فلسطين أون لاين

تقرير حقوقيان: الاحتلال يحرم الفلسطينيين حقوقهم المدنية لتحقيق أهداف سياسية

...
جنود الاحتلال يرهبون الأطفال الفلسطينيين (أرشيف)
غزة- رام الله/ فاطمة الزهراء العويني

رصد حقوقيّان فلسطينيان جرائم مخالفة للقانون الدولي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين بحرمانهم من حقوق مدنية لهم، بحجة وقف السلطة برام الله لـلتنسيق الأمني، مشيرين إلى تلك الإجراءات "تهدف لممارسة ضغوط سياسية على شعبنا".

وبحسب أرقام نشرتها وزارة الداخلية برام الله، فإن أكثر من 24 ألف فلسطيني ولدوا بعد قرار السلطة وقف التنسيق، وحتى التاسع من أب/ أغسطس الحالي، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهم لم تضفهم سلطات الاحتلال للسجل السكاني، فأصبحوا غير معترف بهم ولا يسمح لهم بالسفر.

وسبق أن أعلنت السلطة اعتمادها تسجيل المواليد الجدد وبطاقات الهوية لمن تجاوزوا 16 عامًا وإصدار جوازات السفر دون إبلاغ سلطات الاحتلال بهذه التحديثات، وهي خطوة بحسب وزارة الداخلية تم العمل بها منذ قرابة شهر، حيث لم ترسل الوزارة أي بيانات تتعلق بتحديثات السجل السكاني الفلسطيني إلى الاحتلال.

ويأتي هذا الإجراء الذي أقدمت عليه السلطة بموجب قرارها الذي صدر في 19 أيار/ مايو الماضي بشأن التحلل من الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي ووقف العمل بها "بما في ذلك التنسيق الأمني والمدني".

وعقب توقيع اتفاقية أوسلو للتسوية المرحلية عام 1994، تولت السلطة الفلسطينية إدارة السجل السكاني المدني، غير أنه لا تصبح أي وثيقة سارية المفعول إلا بعد إرسالها إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

حق أساسي

مدير "مركز الحريات والحقوق المدنية"، حلمي الاعرج، اعتبر أن تسجيل المولود حق أساسي للمواطن وهو من حقوق الإنسان كحرية الحركة والتنقل والسفر والعلاج.

وأكد أن "من حق دولة فلسطين أن تتخذ قرارات سياسية تعبر عن مصالحها الوطنية كونها  معترف بها من قبل  138 عضوًا بالأمم المتحدة كعضو مراقب".

وأضاف الأعرج: "كما أن الاحتلال باطل وغير شرعي حسب القوانين الدولية وعليه الانسحاب من أراضينا المحتلة عام 67م، وليس من حقه أن يتخذ قرارات تنتهك القانون الدولي من خلال الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينية".

ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية اتخذت بناءً على القرارات غير الشرعية للاحتلال قرارًا بوقف "التنسيق الأمني معه كونه يضر بالمصالح الفلسطينية الوطنية، وفي المقابل، فإن الاحتلال وكونه صاحب اليد الأولى والمسيطرة على كل مناحي الحياة في الأراضي المحتلة توقف عن إضافة المواليد الجدد لسجل السكان".

وأكد الأعرج أن الاحتلال معني بتعطيل مصالح الناس لدفعهم للجوء "لـلإدارة المدنية" التابعة له للتعامل مباشرة معها "وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلًا من شعبنا وقيادته".

وقال: "الاحتلال بهذا السلوك يمس بمصالح العائلات والأطفال وحقهم بحرية الحق والتنقل والسفر بذريعة أن السلطة لم تقدم له خارطة المواليد الجدد ولم تزوده بالأسماء فاصبحوا كأنهم غير موجودين وهي مفارقة قانونية وسياسية كبرى".

وأشار إلى أن الاحتلال البغيض يتحدى المجتمع الدولي والشرعية الدولية والأمم المتحدة بفرض إرادته على أطفال فلسطين وتعطيل مصالحهم كل هذه الفترة الطويلة، مبينًا أن المطلوب من الأمم المتحدة إدانة إجراءات الاحتلال وإجباره على الإقلاع عن هذه السياسة، فمن حق دولة فلسطين أن تمتلك السجل السكاني الخاص بها دون تدخل للاحتلال.

ورأى أن الحل هو صمود شعبنا رغم الضغط الإسرائيلي الممارس عليه والانتقال لساحة الصراع الدولي باللجوء إلى المجتمع الدولي لإجبار الاحتلال عن الاقلاع عن هذه السياسة ووقف الانتهاكات واستصدار قرار من الأمم المتحدة ينصف عشرات آلاف الأطفال الذين لم يتم تسجيلهم ولا يمكن لعائلاتهم أن تتحرك من دونهم خلال التنقل والسفر، ما سيعود بالضرر الكبير على عائلاتهم ويفقدهم حقوقهم في العمل والتعليم والصحة والحقوق المدنية الأخرى.

وقال الأعرج: "نحن نعيش وضعًا استثنائيًا لم نمر به منذ حرب عام 67م يتمثل في الاعتداء الإسرائيلي السافر على حقوقنا الذي وصل لمستوى معاقبة وملاحقة الأطفال بمنعهم من السفر بحجة أن دولة فلسطين لم تسلم أسمائهم عبر سجل السكان بفعل تطورات سياسية مفادها أن الاحتلال قرر ضم 30% من الأرض المحتلة إليه في انتهاك منه للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بارتكاب جرائم أخرى جديدة بحق 21 ألف طفل".

وأضاف أن دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف، يكمن في إجبار الدولة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) بأن تحترم المدنيين وأن يكون هناك إجراءات رادعة وعقابية لمحاسبتها على ما تقوم به من انتهاكات وجرائم.

أداة ضغط

بدورها، أكدت الباحثة في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، عائشة أحمد، أن وقف تحديثات السجل السكاني هي أداة تستخدمها دولة الاحتلال لممارسة ضغط ضد السلطة، وهو أمر غير قانوني أو إنساني لأن من حق كل شخص أن يتمتع بشهادة ميلاد أو جواز سفر، خاصة المواليد الجدد الذين سيتضررون بشكل كبير لعدم قدرتهم على السفر مع ذويهم.

ورأت أحمد أن القضية لها أبعاد سياسية لأن وجود الاحتلال بالأساس ينتهك مبادئ القانون الدولي، مشيرة إلى أن اتفاقية أوسلو أعطت دولة الاحتلال الاحتفاظ بالسجل المدني للسكان الذي من خلاله يتم تجديد جوازات السفر وكان هذا لعدم وجود سيادة فعلية للسلطة على الأرض بالرغم من إقامتها على أراضي من الضفة الغربية.

وأضافت: "لكن ما ورد باتفاق أوسلو لا يعني منع الفلسطينيين من حقوقهم وفق اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني بالتحرك والسفر في الوقت الذي يختارونه وجميع الحقوق المدنية الأخرى".

وعدّت أن (إسرائيل) تستغل السلطة الممنوحة لها لإجبار السلطة برام الله للعودة إلى "التنسيق الأمني"، مشيرة إلى أن الفلسطينيين يمكن أن يتقدموا لهيئات الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان لشرح تداعيات قرارات سلطات الاحتلال على الحقوق المدنية للسكان الفلسطينيين.