بعد خراب مالطا عقد عباس اجتماعا للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية التي هي داخل المنظمة، وتلك التي هي خارجها، من خلال الفيديوكونفرنس. لست أدري بدقة ما يعنيه خراب مالطا الذي يضرب مثلا على اليأس من الإصلاح، الذي يأتي متأخرا، وأصله فيما يبدو أن نابليون الفرنسي بعدما احتل مالطا خربها ودمرها، وفر أهلها منها إلى صقليا، ثم عادوا بعد تحرير الانكليز للجزيرة الخربة؟!
فهل حقا كان الاجتماع اليتيم هذا بعد خراب مالطا؟! الإجابة تقتضي الرجوع إلى الخلف قليلا وحصر الأحداث التي ضربت فلسطين المحتلة، بعد قرار إصلاح منظمة التحرير، وتشكيل مجلس للأمناء العامين للفصائل، وقد دعا لعقده جل الفصائل مرارا دون أن يستجيب عباس لدعوتهم؟! بعد تاريخ التأسيس لم يجتمع مجلس الأمناء العامين إلا يوم الخميس أول أمس٣/٩/٢٠٢٠م، لأن الاجتماع منوط بدعوة عباس كرئيس للمجلس، والداعي الوحيد للاجتماعات.
الأحداث الكبيرة هي: صفقة القرن، وإعلان نيتنياهو عزمه ضم ٣٠٪ من أراضي الضفة الغربية، ووقف التنسيق الأمني وتداعياته، ودخول السلطة في أزمة مالية حادة، وأخيرا تطبيع الإمارات علاقتها مع (إسرائيل)، بخروج سافر عن مقتضيات المبادة العربية، مع إدارة الظهر لمحمود عباس، ورفض الجامعة العربية طلب فلسطين بعقد اجتماع طارئ لإدانة خروج الإمارات عن الإجماع العربي...؟!
هذه ربما كانت أهم الأحداث الكبيرة التي ضربت القضية الفلسطينية بخنجر في الظهر، وقلصت مكانة عباس، ومركزه السياسي، وحجمت دور السلطة، وكشفت عن تداعيات أسوأ قادمة على طريق التطبيع، ومخالفة الإجماع العربي، وإدارة الظهر لعباس الذي فشل في الحصول على دعم مالي عربي، بعد توقف الدعم الأميركي، وتلاعب (إسرائيل) بأموال المقاصة.
بعد هذا الخراب الطويل المديد المتعدد التداعيات، جاءت دعوة عباس لعقد لقاء لمجلس الأمناء العامين للفصائل، وقد حضرته قيادات الفصائل جميعها، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي، ليستمعوا لكلمة عباس حول ما جرى، وحول المرحلة والتداعيات، وما يحدده من الواجبات، وكان البيان الختامي للقاء، الذي ألقاه جبريل الرجوب ، يقول : اتفق المجتمعون على: تفعيل المقاومة الشعبية الشاملة، وتشكيل لجنة قيادية لها من المجتمعين.
واتفقوا على تشكيل لجنة أخرى لتسريع إجراءات المصالحة، واتفقوا على إدانة التطبيع والخروج على الإجماع العربي، وأكدوا على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية على حدود ١٩٦٧م. وبقية ما جاء في البيان حشوة تتردد في البيانات الأخرى.
فهل كانت دعوة الاجتماع، وما جاء في البيان ، ما يمكنهما أن يحدث إصلاحا حقيقيا وعمليا لما خربته الأحداث، ومرحلة قيادة عباس المنفردة لها؟! هل يمثل اجتماع الخميس للأمناء العامين، وبيان الاجتماع الختامي دور المحرر العسكري الانكليزي لمالطا بعد خرابها وسرقتها من جنود نابليون؟! هل نحن على صواب إذا قلنا تعليقا على الاجتماع : حسنا هو، ولكنه جاء بعد خراب مالطا؟!