بالنسبة لخطاب السقف العالي فهو مفيد في حالات معينة وضار في أخرى، في حالة المواجهة الأخيرة بين الاحتلال والمقاومة في قطاع غزة، ورفع سقف المطالب ليصل إلى رفع الحصار عن غزة فهو باعتقادي مفيد ويأتي ضمن سياسة حافة الهاوية التي تناسب تلك التي يستخدمها نتنياهو باستمرار داخليًّا وخارجيًّا.
وفي المقابل فإن لهذا الخطاب آثارًا جانبية قد تكون سلبية لدى فئتين من الناس: الفئة الأولى: فهي فئة ما يمكن تسميتهم بغير المختصين في السياسة ممن يعتقدون أن كل كلمة تقولها المقاومة في إطار استخدامها في الحرب النفسية المشروعة على العدو يجب أن تقوم بتحقيقها بعد ذلك، وليس هذا صحيحًا، ويشمل ذلك أيضا بعض أنصار المقاومة والمتحمسين الذين يعتبرون أن هذا يمس مصداقيتها، وقد يفعل إن تكرر الأمر دون إنجازات على الأرض أو دون أن تتواصل قيادة المقاومة مع أنصارها لتشرح لهم الموقف وتسعى لرفع درجة وعيهم، كما أن الثقة التي بنيت بمدادٍ من جهد وعرقٍ ودمّ ستسهم كثيرًا في الحد من التداعيات الجانبية للخطاب العالي.
أما الفئة الثانية فهي فئة المتربصين أو فلنقل بعض الخصوم الذين يسعون لتسجيل نقاط على خصومهم، وقد يكون هذا مشروعا وقد لا يكون، وهو في كل الأحوال ظاهرة شائعة في ساحتنا العربية والفلسطينية.
لم أكن أتوقع مطلقًا أن يكون تصعيد البالونات الأخير مقدمة لمواجهة واسعة وبنسبة أقل لمواجهة محدودة، فالظروف المحلية والإقليمية والدولية قد تكون لا تسمح بذلك، وقد ارتفعت نسبة هذا التقدير احتمالًا بسبب الكورونا، لذا اعتبرت بأن خطاب السقف العالي هو تكتيك حكيم ومفيد من قبل المقاومة حيث تواجه عدوًّا لا يفهم إلا هذه اللغة خاصة إن صدرت من مقاومة صادقة مستعدة لكل السيناريوهات والاحتمالات بما فيها المواجهة.
ما حققته المقاومة في الجولة الأخيرة مقبول وجيد في ظل الظروف الصعبة وهي جولة واحدة من جولات قادمة ومناوشات مستمرة لم يدفع فيها شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة أثمانًا باهظة كشهداء وجرحى.