقادات الفلسطينيين الرافضين للاتفاق في حينه، أما امتداحك لاتفاق كامب ديفيد ففيه نظر أيضًا، لأن غزة احتلت مع سيناء في نفس اليوم، وكانت غزة تخضع لحكم الإدارة المصرية بشكل مباشر، واتفاق كامب ديفيد قفز عن غزة وأهملها، ولم تطالب بهما مصر في اتفاق كامب ديفيد، وكان الواجب بحسب مقتضى الحال أن تعيد مصر غزة لمواطنيها خالية من الاحتلال لتبرئة ذمتها من مسئولية الأمانة عليها.
وأما الأردن فإنه كان يحكم الضفة الغربية بشكل مباشر من عمان، وكان الواجب يقتضي منه أن يستعيد الضفة خالية من الاحتلال لأنه لا فرق بين أراضيها التي استعادها، وبين أراضي الضفة التي كانت وديعة عنده، ولكن الأردن فشل كما فشلت مصر، وكلا الاتفاقين كامب ديفيد ووادي عربة ألقى مسئولية غزة والضفة على الفلسطينيين ومنظمة التحرير. الفلسطينيون أودعوا غزة والضفة لدى مصر والضفة لدى الأردن خاليتين من الاحتلال، ثم أعدت الدولتان الوديعتين للفلسطينيين مسكونتين بالاحتلال والاستيطان؟! وفي هذا إجحاف بالوجبات القانونية والتاريخية.
خلاصة القول: إنّ كل الاتفاقيات التي عقدتها الدول العربية سواء (كامب ديفيد أم وادي عربة وأوسلو وأبرهام) هي اتفاقيات هزيلة وناقصة. قد تكون خدمت الدول الموقعة، ولكنها لم تخدم القضية الفلسطينية البتة. وعليه لا يصح الدفاع الذي قدمته الكاتبة إذا ما أعادت النظر للاتفاقيات بشكل موضوعي وعلمي. نحن الكُتّاب في النهاية ضحايا السياسة والولاء للقادة أو الدول في كثير من الأحيان.