الجديد في العلاقة بين دولة الإمارات والاحتلال الإسرائيلي فقط الإعلان عنها، لكن هل فعلاً دحلان يستفيد من هذا الإعلان؟ لا أعتقد ذلك، فهذا قد وضعه في زاوية حرجة جداً، وجاء بيان تياره (التيار الإصلاح الديمقراطي) بالغ التعبير عن هذا الحرج بين رفض الخطوة المغلفة بالإشادة بالموقف الإماراتي (المناصر للقضية)، وقد ناور البيان في أضيق الحلقات وتحت أخفض السقوف.
وهذا ذكرني ببيان موقف حماس (مع الفارق) عند عودة العلاقات التركية مع الكيان بعد حادثة مرمرة دون تحقيق شرط تركيا (رفع الحصار عن غزة)، حين استنكرت الخطوة، في وسط إشادات بمواقف القيادة التركية المناصرة للقضية الفلسطينية.
هل لأن دحلان لا يرغب بعلاقات للإمارات مع الكيان؟
لا أعتقد ذلك، فهو بالضرورة يؤمن بهذه العلاقة، وقد مارسها بنفسه وبأدنى الدركات منها (التنسيق الأمني)، غير أن الإعلان يشكل صورة اصطفاف مع قيادة صهيونية لا تؤمن بأدنى الحقوق الفلسطينية، ومجتمع صهيوني انجرف نحو أقصى التطرف الديني والقومي.
وهذا قد خلق حالة سخط شعبي فلسطيني ورأي عام يتناقض مع أي توجه باتجاه زعامة الاحتلال وكيانه، وأن هذه فرصة ستكون لدى خصوم دحلان داخل حركة فتح لتحريض القواعد الشعبية عليه في فترة تشهد اصطفافًا لخلافة عباس شواهد هذا كثيرة.
لذلك سيحرص دحلان على الرفض لهذه الخطوة بشكل أوضح من خلال أقلامه المعتمدة، ولكن دون المس بعلاقاته مع أولاد زايد، فهي استراتيجية بالنسبة إليه، بل إنه سيعمل على تبرير هذا التوجه لهم بما كسبت أيدينا نحن الفلسطينيين، وغير ذلك من تبريرات قد ساقها في بيانه بأوضح ما يكون فيه، ثم سيكون التبرير الأكبر بأن ما تقوم به الإمارات هو قائم في العلن في مصر والأردن، وتركيا، وبدرجة في قطر وأن الحبل في هذا على الجرار.
غير أن هذه التبريرات لن تكسر موجات السخط التي ستتواصل ضده من أطراف عديدة كان قد استجر عداءها، وهذا ما يعلمه جيداً، ولكنه سيعمل على امتصاصها من خلال كوادره التي ستساير موجات السخط ضد خطوة الإمارات، وستعبر عن استنكارها في كل المحافل المنددة.
أجل، فإن خطوة الإمارات جاءت في أحرج وقت لدحلان، ولكن خلاء وفاض ترامب من إنجازات في سياسته الخارجية يحتم على أولاد زايد تلبية النداء؛ فإدارة ترامب تشكل طوق نجاة لكل عمليات العبث التي يقومون بها في هذه المنطقة الساخنة.