فلسطين أون لاين

غزة.. الجاهزية عمل على جبهتين

غزة ليست دولة، ولا تملك مقدرات دولة، وليست لديها صناديق مالية سيادية للأجيال. غزة كسائق سيارة الأجرة رزقه "يوم بيوم"، وكالبائع المتجول رزقه "يوم بيوم"، وليست عندهما مدخرات لشهر أو لبضعة أشهر. مستشفيات غزة محدودة، تعمل بنسبة إشغال تتجاوز ١٠٠٪‏ في الأحوال العادية، فكيف حالها يكون في الأزمات كأزمة جائحة كورونا.

غزة ليست مصنعة للأدوية، ولا يوجد بها مصنع لحبة الأكامول، أو لأدنى مضاد حيوي، وهي تستورد أدويتها من الخارج، ومن التبرعات. غزة ليس بها مصنع للشاش، ولا للقطن، ولا لغيرهما من المستلزمات الطبية، ومتابعة هذه العجوزات أمر يطول، وما ذكرنا يفي بغرض المقال.

غزة هذه تعيش الحصار الخانق الدائم، منذ عقد ونصف تقريبا، وما زالت دولة الاحتلال تحاصرها، وتقصف مواقع مختلفة فيها، وهي تساومها على تقديم المستلزمات الطبية، كأجهزة التنفس الاصطناعي، لمواجهة موجة كورونا الأخيرة، مقابل وقف البالونات والمقاومة. غزة إذن قدرها أن تقاوم على جبهتين: (جبهة كورونا، وجبهة الحصار). ولا خيار لها، ولا تستطيع الوقوف على جبهة واحدة، وترك الجبهة الأخرى.

غزة هذه يخبرنا فيها أصحاب القرار من وزارتي الصحة والداخلية، أنهم جاهزون للتعامل مع واقع هذه الحالة، ومع تطوراتها السلبية الممكنة إذا لم تكن تطورات فادحة وواسعة الانتشار. الجاهزية هنا مسكونة بقدر من الشجاعة والحماس، أكثر منها حالة واقع وميدان، فقد علمت مؤخرا أن المستشفى الأوروبي بخان يونس، الذي خصصته وزارة الصحة لمصابي كورونا في كل أرجاء القطاع، يمكنه وضع مائة مريض فقط على أجهزة التنفس الاصطناعي، والمستشفى نفسه بكل مكوناته يتسع فقط لأربعمائة سرير أو مريض. فهذه الجاهزية النسبية قد تعجز عن تحمل تداعيات الوباء وانتشاره لا سمح الله. لذا قلنا إن جاهزية غزة مسكونة بالحماس والشجاعة، وقولنا هذا ليس لمزا، ولا تقليلا من جهود العاملين، ولكنه تقرير للواقع، ومكاشفة شفافة للمواطن، ليكون عونا لنفسه ولغيره.

نعم، نريد من الجهات المسئولة تطوير الجاهزية، وتعزيز الموجود ببعض ما يجب على دول العالم أن توفره لغزة وهي في حالة الحصار هذه، أو أن تضغط الدول على الاحتلال ليرفع الحصار عن غزة حتى يتسنى لغزة تطوير واقعها الصحي، وتعزيز الموجود منه بشكل مباشر وبالاعتماد على النفس.

لذا قلنا إن غزة تعمل مضطرة على جبهتين: (جبهة العدو، وجبهة كورونا). ومن هنا نقول: إن الجاهزية في بعض معانيها تعني العمل على رفع الحصار ومقاومته. وهذا المعنى لا يوجد في العالم ، ويوجد فقط في غزة والضفة المحتلتين.