فلسطين أون لاين

نساءٌ استنزفن أعصابهن في تحمّل مسئوليات أزواجهن

"توفير احتياجات الأسرة أولى مهام الرجل".. متى تدرك "المرأة" ذلك؟

...
غزة - خاص / فلسطين أون لاين

بعد ست سنوات من زواج "نهى" الموظفة، من صاحب محل ملابس الأطفال "سعيد"، قررت "إلى هنا ويكفي.. الـ 250$ التي تذهب كإيجارٍ لبيتٍ لا نملكه، نستفيد منها كجزء من قسط شقة نشتريها بنظام المرابحة"، حدّثت زوجها بفكرتها، ولكنها أتبعت الفكرة بشرط :"لكن يا سعيد، الحق أحق أن يُحق، ولأنني سأدفع في الشقة مثلي مثلك، أريد أن تكتب الشقة باسمينا مناصفة".

"ماذا تقولين؟! انسي هذه الفكرة تماماً"، كان رد فعله عنيفاً سيما وهو يعرف ماذا سيقول عنه إخوته لو عرفوا أنه كتب شيئاً باسم زوجته، فوجد معها حلاً وسطاً بعد أن قال لنفسه :"هي تريد الشقة، حسناً، سأقول لها أنني سأسجلها باسمي وأدفع راتبي كاملاً قسطاً لها وهكذا تسجل باسمي وحدي، بشرط أن تسلمني راتبها وتنفقه على مصروف البيت".

وهذا ما كان، وافقت على مضض، فست سنواتٍ مضت عرفت فيها معنى أن يكون للإنسان بيتٌ يملكه، لا يضطر إلى التنقل ونقل أثاثه منه إلى مكانٍ آخر تبعاً لهوى صاحب العمارة.. وهنا بدأت رحلةٌ أخرى ستستمر ما يقرب السبع سنوات.

"هل تعرفون معنى أن تستنزف الزوجة في مالها وصحتها ونفسيتها وكينونتها كأنثى؟" تساءلت "نهى" قائلةً :"هذا ما حدث معي تماماً".. القصة تتبع:

"عمل المرأة"، أضحى شرطاً –إلا لدى قليل من الرجال- يجب أن يكون متوفراً لدى عروس المستقبل، ذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي أضحت تحد من قدرة الرجل على الإنفاق وحده.. ولكن بعض الرجال لم يقدروا قيمة ما أعطاهم إياه الله من نعمة، فأرادوا المزيد، وبدؤوا يتعاملون مع زوجاتهم على أنهن مشاريع استثمارية، ليس عليها سوى أن تدر عليهم "الربح المريح"، دون أن يلتفتوا إلى أنها في سبيل توفير المال، وعدم التقصير بواجباتها الأسرية في بيتها وحياتها، تتجاوز كل طلباتها، وتمنع نفسها عن شهوات الدنيا، بينما يتعامل زوجها مع الأمر على أنها –تؤدي واجبها- ليس إلا..

سبع سنوات من الهم

بالعودة إلى قصة "نهى"، عاشت المرأة تلك الفترة من عمر "المرابحة" سبع سنواتٍ من الهم والغم.. تأتي براتبها لزوجها الذي لا ينال شيئاً من راتبه فتعطيه إياه باليد، ثم تبدأ معه مرحلة "الإذلال" حين تطلب منه قرشاً لشيءٍ تريده.

لا هدية تشتريها إلا "بطلوع الروح" كما يقولون، ولا مبلغ يكفيها يكون في حقيبتها لوقت احتياجه، بل إنها كانت دائمة التقتير على نفسها بحجة أن الشقة أولى.

ولعل تاريخ تلك المرحلة يشهد أنها لم تشترِ ثوباً جديداً لمدة ثلاثة أعوام على الرغم من أن الشرع والعقل والعرف يقولون: "التفكير في توفير متطلبات العائلة هو من مهام الزوج، وعلى الزوجة مساندته والصبر عليه ليس إلا..".

"نهى" فهمت ذلك متأخرة، عندما ضاعت من عمرها سبع سنواتٍ أخرى كانت خلالها تصطدم فيها بنظرة زوجها لها وتعليقاته على شكلها وملابسها القديمة، وحتى على وجهها الذي غزته التجاعيد فجأة من كثرة التفكير، وعلى شد الأعصاب الذي تعيشه بسبب الأزمة المالية.. تعلق: "أخرج من الصباح وحتى أذان العصر تقريباً، أترك أطفالي طوال تلك الساعات وع الفاضي.. كأنني أعمل وحدي، وكأنني يوم الراتب "لا أعمل"".

