لا شكّ بأنّ رسالة الأسرى تحرّك السفينة وترفع شراعاً مهماً في توجيهها الوجهة الصحيحة، ووضعها عرضة لرياح الخير التي تأخذ بيدها قدما نحو أهداف القضية الفلسطينية السامية، تعيد الرؤية الصائبة وتوقظ الهمم وتشعل الإرادات الصادقة والعزائم النبيلة وترفع علما واحدا هو علم فلسطين، تذكر المجتمعين بوثيقة الاسرى التي عبرت خير تعبير عن الوحدة والوفاق الوطني وبرنامج العمل المشترك، تضع الانسان الفلسطيني الحرّ الذي بذل حياته كلها لحرية شعبه ونصرة قضيته على راية خفّاقة, أمام الاخوة المتخاصمين لتحرك أعماق اعماقهم وتزرع فيها صدق النوايا وروح الصف الواحد الذي لا يجوز له أن ينقسم أو أن يبتعد ولو شيئا قليلا عن وحدة روح هذا الانسان الذي شكّل المستقبل المشرق والامل.
ومما ورد في رسالتهم انه لا ينبغي ان تكون قضية الاسرى قضية موسمية وينبغي ان تعطى أولوية، هو حالهم بالفعل الان موسميا، الاحتفاء بهم يوم الأسير، والوقوف معهم حالة وجود اضراب مفتوح عن الطعام أو استشهاد احدهم أو تعرضهم لقمع جماعي، يطنطن الاعلام وتطالب كل جهة لها علاقة بالاسرى وقوف الجميع الى جانبهم وتحمل المسئوليات ومطالبة المجتمع الدولي ... الخ ويطالب الجميع الجميع أن يضع الاسرى على رأس سلم أولوياته، مسكين هذا السلّم كم نحمّله من قضايا وكم هو حمله ثقيل.
الجهات التي تعمل لقضية الاسرى كثيرة ومتنوعة رسمية وغير رسمية، والأنشطة كثيرة ومكرورة ونادرا ما نجد نشاطا نوعيا رغم أن الكلّ يدّعي النشاط النوعيّ، وإذا أردنا أن نصنّف الأنشطة فسنجدها على أربعة:
أنشطة إعلامية وغالب اعلامنا اعلام محليّ فنجد أنفسنا نخاطب ذواتنا ونادر ما يخرج اعلامنا ليكون دوليّا وإن خرج فلن يكون قويا الى درجة قوّة الأعداء في اعلامهم. فقد وجدنا مثلا أسيرهم " شاليط" قد تحوّل الى قضية عالمية يطرح أمره في كلّ المناسبات وعلى أعلى المستويات.
أنشطة قانونية لم تجد بعد طريقها الى المحاكم الدولية لتحاكم الاحتلال على جرائمه المتكرّرة خاصة في موضوعين: من استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي المتعمّد أو الذين استشهدوا في عمليات القمع الوحشية التي مارستها فرق الموت في السجون مثل فرقة متسادا.
أنشطة ثقافية حيث تطورت كثيرا هذه الأنشطة مع تطور أدب الحركة الاسيرة وما زالت تحتاج الى المزيد من الاعمال الفنية: المسرحية والدرامية التي تطرح الجرح النازف هناك وتحرر كثيرا من رواية الاسرى وقصصهم ذات البعد الإنساني الكبير، ثم إن هذا الإنتاج الفني بحاجة الى تطويره بغية أن يصل الى المستوى الدولي لينافس في مهرجانات تصبح قصة الاسرى حاضرة وبقوّة في الوعي العام للناس كافّة.
ثم الرابع ما عليه المقاومة في الجهود الجادّة والتضحيات الجسام والمثابرة التي لا تتوقّف بغية تحرير الاسرى بالطريقة التي لا يفهم المحتلّ سواها.
الاسرى للمجتمعين على طاولة الوحدة وجمع الصف الفلسطيني يجب ان تحظى بالاهتمام الحقيقي والفعلي والتي أرى أن كل تقدّم على صعيد حضور القضية الفلسطينية بكلّ أبعادها في العمل السياسي المشترك على برنامج وطني واحد من شأنه أن ينعكس إيجابيا على قضية الاسرى وتحريرهم من براثن هذا العدوّ الذي لا يعرف الا لغة واحدة ولا يستوعب سواها.