فلسطين أون لاين

خلال مبادرة "احنا معكم" لدمجهم في المجتمع

مكفوفون غزيون يبصرون قوائم الطعام بلغة "برايل"

...
غزة - هدى الدلو

في حياة يتحسسون معالمها بأيديهم المرتعشة، فقد حكمت هذه الشريحة على نفسها بالعزلة المؤبدة، لفقدانهم لنعمة البصر التي حرمتهم من حقوقهم وممارسة حياتهم بشكل طبيعي فهي محاطة بهالة من الخوف والوقوع في الإحراج، والتي يتمثل أقلها عند ذهابهم إلى المطاعم فيجد المكفوفون أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه فيحتاجون لشخص يقرأ لهم قائمة الطعام "المنيو" فيتحرجون في طلب المساعدة ممن حولهم، فقامت مجموعة طلبة من غزة على كسر حاجز العزلة من خلال إعداد قوائم طعام تعتمد على لغتهم العالمية "برايل".

وتوصل الطالب عبد الرحمن مهنا (17 عامًا) وأربعة طلاب آخرون من مدرسة الكرمل في الصف الحادي عشر للفرع العلمي إلى فكرة مشروعهم الخاص "احنا معكم" لدمج المكفوفين في المجتمع، ومساعدتهم على اختيار وجباتهم بأنفسهم دون أن يتسبب لهم في إحراج مع غيرهم لطلبهم للمساعدة.

وأوضح أن الفكرة جاءت من خلال زياراتهم الميدانية للمطاعم، فلاحظوا وجود فئة ذوي الإعاقة بأنواعها المختلفة عدا الفئة الخاصة بالمكفوفين، وإن وجدوا فهم قلة بلا شك ويتعرضون لمواقف محرجة.

تدريبات

وكانت هذه المجموعة الطلابية قد تلقت تدريبات في مخيم تدريبي تابع لمؤسسة النيزك فيما يتعلق بكيفية تنمية الفكر، والتفكير خارج الصندوق والعقل الباطني، فأراد مجموعهم أن يكون لهم بصمة تخدم المجتمع، وأثناء البحث والاطلاع، وجدوا أن فئة المكفوفين من أكثر الفئات التي تعاني من عزلة عن المجتمع، وتجد صعوبة في زيارتهم للمطاعم، فقرروا أن تكون فكرتهم خاصة بهم.

وقال مهنا: "وبدأ بعضنا بالتدريب على لغة برايل الخاصة بالمكفوفين ليعملوا على تحويل النص إلى هذه اللغة، وآخرون توجهوا إلى عدة مطاعم لجمع قوائم الطعام الخاصة بهم، وبعد أن تم تحويلها أعادوا توزيعها إلى تلك المطاعم حتى يتمكن الكفيف من اختيار وجبته بنفسه دون طلب المساعدة من أحد".

وأشار إلى أن هذه المبادرة "احنا معكم" تساعد الكفيف على الانخراط في المجتمع وكسر حاجز العزلة، وممارسة حياته الطبيعية كالناس العاديين، كما أنها تخفف من معاناة هذه الفئة وتشجعهم على الخروج.

حرية وعدالة

ولاقت هذه الفكرة إعجاب المكفوفين، وقد عبرت ملامح المكفوفين عن فرحتهم وسعادتهم بهذه المبادرة بعدما خاضوا تجربة الذهاب للمطاعم، فقد أوجدت لهم مجالًا من الحرية والعدالة والاستقلالية، واعتبروها تفاديًا للإحراج الذي كانوا يقعون به.

ومن المشاكل التي واجهتهم عدم إلمامهم بلغة برايل بصورة كافية رغم أنهم التحقوا بدورات مكثفة ليتمكنوا من تحويل قوائم الطعام، إلى جانب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، ومخاوفهم التي استطاعوا أن يبددوها من أن يطغى مشروعهم على دراستهم، خاصة وقت الامتحانات.

ومن الجدير ذكره أن الفكرة هي الأولى من نوعها التي تمكن المكفوفون من الذهاب إلى المطاعم وليبصروا قوائم الطعام بطريقتهم الخاصة.