لم يلقَ تطبيع العلاقات رسميًا بين الإمارات والبحرين من جهة ودولة الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى، القبول لدى أطراف متعددة، ولاقت الاتفاقيات الموقعة في العاصمة الأمريكية واشنطن، مساء الثلاثاء الماضي، ردود فعل مناوئة.
وبينما أكدت نخب سياسية وثقافية رفضها الشديد لاتفاقيات التطبيع هذه، تصدرت ردود الفعل الغاضبة مواقع التواصل الاجتماعي، واصفين اياها بـ"الخيانة"، ومطالبين بضرورة إنهاء الانقسام الداخلي لتمكين الشعب من مواجهة المؤامرات ضد قضيته الوطنية، وكذلك تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية.
وقال عبد الكريم عجور الذي يعمل في "مجلس العلاقات الدولية- فلسطين": "كفلسطيني؛ أرى أن ما حصل من تطبيع طعنة في ظهر الفلسطينيين من قبل دولتين عربيتين إسلاميتين لطالما وقفتا إلى جانب القضية الفلسطينية، لكنهما للأسف فضلتا مصلحتهما الخاصة على مصلحة الأمتين العربية والإسلامية".
ورأى عجور خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن ما جرى هو في صالح المتأزمين داخليا: رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترامب، المقبل على انتخابات بعد شهرين، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يتعرض لضغط شعبي بسبب ملفات الفساد.
وأضاف: "أراد الشخصان أن يقدما انجازات لتشفع لهما".
وفلسطينيًا، رأى عجور أن المطلوب عدة خطوات أولها توحيد الكلمة والاتفاق على برنامج موحد؛ وثانيها مراجعة ما أسماه "الفشل الدبلوماسي" والبحث عن مواطن الخلل؛ وثالثها العمل على عدم وقوع المزيد من الدول في فخ التطبيع مع الاحتلال.
أما الكاتب يسري الغول، يرى أنه كان متوقع أن يهرول العرب إلى التطبيع مع (إسرائيل) في ظل غياب الصوت الفلسطيني نتيجة الانقسام الذي لم يخدم قضيتنا الوطنية، بحسب تقديره.
وأضاف الغول لـ"فلسطين"، أن المسؤول الأول عما يجري للقضية الفلسطينية هو رئيس السلطة محمود عباس ومن بعده الفصائل، مشيرًا إلى أن اتفاقيات التطبيع لا يمكن إلا أن تأتي في صالح الاحتلال الإسرائيلي.
وأكمل: "اليوم تتعرض الشعوب لعملية تدجين عبر وسائل الإعلام من خلال كتاب وإعلاميين يبحثون عن المال والسلطة والمصالح ويتماهون مع السلطات العربية والأنظمة الحاكمة ويفرطون بعروبتهم ويقدمون التهويد الفكري للعقل العربي من أجل التماهي مع الاحتلال الذي لم يرحم أي عربي حال أتيحت له الفرصة للقضاء على الوطن العربي".
واستدرك: أن (إسرائيل) قائمة على تدمير الوطن العربي لأنها دولة وظيفية قائمة في الشرق الأوسط لحماية المصالح الامبريالية العالمية في وقت يعيش العرب حالة تيه ولا يعرفون أن (إسرائيل) تسعى من خلال التطبيع لإهلاك وابطال مفعول العقول العربية وكفاءاتها.
وللتصدي لاتفاقيات التطبيع التي جاءت ضمن "صفقة القرن" المخطط الذي وضعته إدارة ترامب لشطب القضية الفلسطينية، أوصى الغول بضرورة تحقيق المصالحة الوطنية، وتفعيل دور المقاومة الشعبية والعسكرية والدبلوماسية ومقاومة الأقلام كذلك.
وتساءل عن دور الدبلوماسية الفلسطينية على مستوى العالم في ضوء ما يجري من عمليات تطبيع؟، مضيفًا "يجب تفعيل الوسائل الدبلوماسية من خلال السفارات حول العالم". وشدد على ضرورة توحيد الخطاب الإعلامي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والتطبيع، داعيًا السلطة الفلسطينية والفصائل إلى تشكيل "جيش الكتروني" يحدث العالم عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
وبينما عدَّ المسؤولون البحرينيون توقيع اتفاق التطبيع مع (إسرائيل) قرارًا استراتيجيًا لحماية مصالح بلادهم، غرد مجددًا رواد مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام وسم "#بحرنيونضدالتطبيع"، وذلك بعد إعلان إدارة ترامب الوصول إلى ما يسمى اتفاق "سلام" بين (إسرائيل) والبحرين مطلع سبتمبر/ أيلول الحالي.
وكان ترامب أعلن في منتصف آب/ أغسطس الماضي، عن اتفاق لتطبيع العلاقات بين الامارات والاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي لاقى رفضًا واستهجانًا شديدا اللهجة.
وغرد الأمين العام السابق لجمعية المنبر الوطني الإسلامي، والنائب السابق في مجلس النواب البحريني الحاصل على شهادة الدكتوراه في الإعلام علي أحمد، على حسابه في "تويتر": "أعاهد الله أن أبقى على عهدي مع #فلسطين وقضيتها حتى يعود الحق لأصحابه، وألا أعترف بـ(إسرائيل)، والله على ما أقول شهيد". وذيل تغريدته بوسمي "#بحرينيونضدالتطبيع" ، و"#عهد_فلسطين".
وكتب صاحب الحساب "Ebrahim Sharif"، على "تويتر": "أنا المواطن البحريني إبراهيم شريف السيد، أعلن براءتي من اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني، واعتبره طعنة في خاصرة أشقائي وخيانة للقضية الفلسطينية العادلة".
أما "آية الله قاسم"، غرد على تويتر: "كلّ ذرّة مِن تراب البحرين تتبرأ من التطبيع مع العدو الإسرائيلي"، عادًا أن التطبيع "جريمةٌ مُحرّمة"، وغرد أيضًا على وسم "#التطبيع_خيانة".
وكتب أيضًا "عبدالرحمن المناصير" على تويتر: "الحكاية باختصار: دخل السارق لمنزلي وفيه ٢٢ من إخوتي الذين استنجدتُ بهم ولا مجيب! ثم قام إخوتي بدعوة السارق لغرفة الضيوف للمفاوضة حول ما يُمكن سرقته من منزلي وما لا يمكن، على أريكة مريحة بصحبة قهوة ساخنة ..! تلك حكاية #فلسطين مع ٢٢ دولة عربية"!
وجاءت اتفاقيات التطبيع ضمن صفقة القرن" التي أعلن عنها ترامب رسميًا من داخل البيت الأبيض بحضور نتنياهو، في يناير/ كانون الثاني الماضي، الأمر الذي لا زال يلقى رفضًا فلسطينيًا كاملاً بعد أن صادرت حقهم بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، وأصبحت المدينة المحتلة وفق الصفقة المشؤومة عاصمة مزعومة ل(إسرائيل).