فلسطين أون لاين

دويلات الهوان وصناعة الشيطان!

نظرت إلى خريطة العالم السياسية فرأيت من ضمن ما رأيت المئات من الدول والدويلات، والنظم القبلية والعشائرية، والكيانات الميكروسكوبية، منها ما هو على اليابسة، ومنها ما هو داخل المحيطات والبحار المجهولة كأنها الفطر أو الهالوك تتعلق بهذه الدولة الاستعمارية أو تلك، أو بعيدة جدا لا تحددها إلا خطوط الطول العرض، ولا يسمع بها الا المتعمقون في البحث الجغرافي والمغامرون ...!

من هذه الكائنات السياسية من صنعت واعطيت اسم دولة، وجرى ضمها إلى الأمم المتحدة زورا والى منظمات اقليمية وزخرفتها بعد تلميعها وإلباسها لباس " دولة " مهما تكن ..!

هده الدولة تفاخر بتبعيتها، وانتمائها لهذه الدولة الاستعمارية أو تلك ..!

والبعض منها ادخلت منظمة الامم المتحدة بكل اعتبارات الدولة ومقاييسها وهي لا مقياس ولا وزن ولا قيمة لها ...

إن دولة مثل دولة " نورو " لا تتعدى مساحتها 21 كيلو مترا مربعا!!

انظروا كيف نحدد موقعها : "هي جزيرة تقع في أرخبيل " ميكرونيزيا " في المحيط الهادي وإن أقرب جزيرة لها جزيرة " بانابا " في جمهورية " كريباس " التي تبعد عنها 300 كيلو متر شرقا، وهي تعتبر اصغر دولة جزرية في العالم، وهي الجمهورية الوحيدة في العالم التي ليس لها عاصمة رسميا، الا ان بها مدينة مركزية واسمها " يارين " كما ان تعداد سكانها نحو 15 الف نسمة وهم مجموعات من " ميكرونيزيا وبولينيزيا " تاريخها حافل باحتلال ألماني ثم استراليا ثم نيوزيلندي وبعده بريطاني، ثم احتلتها اليابان في الحرب العالمية الثانية ثم استعادتها بريطانيا، وقد استقلت 1968 .

 قصدت ان أورد هذه الاسماء الغربية، وفي التفاصيل ما هو اكثر، كي أظهر غرابة الوضع في هذه الجزيرة، وامثالها الكثير في الماء واليابسة ...!!

وهكذا نرى أن عدد الدول الأعضاء في الامم المتحدة حاليا202 دولة منها الكثير من مثل هذه الدولة أو أقل شأنا منها ..!!

لقد صنعت هذه الكيانات لتكون دولا في هذا المحفل الدولي، وحيث ان معظمها من صناعة بريطانيا أو أمريكا أو فرنسا أو ...، فإنها ما زالت تدور في فلك هؤلاء الأسياد، فتقف في الامم المتحدة تصوت لها، وهي على نفس موقفها لا تخالفها أبدا... وهكذا لم نسمع ان هذه الكائنات الدولية، قد نازعت أو اطلقت رصاصا او " فتيشة " من أجل ان تتحرر او تستقل ...!

الشيخ زايد يشهد

أقرب شاهد على ما هو اكبر من ذلك هو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان /مؤسس هذه الدويلة التي طبعت مع العدو الصهيوني مؤخرا يشهد امام جمع حاشد من الصحافيين ورجال الاعلام، وكبار المسؤولين والشخصيات بمناسبة اليوم الوطني لدولته عام 1987 يشهد ويقسم بالله ان بريطانيا لم تكن دولة مستعمرة...!! هكذا قال وأضاف " لقد طلبنا منهم البقاء.. لكنهم ما أطاعوا .. على حد تعبيره، أي لم يقبلوا .. " هذا الشيخ كان يلقب بـ ( حكيم العرب )...!

ما شاء الله على هكذا حكيم ..!

فما أدراك ببقية من هم غير حكماء ...!

هذا الحكيم وضعه على كرسي الحكم الميجر البريطاني " بتس " على رأس امارة ابو ظبي، خلفا لأخيه ( شخبوط ) المعروف بكرهه للانكليز وسياساتهم ..

هل تحتاج لذكاء لمعرفة "الشيطان " الذي صنعها!؟

هذا الشيطان كان بارعا في صناعتها ...!

لقد أعطى هذه الكائن وصف "عربي " لكي تدير ظهرها للعرب والعروبة دون خوف او وجل في كل المجالات ..!!

أنظر إلي قوانين الإقامة، وكيف يتحصل العرب علي الاقامة، من خلال جهاز" أمن الدولة " الذي يقشر جلود ابنا العرب، والصعوبات والعوائق التي يصنعها قبل ان يسمح بالإقامة لهؤلاء المساكين الذين جاؤوا من أوطانهم لكسب لقمة العيش لعائلتهم واهلهم بكدهم وعرق جبينهم في بلاد حَباها الله بالخير والنعيم .. في حين يستمتع الغرباء من غير العرب بإعفاءات من الذهاب لأجهزة الأمن، ويجدون كل الترحيب، وحسن الاستقبال ..!

