فلسطين أون لاين

لهذه الأسباب.. نفي بعضٍ وجود كورونا يخالف الشريعة

...
غزة -هدى الدلو

رغم البلاء الذي اجتاح دول العالم، والإصابات التي تسجل يوميًّا في صفوف المواطنين بداخل قطاع غزة إلى جانب الوفيات، يعتقد بعضٌ أن فيروس كورونا "غير موجود"، ويزعم آخرون أنه "كذبة" فلا يقتنعون بما تبثه الأخبار، ولا يلتزمون بالإجراءات والقرارات التي تصدر عن وزارتي الداخلية والصحة، هذا إلى جانب ما يروجونه للناس، وقد يشكلون خطرًا على من حولهم، فما أثر تلك الفئة على المجتمع؟، وكيف نتعامل معها؟

الداعية مصطفى أبو توهة يقول لصحيفة "فلسطين": "صدق القائل حين قال (ولله في خلقه شئون)، هما كمن خلق الله من يخرج عن الجادة ومن ورائه خلفية ثقافية نشأ وتربى عليها فهو مجذوب إليها بحكم تلك التربية التي نشأ عليها، فمنهم غير المبالي والمستخف والمستهزئ والساخر والغافل واللاهي، ومنهم اليقظ والعاقل والنبيه والحذر والجاد".

ويشير إلى أن تلك طبيعة الحياة التي خلقها الله (تعالى) على قاعدة الأضداد، ليستمر هذا الكون، ولعل الجائحة التي اكتوى العالم بنارها وأصابتنا من قريب خير مثال على بعض النفسيات التي أبت إلا أن تعبر عن نفسها بالشكل والصورة والكتابة والإيماء وفي كل ميدان متاح في هذا الزمان.
ويبين أبو توهة أن هذا الأمر قد يصيب بعض العقلاء بالإحباط والحزن، لأن هذه السفاهة عواقبها لا تقف عند صاحبها، بل يتعدى شرها إلى غيرها، متمثلًا في عدم الانضباط والالتزام بالإرشادات والنصائح التي بحت بها أصوات الحريصين على سلامة الجميع، ومنهم هؤلاء المكذبون غير المبالين الذين بلغ فيهم الجهل الحد الذي يصدق فيه قول المتنبي (لا يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه)، وكما شاع على ألسنة العوام (الجاهل عدو نفسه).
ويوضح أنه أمام هذه الشريحة التي تريد بجهلها أن تخرق السفينة من القاع فيغرق الجميع، وهذا التكذيب الذي يتبعه عدم مبالاة؛ يجب على العقلاء أخذ موقف حازم بالضرب على أيديهم، وأخذ الإجراءات القانونية بحقهم دون ظلم.

ويلفت أبو توهة إلى أن تلك هي اللغة التي فرضها هؤلاء العابثون على العقلاء في مجتمع قائم على قاعدة أن البلاء عام والرحمة تخصص، إذن لا ظلم ولا عدوان على ما قاله القرآن "فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ".

                                                                             مساهمة في انتشار المرض  
بدوره يقول الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية د. زياد مقداد أنه بالفعل قبل أن يغزو فيروس كورونا قطاع غزة وذاع وانتشر في بلاد العالم فئة من الناس يكذبون الخبر، ويدعون أنه محض أقاويل وابتداع، وأن هذا المرض يقصد به مقاصد خاصة لدول وحكومات وأشخاص، وترويج لشركات أدوية وينسجون من تلك الأقاويل قصصًا كثيرة.

وينبه إلى أن ذلك له أثر سلبي على الناس، فيستخفون هذا الوباء الذي أصبح واقعًا، ولم يعد المرض مجرد إشاعة بل حقيقة، أمام ملايين الإصابات وآلاف الوفيات والمعاناة التي بثت عبر الفضائيات، ونجد من يكذب هذه الحقيقة ويريد تغطيتها كما تغطى الشمس بغربال.
ويوضح مقداد أن الانسان ينبغي أن يقف أمام هذا المرض موقف المتوقي والحذر، ويأخذ بالأسباب، ويلتزم بالإجراءات القائمين على عدم انتشاره لحفظ النفس من الإصابة وأهليهم، خاصة بعد أن انتشر ووصل إلى القطاع.

ويشير إلى أنه بإشاعاتهم يساهمون بشكل أو بآخر في انتشار المرض بعدم الأخذ بالإجراءات والاحتياطات، ما يسبب انتقال العدوى.
ويضيف مقداد: "فهم بذلك يخالفون الشريعة الإسلامية وأمر الله الذي أمر بالأخذ بالأسباب الذي هو دين وعبادة، ولا يتنافى مع التوكل على الله، كما فيها مخالفة للقانون والدولة التي تستنفر كل طاقاتها من أجل حماية الشعب".

ويختم: "إن الأوبئة ليست شيئًا مستحدثًا، بل عرفت على مدار التاريخ في عهد عمرو بن العاص وعمر بن الخطاب، وعهد الأمويين، وفر المسلمون من الأمراض إلى الجبال لحماية أنفسهم، فلذلك لا بد من إقناعهم وأن ما يفعلوه مخالف لأسباب السلامة والوقاية والشريعة والقانون، وإلا يجب على الحكام أن يضربوا بيد من حديد من يروجون تلك الإشاعات حتى يعودوا إلى رشدهم".