وحتى بعد استلام الشقة والانتهاء من دفع أقساطها، ترى "نهى" أن حقها طوال تلك السنوات ضاع، فلم تستفد إلا تعذيب نفسها واستنزاف أعصابها، هذا غير أنها فتحت الطريق أمام زوجها ليطلب راتبها ليدخره في البنك "بحجة تأمين المستقبل".. هي ترفض وتعيش الكثير من المشكلات بسبب ذلك حتى هذه اللحظة.

مطلوبةٌ منه

ولأن كثيرات هن مثل "نهى"، تقول المستشارة الأسرية ليلى أبو عيشة: "بعض الأزواج يرى في راتب زوجته حقاً مكتسباً له لقبوله خروجها من المنزل، في حين أن المرأة لو لجأت إلى الشرع في تبيان حقوقها المالية في كنف زوجها تجد باب النزاع والشقاق قد فُتح على مصراعيه، وقد ينتهي الأمر بالزوجين إلى الطلاق لا سمح الله"، مؤكداً أن المسئول عن توفير مستقبل وكيان الأسرة هو الرجل لا المرأة، وليس على المرأة أبداً أن تنهك تفكيرها وصحتها النفسية في توفير سكن أو سيارة ..الخ من الحاجات المادية، بل هي مطلوب منها فقط أن تعيش وفق إمكانيات زوجها وترضى بها، ولكن للأسف الموازين كلها أضحت مقلوبة إلا لدى من رحم الله".

وأضافت: "للأسف المرأة التي تعيش ضغطاً نفسياً بسبب استغلال راتبها نتيجة ضيق حال زوجها، تغرق في الخلافات، سيما في حال عدم تقدير الزوج لما تقدمه من عطاء سواءً على مستوى المنزل أو على مستوى المال، فتضطرب لديها المشاعر، وتنشأ عندها حالة من الغضب والرغبة بالانتقام، بل إنها قد تتخلى عن أنوثتها فتصبح عدائية سيما لو خيرها زوجها بين الراتب، أو الطلاق"، مردفةً بالقول: "تقوم المرأة هذه الأيام بدور المرأة والرجل معاً، تعود إلى بيتها مثقلةً بالتعب، لتبدأ مهامها المنزلية من تربية الابناء والأعمال المكدسة الغسيل والطهي والكي.. الخ، وهذا يزيد الضغوط النفسية عليها إلى درجة أنها قد تنهار عصبياً سيما لو كانت تتعرض لحالةٍ من الاستغلال الزوجي، وبذلك تستمر في حياةٍ غير مستقرة".

ونصحت أبو عيشة النساء الموظفات بضرورة وضع حدود لمسألة المشاركة المادية داخل المنزل، "وإلا ركن الزوج إلى قدرة زوجته على الإنفاق حتى وإن لم يكن محتاجاً، بل واعتبر مشاركتها فرضاً لا يقبل النقاش"، مبينةً أن ما يدفع المرأة إلى استنزاف عقلها وصحتها في التفكير بمستقبل الأسرة غالباً هو "عاطفتها الجياشة" التي لا تسمح لها برؤية أطفالها وهم يطلبون الشيء ولا تحضره لهم إن كانت قادرة، في حين يستغل بعض الرجال هذه النقطة فيتركون بيوتهم فارغةً من الطعام والشراب حتى تتحرك الزوجة من تلقاء نفسها فتوفره.

ولفتت إلى أن متطلبات الحياة اليوم أضحت أكبر، ولهذا ليس من العدل أن تحتفظ المرأة براتبها لنفسها خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي المتردي داخل قطاع غزة، لكن على أن لا تهبه كله إلا إذا أرادت هي ذلك، مشددةً على أهمية أن تساهم المرأة بما تطيق، وأن لا تجعل الهموم المالية وتوفير احتياجات الأسرة "التي هي من واجبات الرجل" تُضيّع عليها أجمل سنوات عمرها "وأن ترمي حملها على الله، وتعيش كما قدر لها لعله يحدث بعد ذلك أمراً".