يلتقي اليوم في رام الله وبيروت قادة التنظيمات الفلسطينية بما في ذلك تنظيما حماس والجهاد، ولأهمية هذا اللقاء من حيث الزمان الذي يشهد التآمر المكشوف على القضية الفلسطينية، ومن حيث مكان الانعقاد الذي يشي بمساوئ أوسلو التي لا تسمح للفلسطينيين باللقاء فوق ترابهم رغم البساط الأحمر للرئيس، ورغم منصب رئيس وزراء، ومنصب وزير وقائد عام ومسؤول جهاز مخابرات، فمكان الانعقاد بيروت يتحدث عن تشابكات القضية الفلسطينية بين الداخل والخارج، وعن عمقها العربي.
وحتى لا نتهم من خلال النقد بتخريب المصالحة الفلسطينية، ووضع العصا في دواليب التوافق الوطني، سأقتبس من بيان الناطق باسم الرئاسة، وأناقشه، وأقدم له ملاحظاتي النقدية.
يقول الناطق باسم الرئاسة: إن الاجتماع الذي سيعقد اليوم بمشاركة الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس يمثل رسالة واضحة للجميع أن فلسطين بشعبها ومقدساتها أكبر من كل المؤامرات".
ما دامت الرئاسة تعترف أن مثل هذا اللقاء الموسع لقادة التنظيمات يمثل سداً منيعاً في وجه كل المؤامرات، فمن الجهة التي عطلت مثل هذا اللقاء على مدار 15 عاماً خلت؟ ومن الذي استعصم بموقفه وموقعه، ورفض دعوة قادة التنظيمات إلى الاجتماع رغم إلحاح بنود اتفاقية الوفاق الوطني التي وقعت في القاهرة 2011؟ ومن الذي استخف بمقررات اللجنة التحضيرية التي انعقدت في بيروت يناير 2017 وضمت كل الفصائل بما فيها حركة فتح، وطالبت الرئيس بتشكيل حكومة وطنية، وطالبته بدعوة الإطار القيادي للاجتماع؟
2ـ يقول الناطق باسم الرئاسة: "إن الهدف الأساسي لاجتماع أمناء الفصائل الفلسطينية هو البدء بخطوات مهمة على طريق تجسيد الوحدة لـ "إسقاط مؤامرة الضم والاستيطان وتهويد القدس".
من حقي كعربي فلسطيني أن أسأل: ما دمتم قد أدركتم أن الوحدة هي العلاج الشافي للضم والتهويد، فلماذا تباطأتم حتى استفحل المرض؟ ولماذا اقتنعتم اليوم أن البدء بخطوات مهمة لإسقاط التهويد والضم لا تتم إلا من خلال الوحدة؟ لماذا اليوم؟ ولمصلحة من عبرت السنوات الطويلة دون وحدة حقيقية؟
3ـ ويواصل الناطق قائلاً: الاجتماع سيرسل كذلك رسالة قوية وواضحة للجميع بالحفاظ على الأسس التي تؤدي لقيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها والتمسك بمبادرة السلام العربية"
فهل معنى ذلك أن الدعوة للقاء قادة التنظيمات تهدف إلى إيصال الرسال إلى أمريكا وإسرائيل، لتمهيد الطاولة لاستئناف المفاوضات؟ وهل هذا هو الأساس الذي سينعقد عليه الاجتماع؟
وهنا لا بد من التذكير ببعض الأسباب التي عجلت بلقاء الأمناء العامين للتنظيمات الفلسطينية:
أولاً: ما زالت طائرة السيد عباس تربض في مطار عمان دون إقلاع، وفي ذلك رسالة إلى قادة التنظيمات المجتمعين في رام الله وبيروت، مفادها أن السيد عباس أمسى معزولاً، وأن شبح البدائل يلوح في الأفق، ولهذا تمت دعوة قادة التنظيمات لشد العضد، ولا عيب في ذلك، ولكن العيب في تفويت فرصة الاجتماع دون الخروج بمواقف ملزمة موثقة وواضحة المعالم.
ثانياً: يراهن السيد محمود عباس على فشل ترامب في الانتخابات، لتأخذ السياسة الأمريكية نمطاً جديداً مع القيادة الفلسطينية، وهذا يحفز قادة التنظيمات للحصول على أقصى ما تستطيع من مواقف تخدم القضية الفلسطينية، وتسهم في تعزيز برنامج المقاومة.
مهمة شاقة تنتظر قادة التنظيمات، والجماهير لا تراقب، وإنما تخزن في الذاكرة، ولن تقبل بمصالحة شكلية، ولقاءات تعقبها بيانات، الناس ترقب جدولاً زمنياً للتطبيق، وتنتظر مواقف ميدانية، وإجراءات عملية، أولها وقف الإجراءات العقابية ضد غزة، وإطلاق سراح المعتقلين، وإعادة رواتب الموظفين المعذبين بالخصم والقطع، والتطبيق الفعلي لقرارات المجلس المركزي، ومحاربة الاحتلال بكل الوسائل والإمكانات، والتصدي للعدوان بعزم وحزم.