جميع العرب لهم دولهم الا الفلسطينيين شاءت الاقدار ان لا يكون لهم دولة، وقد جاءوا للبحث عن العمل وتأمين عيش ذويهم في الشتات ..

هولاء المساكين، فعلا يتم التفنن في التعامل معهم أمنيا .. هذا من الجبهة الشعبية هذا من الصاعقة، هذا من فتح الى اخر ..!!

وكأن انتماءهم للعمل الوطني عار أو عيب، رغم أنهم جاؤوا مسالمين لا هم لهم إلا ايجاد عمل يكسبون منه لقمة العيش ليس الا ..

الذي يهمني قوله في هذا المبحث الضيق أن اخوض في بعض التفاصيل التي تتعلق بمعيشة وحياة المواطنين العرب ( العمالة العربية ) في هذه الدولة، وبالذات وضع الفلسطينيين الذين لا دولة لهم .

ربما يصل عدد الجالية العربية نحو مليون نسمة، يبلغ عدد الفلسطينيين منهم نحو مائتين وخمسين الفا يحملون الجنسية الفلسطينية والأردنية، واعداد قليلة بجنسيات اخرى عربية واجنبية من مجموع سكان الدولة البالغ نحو 12 مليون نسمة منهم 80 % من الهنود ونحو 15% من الباكستانيين وغيرهم من الآسيويين واخرين . أما أبناء البلاد والمجنسون فيتراوح عددهم بين 800 ألف ومليون يتمتعون بكل الامتيازات والسلطات ....!! واعنى هنا، التعليم المجاني والممنوح والصحة والطبابة والوظائف والاعمال الادارية والتجارية وغيرها وهذه الحقول أصبحت منذ اكتر من 15 عاما ممنوعة منعا باتا على أبناء العمالة العربية ..!! العرب عليهم ان يتجهوا نحو المدارس الخاصة والجامعات الخاصة لتعليم أبنائهم وعليهم ان يتجهوا الى المستشفيات الخاصة والعيادات الخاصة للعلاج والطبابة، وهكذا .. وهذه الاشياء باهظة الثمن والكلفة، لا يستطيع الكثير منهم تحملها، فيبقى المريض على مرضه، ويتوقف الطالب عن مواصلة تعليمه سواء في المدرسة او الجامعة ..!!    

اللهم لا حسد، ولا ضيق عين!!

ابناء العرب يرون ويعرفون أن الدولة غنية ولا تعاني من أزمات اقتصادية، بما يمكنها أن تفتح مدارسها وجامعاتها وجميع مؤسساتها امام أبناء العرب في أرض العرب ودون التسبب في أي مشكلات ... وقد كان الامر كذلك يوم كانت اسعار النفط 20 دولارا للبرميل أو أقل ويتساءل هؤلاء البؤساء كيف أن الدول العربية المحدودة الموارد توفر هذه الخدمات مجانا وبكل اريحية وبدون منة أو اشارة ..!

حق التعليم في المرحلة الابتدائية حق من الحقوق الانسانية الاساسية يجب ان يتمتع به كل السكان في كل دول العالم، فما أدراك بالدول الغنية والفاحشة الغنى من مثل هذه الدولة ..!؟

والعجيب ان اعداد المدارس كثيرة والفصول متوفرة تستطيع استيعاب هؤلاء أبناء العرب الغرباء والبؤساء ..

وهكذا المستشفيات ودور الرعاية الصحية للدولة ممنوعة المجانية فيها لهؤلاء العرب وتكاليفها باهظة، تجعل الكثير يبقون على أوجاعهم وأمراضهم حتى يموتوا أو يتوقفوا عن الحركة اللهم الا ان تتكفل جمعية او فاعل خير ...!!

وما يقال عن الدول الفقيرة الخيرة يقال هنا مع الاستغراب والتعجب وهذا ويبلغ الاستغراب مدها حين يدفع هؤلاء المساكين فاتورة الكهرباء بأكثر من خمسة اضعاف ما يدفعه المواطنون الامر الذي لم نسمع عنه في جنوب افريقية أيام التفرقة العنصرية، ولا في دولة الكيان الصهيوني على ارض فلسطين ولا في دولة " جحا " .. وحدِث عن الرواتب الزهيدة والمتواضعة في الوظائف بمقارنتها برواتب المواطنين التي تبلغ عشرة اضعاف رواتب الموظفين العرب ..!!

والويل لمن يقول او يطلب زيادة اما ان يطرد او تنهى اقامته او يطرد من البلاد بكل صلف سماجة كأنهم يعاقبوننا ..!

