فلسطين أون لاين

​بعد أسرِه والحكم عليه 19 عامًا

الصغيرة "زينا" لا تذكر ملامح والدها الأسير

...
غز ة - أدهم الشريف

"لم ينم ليالي كاملةً؛ انشغل تفكيره خلالها بطفليه".. بهذه الكلمات بدأت المسنة فايزة أبو القمبز، تروي قصة نجلها الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتفاصيل حرمانه من رؤية صغاره.

كانت زينة تبلغ من العمر (عامًا ونصف العام)، حين اعتقل والدها ماجد أبو القمبز، في 14 آب/ أغسطس 2006، فيما لم يكن شقيقها يوسف قد أبصر النور آنذاك.

تحول ظروف المنع لـ"أسباب أمنية"، بحسب ادعاءات الاحتلال، دون رؤية الأب لطفليه لسبع سنوات متواصلة، كما تقول والدة الأسير لـ"فلسطين".

لكن لاحقًا، تتمكن الوالدة من اصطحاب حفيديها لزيارة والدهم في سجن "ريمون" الصحراوي، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 48، بعد استئناف زيارات أهالي الأسرى بغزة على إثر إنجاز صفقة "وفاء الأحرار"، نهاية 2011.

"كان اللقاء الأول يومها.. زينة لم تعد تذكر ملامح والدها، ويوسف لم يره من قبل" تضيف والدة الأسير بصوت متقطع وكأن غصَّة اعترضت حلقها.

تتابع: تملكني الحزن حين اجتمع الطفلان بوالدهما. فهو لم يحرك ساكنًا وجلس أمامهم لا يعرف ماذا يفعل واكتفى بتأملهم طويلاً قبل أن يحضنهم بقوة خلال الزيارة التي استمرت أكثر من نصف ساعة بقليل.

انتهت الزيارة الأولى، وودع الأب طفليه وعادا برفقة جدتهم إلى بيتهم في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، لكن معاناة والدة الأسير وطفليه لم تنتهِ بعد.

ولم يهنأ الأسير على احتضان طفليه إلا مرات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، قبل أن يتجاوز عمراهما 8 أعوام، ليمنعا من الاقتراب من والدهما خلال الزيارات وتصبح وسيلة التواصل بينهما سماعة هاتف من خلف لوح زجاجي، لدواعٍ أمنية.

تمضي الأيام بوالدة الأسير المتعبة، ومع كل يوم يكبر فيه الصغيران يزداد أملهما برؤية نجلها بين أسرته، فيما تحملت لاحقًا مهام الأم لحفيديها.

وتضيف: أخبرني ماجد في إحدى الزيارات، أنه لم ينم للحظة أول ليلة مرت عليه بعد أن رأى يوسف وزينة. كان يفكر بهما كما اعتاد دائمًا.

وكان ماجد (40 عامًا) اعتقل والعشرات من أفراد عائلته وجيرانه خلال اجتياح لحي الشجاعية قبل أكثر من 11 سنة، بينهم اثنان من أشقائه، أفرج الاحتلال عن أحدهم في ذات اليوم، وأبقى على اعتقال الثاني لـ7 أشهر، فيما حكم ماجد بالسجن لمدة 19 سنة.

والدة الأسير التي تبلغ من العمر (69 عامًا)، ترك الزمن آثاره بقوة عليها، ويتجلى ذلك في تجاعيد وجهها، وما زالت بحالة انتظار طويلة لنجلها الأب للحفيديْن بعد أن أصبحت أعمارهما 12 عامًا لزينة، و11 عامًا ليوسف.