منذ احتلاله فلسطينَ وضع الكيان الصهيوني نصب عينيه المسجد الأقصى المبارك، وبدأ العمل على السيطرة عليه، لإقامة الهيكل المزعوم. وعمل الاحتلال، خلال مدد متلاحقة، على زيادة وتيرة جرائمه بحقّ المسجد المبارك ومَرافِقِه، من اعتداءات وتخريب واقتحامات، ليفرض واقعاً جديداً.
وشهدت السنوات الأخيرة حَراكاً إسرائيليًّا كبيراً في هذا الاتجاه، ومحاولة تكريس التقسيم الزماني والمكاني للمسجد أمرًا واقعًا.
غير أن أهل القدس وفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 نجحوا في تشكيل خط الدفاع الأول في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وشكّل المرابطون منهم دروعاً بشرية، ساهمت في منع تنفيذ المخطط الصهيوني بتقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً، من خلال البرامج التي تضمن حضوراً دائماً للمصلين في المسجد.
وبدأت محاولات السيطرة على الأماكن المقدسة في مدينة القدس في سنة 1929، مع إحضار اليهود مقاعد وكراسي ووضعها في ساحات البراق، تسببت بأول انتفاضة في فلسطين (انتفاضة البراق)، وبعد احتلال شرقي القدس في سنة 1967، تجددت المطامع الإسرائيلية في الأقصى، وتكرست مع إشعال حريق داخله في 21/8/1969.
وجريمة إحراق الأقصى ليست حدثاً عابراً -وفق أرض ميديا- بل كانت خطوة على طريق طويل سبقتها خطوات مهدت لما يجرى حالياً، وبدأت مباشرة بعد احتلال شرقي القدس في سنة 1967، ومن هذه الخطوات دخول قائد لواء المظليين الجنرال موردخاي جور وجنوده الأقصى خلال حرب 1967، ورفعهم العلم الإسرائيلي على قبة الصخرة، وحرقهم المصاحف، ومنعهم المصلين من الصلاة فيه، ومصادرة مفاتيح أبوابه؛ ودخول الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي شلومو غورن وخمسين من أتباعه، وإقامة صلاة دينية في ساحة المسجد.
وتأتي الذكرى الـ 51 لإحراق المسجد الأقصى المبارك بالتزامن مع زيادة الاحتلال للسياسة الإجرائية لمخطط تقسيم الأقصى الزماني والمكاني؛ فمنذ بداية الاحتلال، اعترفت "إسرائيل" بأن ما هو قائم في الأقصى "أمر واقع"، وليس جزءاً أصيلاً من المكان، رافضة الاعتراف به على أنه مكان مقدس للمسلمين فقط، وتعبيراً عن ذلك سموه "جبل الهيكل" و"جبل موريا".