كثير ما تسمعهم يقولون إنكم تأتون إلينا وتتمتعون بخيرات بلدنا وقد كنتم لا تعرفوننا قبل عصر البترول وقد كنتم اكثر منا خيرا ..!!

إنها ثقافة الانتقام السائدة هناك، والتي ترعاها وتشجع عليها الحكومة والجهات المسئولة والعجب العجاب أن ترى بعض الطيبين من ابناء البلاد يستنكرون ذلك ويشككون في ادارة البلد، وهل هي عربية او غير عربية ...!

وما اسهل ان ترى العنصرية و الكراهية حين ترى من يكشر عن أنيابه، ويقول لمن ينتقد او يعترض : إذا لم يعجبك هذا أخرج من هنا واذهب الي بلدك ...!!! تأكلون من خيرنا، وتنكرون .... الخ، والحقيقة ان هذا الموقف الكريه يستوجب فعلا أن يذهب المعترض الى وطنه لكن إذا كان فلسطينيا أين هو الوطن ... ؟ هنا لب المشكلة ...!!

الذي له وطن يمكنه على الاقل ان يرسل أولاده الي الوطن ليتلقوا التعليم المجاني في المدارس والجامعات ويزيح عن كاهله هم الرسوم والمصاريف الباهظة . أما من لا يستطيع الذهاب الي الوطن ... هنا المأساة ..!! وهذه مشكلة بعض ابناء فلسطين في مثل هذه البلاد، والذين يجب ان يرتبط وضعهم بقضيتهم التي اصبحت منسية منذ وقت طويل، وكنا نكتم انفاسنا حتى لا نكون ناكري جميل أو غير مؤدبين..

لله الامر من قبل ومن بعد ..

لقد رأيت نفرا ليس قليلا من ابناء العروبة الصريحة في هده البلاد ومثلها من يستنكر هذه الأوضاع العنصرية، ويشكك أو يجزم بأن صانعي القرار لا علاقة لهم بالعرب والعروبة وأن ما يحدث ما هو الي صناعة شيطانية يتبرأ منها كل حر شريف ..!

واستطيع أن أؤكد أن الواعين من أبناء البلاد المهتمين بعروبتها وكرامتها أصبحوا في غياهب السجون أو في الشتات يعانون ما يعانون بتهمة شيطانية مثل " اخوان مسلمون " وكأنُ الاسلام شر او عيب... والحق أن منهم أهل فكر مستنير وأهل ضمير، وغير اخوان مسلمين .. لكنهم رجال لا يقبلون ما صنع الشيطان في بلادهم ..

ومن العجيب ان هذا كان يحدث أمام سمع وبصر حكيم العرب " الشيخ زايد قبل رحيله " وقد يقول قائل انه لم يكون على علم بهذه الاعمال المشينة! هنا تكون المصيبة اكبر .. لكنه كان يعلم وأن السفراء والقناصل المعنيين بالأمر كانوا ينقلون اليه ما تتعرض له جاليتهم ولو بشيء من الدبلوماسية واللطف إلا انهم كانوا يقولون لرعاياهم لا حول ولا قوة الا بالله ... وحين كان الناس يشتكون اليهم كانوا يواجهون بالبكاء و " الحوقلة " حتى بات الجرح مألوفا وظل مفتوحا يلعب فيه المتطفلون والمنافقون ولاسيما في الاعلام المزور للتحقيق وشاهد الافك والزور وبعذب الكلام والحداء والغناء ....!

اللهم ان هذا الا جزء من الحقيقة المؤلمة ..!

" اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق" .. وهكذا لن أكون مغاليًا إذا ما أشرت بأصبع الاتهام إلى الشيطان الصهيوني الأعلى في صناعة القرار الجائر والمجرم ضد الوجود العربي في هذه "المرحلة" وأنه من غير المعقول أن يكون قرارا من صنع عربي ولو من أسفل العرب وأقلهم شأنًا..

 نعم، غير معقول هذا ...

الصهيونية وذيولها هي المستفيدة الوحيدة من هكذا وضع ...

" اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق ..

واخيرا، وليس من حل إلا أن يهيب اصحاب النخوة والعروبة والكرامة الوطنية من أبناء القبائل والعشائر العروبية والشرفاء من القواسم والشوامس، والنعيم والشرقيين وبني كعب والخواطر وحتى من بني ياس وأل مكتوم وغيرهم أن يهبوا في وجه هذا الشيطان المتصهين الذي لم يعرهم أي اهتمام متحاميا بدهاقنة الشيطنة الصهيونية والامريكية التي ظن انها ظل الله وأنها لا تغلب ... ويقيننا ان بعض الحكام الوطنيين والعروبيين لن يتركوا شعوبهم في هذه المعمعة دون ان يشاركوا فيها او يقودوها ..

التاريخ يقرأ سيرتكم العظيمة والعز والمجد من شيمكم وصناعتكم وللحديث بقية ....