لم تمرّ ساعات على نشر المُخرِج عبد الرحمن الظاهر منشورًا عبر حسابه في موقع "فيسبوك" ينتقد فيه العلاقات بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، حتى زُجّ به في سجون جهاز الأمن الوقائي، ووُجِّهت تهم له تتعلق "بالذم الواقع على السلطة العامة".
وكانت تلك التهم بانتظار "الظاهر"، المُخرِج الفنيّ في مركز الإعلام التابع لـ"جامعة النجاح" في نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث مدّدت محكمة الصلح، الأربعاء، توقيفه أسبوعًا لاستكمال التحقيق في التهمة الموجهة إليه.
وكتب الظاهر منشوره في موقع "فيسبوك"، في تعليقه على اتفاق التطبيع بين الإمارات و(إسرائيل)، قائلًا: "آخر من يحق له التعليق هي السلطة الفلسطينية"، وهو ما أغضب السلطة، ودفعت أجهزتها الأمنية لاعتقاله فورًا.
ودائمًا ما تستخدم السلطة تهم "الذم الواقع على السلطة العامة"، لقمع النشطاء الفلسطينيين الذين ينتقدون أداءها سواء السياسي أو الحكومي، وبخاصة مظاهر الفساد في مؤسساتها الرسمية.
وأكد عامر حمدان، أحد منسقي الحراك الفلسطيني الموحد، أن اعتقال أجهزة أمن السلطة الناشط "الظاهر"، جاء بسبب وقوفه إلى جانب النشطاء المعتقلين في سجون السلطة، إضافة إلى منشور عبر حسابه في موقع "فيسبوك" ينتقد فيه التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار حمدان لصحيفة "فلسطين" إلى أن هناك ملفًا سابقًا للفنان "الظاهر" مع أجهزة أمن السلطة حين كان في الأردن، وكان لديه خلاف واضح ولكنه حُلَّ، والآن اعتقل ووُضِع في السجن، مع تمديد المحكمة له لمدة أسبوع كامل.
وعدَّ حمدان اعتقال المخرج "الظاهر" مؤشرًا خطِرًا جدًا في تاريخ الشعب الفلسطيني، وفيه قمع لحرية الرأي والتعبير، مؤكدًا أن "هناك سياسة أمنية تعتقل كل من يخالف المنظومة السياسية، مع وضعه في السجون وتوجيه تهم واهية بحقه".
وذكر أن "الحراك الفلسطيني الموحد"، يتابع قضية اعتقال المخرج الفني، حيث تواصل مع جهات عدة حقوقية للدفاع عنه والعمل على إطلاق سراحه من سجون الوقائي، كونه لم يرتكب أي جريمة مخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني الذي كفل حرية الرأي والتعبير.
يشار إلى أن أمن السلطة يعتقل حاليًّا عددًا من نشطاء حراك "طفح الكيل" الذي بدأ نشاطه في رام الله الفترة الماضية، بتنظيم وقفة احتجاجية عند دوار المنارة برام الله رفضًا لتجاوزات مؤسسات السلطة، وخاصة في قضايا الفساد التي تُكشف باستمرار، التي كان آخرها التعيينات والترقيات لأبناء المسؤولين والوزراء وأقاربهم.
وأكد مدير "فريق محامون من أجل العدالة"، مهند كراجة، أن اعتقال أجهزة أمن السلطة المخرج الفني "الظاهر" يعدُّ مخالفًا للقانون الأساسي الفلسطيني، وقمعًا لحرية الرأي والتعبير.
وقال كراجة لصحيفة "فلسطين": "محكمة الصلح قررت تمديد احتجاز الفنان الظاهر، مع توجيه تهمة الذم الواقعة على السلطة دون بيان تفاصيل إضافية عن طبيعة هذه التهمة".
وبيَّن كراجة أن "فريق محامون من أجل العدالة" لم يتمكن، حتى كتابة هذا التقرير، من زيارة "الظاهر" لمعرفة تفاصيل ما حُقِّق معه بشأنه ومكان احتجازه، منبهًا إلى أنه اعتُقل لمدة يومين لدى "اللجنة الأمنية المشتركة في سجن الجنيد بنابلس".
ونبه إلى أن الفريق الحقوقي سيحاول الدفاع عنه بعد الاطلاع على كامل تفاصيل الملف.
يشار إلى أن المخرج "الظاهر" شَغل عدة مناصب في عدة وسائل إعلامية، كما نفَّذ العديد من الأعمال الدرامية والمسرحية والأفلام الوثائقية والتحقيقات الصحفية.