في هذه الأوقات من كل عام يزدحم شاطئ بحر غزة بالمصطافين، فهو ملاذهم مع ارتفاع درجات الحرارة، وانقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة، ولكن اليوم أغلقت الشوارع المؤدية إليه بالحواجز في إجراء وقائي لمنع تفشي فيروس كورونا في القطاع الذي يشدد الاحتلال حصاره منذ 14 سنة.
آلاء حسنين (35 عامًا)، وهي أم لخمسة أطفال، تقطن في مدينة غزة، تقول لصحيفة فلسطين: "من سوء الحظ أننا كنا نخطط للذهاب إلى شاطئ البحر في الجمعة التي فرض فيها حظر التجوال، ولكن كل مخططاتنا العائلية باءت بالفشل".
ولكن أكثر ما يزعجها هو أن طفلها الصغير الذي لم يتجاوز عمره خمسة أعوام كان ينتظر تلك الرحلة بصبر نافد، فقد حاولت تبسيط المعلومات أمام عقله الصغير وسبب إلغائها، ولكنها تقول "إنه يوميًّا أول ما يسأل بعد استيقاظه من النوم: ماما خلصت كورونا عشان نروح على البحر؟".
تضيف آلاء: "في العادة مع قدوم الصيف خاصة في شهره الأخير يلجأ الأغلب إلى شاطئ البحر، فيكتظ بالصغار والكبار، والعائلات، فهو متنفسهم، خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي مدة لا تقل عن 8 ساعات، هذا إلى جانب محدودية المتنزهات العامة، فيكون متنفسنا بلا منافس".
كذلك الشاب العشريني ماهر طه يتحدث عن أن شاطئ البحر ملاذه وغيره من الشباب صيفًا وشتاءً للهروب من ضغط الحياة التي تواجههم مع قلة فرص العمل والبطالة التي يعانيها كثير من الخريجين، والحصار المطبق عليهم منذ سنوات طويلة، لتأتي كورونا وتزيد الطين بلة عليهم.
ويبين لصحيفة "فلسطين" أن انتشار فيروس كورونا في قطاع غزة جاء ليضيق الخناق على الغزيين المحاصرين ويزيد من معاناتهم مع ضعف الإمكانات، وصعوبة الحالة الاقتصادية.
ويمتد الحال نفسه إلى أحمد المقيد (33 عامًا)، وهو أب لأربعة أبناء، يرى أن فيروس كورونا أفسد عليهم متعة التنزه على شاطئ البحر هذا العام، قائلًا: "مشكلة كورونا سيطرت على كل تصرفاتنا، في بداية الصيف لم تكن هناك إصابات في داخل المجتمع، ولكن مع صدور أول التقارير عن تسجيل إصابات من داخل القطاع وانتشار الفيروس توقفت كل مخططاتنا الترفيهية وغير الترفيهية".
ويشير إلى أن الأمر أثر على أطفاله الذين لم يخرجوا من البيت منذ 24 آب (أغسطس)، قائلًا: "نحن ملتزمون بالحجر مطلقًا، أخرج أنا لجلب الحاجات الأساسية بكل حذر".
ويتابع لصحيفة "فلسطين": "تكرر طلب أبنائي أن أصطحبهم بنزه إلى شاطئ البحر، ولكن رفضت وأخبرتهم بضرورة الالتزام حرصًا على صحتهم، وقد تقبلوا الأمر".
ويذكر أن البحر في العادة في هذه الأوقات يكون متنفس الغزيين خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، وانقطاع الكهرباء، مضيفًا: "يا للأسف!، نحن قيدنا فيما يتعلق بالسباحة في البحر منذ مدة بسبب تلوثه بمياه الصرف الصحي، كنا نذهب للاستراحات الشعبية لقضاء بعض الوقت، وكورونا حرمنا ذلك أيضًا".
صابرين عوض أم لطفلين اعتادت كذلك منذ دخول فصل الصيف على الذهاب برفقة زوجها إلى ميناء غزة للتنزه مع أبنائها، فهو متنفسهم الوحيد، لكنها إذ تلتزم المنزل هذه المدة بسبب كورونا، تقول: "إن الأوضاع النفسية والمعيشية والاقتصادية كانت تدفع العائلات إلى الخروج من منازلهم للترفيه عن أنفسهم، فلا يجدون مكانًا لذلك إلا البحر".
وتبقى هذه الرحلات البحرية "مؤجلة" حتى يتيقن المواطنون من عدم وجود خطر الإصابة بفيروس كورونا.