فلسطين أون لاين

منذ ثمانية أشهر

تقرير الاقتصاد الفلسطيني يتخبط بأزمات غير مسبوقة بسبب كورونا والمقاصة

...
أرشيف
غزة- رام الله/ رامي رمانة

مضت ثمانية أشهر ونصف الشهر من العام الحالي، والاقتصاد الفلسطيني يتخبَّط وسط أمواج عاتية من الأزمات المتلاحقة، على إثرها تهاوى الناتج المحلي، وانحدرت دورة أنشطة الأعمال للقاع، فيما ارتفعت الديون وزادت معدلات الفقر والبطالة، وتوقف الاستثمار، ونقص الادخار، ولم تفعل شبكة الأمان العربية.

ومع ذلك كله، فأنظار المراقبين الاقتصاديين تتجه إلى الفترة القصيرة المتبقية من هذه السنة الصعبة، عما إذا كانت تحمل انفراجة اقتصادية، تبدأ بعودة تسلم السلطة أموال المقاصة المجمدة منذ أربعة أشهر، والتعايش مع جائحة "كورونا" التي خسرت الاقتصاد (4.5) مليارات دولار، وإعادة دول عربية ودولية تمويلها للفلسطينيين الذي تقلص إلى (15%).

يقول الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية: إنَّ ثمة أمورًا حدثت العام الحالي، تسببت في مشكلات اقتصادية للفلسطينيين، وهي مشروع ضم الضفة الغربية إلى الاحتلال، وما تبعها من رفض السلطة التنسيق ووقف أموال المقاصة، مروراً بجائحة كورونا، علاوة على  تراجع الدعم الدولي المتواصل منذ عدة سنوات.

وبين اشتية لصحيفة "فلسطين" أنَّ مشروع الضم، أعاق جهود المزارعين وأنشطتهم  في منطقة الأغوار التي تعد سلة غذاء مُهمة لسكان الضفة الغربية، وترتب على ذلك تجميد المستثمرين لمشاريعهم الاقتصادية في تلك المنطقة، وأشار إلى أن الاحتلال ومستوطنيه تعمدوا تفويت على المزارعين فرص زراعة أراضيهم أو حصاد محاصيلهم وتصديرها، وعرقلوا إيصال المياه إلى المزروعات.

وذكر أن جائحة "كورونا"، كبدت الاقتصاد الفلسطيني قرابة (4.5) مليارات دولار، حيث توقفت الكثير من الأنشطة الزراعية والتجارية والصناعية، وتراجع الاستيراد والتصدير، وتعطلت السياحة، خدمات النقل والمواصلات، وتضرر القطاع الخاص، وطبقة العمال، سواء في المناطق الفلسطينية أم الداخل المحتل.

وأضاف أن الدعم الدولي لخزينة السلطة، أخذ في التراجع، وزادت وتيرته العام الحالي، إذا بيّن أن التمويل الدولي لم يتعدَّ في هذه الأوقات (15%) بيد أنه كان يشكل سابقاً (50-55%) من ميزانية السلطة، وأسبابه معروفة زيادة الضغط على الفلسطينيين للرضوخ لإملاءات سياسة تنتقص من حقوقهم الوطنيّة.

كما أوضح اشتية أن وقف استلام السلطة لأموال المقاصة مدة أربعة أشهر رداً على سياسة الضم، وضعت السلطة في ضائقة مالية حادثة، وأصبحت كمن يصعد شجرة لا يستطيع النزول عنها، حيث تراكمت ديون موظف السلطة عقب صرفها أنصاف رواتب، وارتفعت حقوق القطاع الخاص والموردين المالية، لافتاً إلى أن أموال المقاصة تشكل ( 63%) من مجموع الموارد المالية لخزينة السلطة.

وأكد أنَّ تلك العراقيل، أجبرت السلطة على التقشف العام الإلزامي، والاقتراض المحلي، حيث ارتفعت ديونها المحلية للبنوك وللقطاع الخاص قرابة (25 ) مليار شيقل.

وأشار اشتية إلى السلطة أدركت متأخرة، أنَّ التعايش مع جائحة "كورونا" خيار لا بدّ منه، لوقف تهاوي الأنشطة الاقتصادية، في وقت وجدت السلطة نفسها داخل متاهة أزمة مالية يتعذر عليها الخروج منها في غضون فترة وجيزة.

ورجح أن تعود السلطة إلى استلام أموال المقاصة بوساطة خارجية، وأن تتجّه دول عربية وغربية لاستئناف مساعدتها للفلسطينيين، وهي خطوات مدروسة لامتصاص غضب الفلسطينيين من اتفاق "السلام بين الإمارات والاحتلال"، ولقطع الطريق على أية تطورات تضرّ بأمن الاحتلال.

من جهته أكد الاختصاصي الاقتصادي أسامة نوفل أن المؤشرات الاقتصادية في غزة سجّلت منذ بداية العام الحالي تراجعاً في مختلف القطاعات الإنتاجية لنفس الأسباب التي تعرضت لها الضفة الغربية يضاف إليها استمرار الحصار وأزمة الكهرباء.

وبين نوفل لصحيفة "فلسطين" أن الناتج المحلي الإجمالي في  غزة سجّل تراجعاً جديداً، حيث وصلت نسبته(30%) على أساس سنوي وهي أضرت كثيراً الاقتصاد، والبطالة ارتفعت بسبب كورونا مسجلة (60%).

وأضاف أن من تبعات جائحة "كورونا" وتجميد أموال المقاصة، ارتفاع اعداد الشيكات المرتجعة، وفرض البنوك قيودًا صارمة على المتعاملين، وتراجع مستوى التسهيلات الائتمانية الموجهة للأفراد والمؤسسات لزيادة درجة المخاطرة، وهذا أدى إلى تراجع في النشاط المالي المصرفي ومؤسسات إقراض المال.

وبيَّن نوفل أن دورة نشاط الأعمال حسب سلطة النقد، سجلت في شهري أبريل ومايو الماضيين تراجعًا حادًّا في الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيراً إلى أن النشاط كان في الضفة (- 75%) ، بيد أنه كان يسجل في الأوقات الطبيعية( + 17%).

وأضاف أن مؤشر دورة الأعمال انتقل في غزة خلال الشهرين المذكورين من (- 37% إلى –56%)، أي أن قطاع غزة بقى في دائرة السالب بل مزيد من التراجع.

وذكر نوفل، أن تراجع معدل المشاريع الدولية، خاصة المتعلقة بإعادة اعمار قطاع غزة، زادت من تعقيد الوضع الاقتصادي في غزة، مبيناً أن (5%) هي نسبة المساعدات الإغاثية الدولية الواردة إلى غزة بالنسبة لإجمالي الواردات، بيد أنها كانت في العام 2015 وحده تشكل نسبة (17%).

وأشار إلى أن تلك الإشكاليات الاقتصادية المذكورة، أثرت سلباً على الادخار والاستثمار، فبات الفرد والمؤسسة تنفق من ادخارها لعدم توفر الإيراد لتغطية النفقات، كما أن الاستثمار اضحى معطلًا.