صفق الجمهور بحرارة لأعضاء فريق السيرك بعد أن قدم عرضًا مبهرًا دلَّ على كفاءة التدريبات التي تلقاها في صالات مغلقة مزودة بإمكانات هائلة، هذا العرض لم يقدمه فريق "سيرك غزة" حديث النشأة، بل كان في الصين، وشاهده أعضاء الفريق الـ(12) عبر موقع (يوتيوب).
يحرص هؤلاء على متابعة السيرك عبر شاشات التلفاز ومواقع (الإنترنت)، ويستفيدون من العروض المختلفة، لكن ليس لديهم أدنى ما تملكه الفرق العالمية.
ويطبق الأعضاء ما يرونه في صالة صغيرة، تفوح رائحة الرطوبة من كل زاوية منها.
كانت بداية الفريق الغزِّي في عام 2011م، حينما انضم الشابان أحمد مشتهى وشادي شرير (من سكان حي الشجاعية) إلى دورة سيرك في مركز القطان الثقافي، بمدينة غزة.
يقول مشتهى (28 عامًا): "عندما سجلنا في المركز كنا نعتقد أنها دورة لإعداد مهرجين، لكننا فوجئنا بأنها تدريب على فنون السيرك لأول مرة في غزة، بدعم من مؤسسة "الجبل" البلجيكية".
مجددًا يحرم الاحتلال الإسرائيلي الشبان المشاركين تحقيق إنجاز فلسطيني جديد، ويحول دون وصول مدربة السيرك البلجيكية بابو سانشيز إلى غزة لتأسيس أول فريق ومدرسة لتعليم فنون السيرك.
"وظلت فكرة تأسيس مدرسة بغزة تراودني، فتعلمت عبر (الإنترنت) عدة فنون، أبرزها رمي الكرات الثلاث" يقول الشاب شادي شرير (26 عامًا)، وبدا آسفًا وهو يتحدث لـ"فلسطين".
يضيف وقد اتكأ على حائط وأسند رأسه بيمينه: "واصلت التدريب أنا وصديقي مشتهى بعد أن منع الاحتلال مدربة السيرك من دخول غزة، فأسسنا فريق "سيرك غزة" في عام 2014م، ووفرنا إمكانات بسيطة جدًّا".
ولعدم وجود صالات خاصة بتعلم فنون السيرك استأجرا حاصلًا في حي الشجاعية، ووضعا فيه فرشات إسفنجية وحبل السلك الهوائي، و"الترابيز" (حبلان معلقان بالسقف مربوطان بقطعة حديد)، وبعض ألعاب الخفة (جونجلير).
كان طارق أبو شقير معلقًا على حبل السلك الهوائي، ليُفاجِئه التيار الكهربائي بالانقطاع، وسرعان ما أضاء مشتهى كشافًا صغيرًا ليواصل التمارين برفقة اثنين من أعضاء الفريق على ضوء كشّاف.
يقول لـ"فلسطين": "كما ترى هذا حالنا، أشعر أننا منفيون، مع أهمية ما نقدمه من فن يرفه عن الكبار، ويدخل الفرحة إلى قلوب الصغار".
وأضاف أبو شقير (20 عامًا): "شارك فريقنا "سيرك غزة" في كثير من العروض البهلوانية والترفيهية في مناسبات مختلفة، لكننا لم نجد أي دعم أو تبنٍّ لفكرتنا".
بينما يقول شرير: "ما أحلم به تأسيس مدرسة لتعليم فنون السيرك، يا لو تحقق ذلك فسأجتهد لتقديم كل ما لديَّ" ربت مشتهى الذي يدير فريق "سيرك غزة" على كتفي الشابين، وهو يقول: "لا تقلقوا، يكفي أننا أصدقاء يرى بعضنا بعضًا دومًا، حتى لو كان السيرك في بلادنا منفيًّا".