في خضم حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، مُستخدماً فيها شتى أنواع الأسلحة والقنابل الإجرامية المُحرمة دولياً، يستغيث مواطنون محاصرون كل الضمائر الحية في العالم لإنقاذهم من بطش جنود الاحتلال.
ومنذ 18 يوماً يُحكم جيش الاحتلال الإسرائيلي حصاره المُطبق على مناطق شمال قطاع غزة وخاصة بلدة جباليا حيث يمنع الدخول أو الخروج منها، مع ارتكابه أبشع المجازر وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، ونسف مئات المنازل والمباني، ما أسفر عن ارتقاء أكثر من 640 شهيداً، منهم جثثهم لا تزال ملقاة في الشوارع لصعوبة وصول الطواقم الطبية لانتشالهم، بالإضافة إلى إصابة آلاف المواطنين.
ويتزامن ذلك مع استمرار القصف المدفعي صوب المواطنين وقصفهم من طائرات الاحتلال التي تغطي سماء شمال القطاع من مختلف الأنواع، بالإضافة إلى استهداف المراكز الصحية ومحاصرة مستشفيات أخرى، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، ما يثبت بالدليل القاطع أن جيش الاحتلال يرتكب "حرب إبادة جماعية".
لم تعد شوارع مخيم جباليا المكتظة بالمواطنين كما في السابق، فأصبحت خاوية حتى في وسط النهار في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للمخيم، كما يقول المواطن محمد الدريني الذي لا يزال محاصراً حتى الآن.
يعيش "الدريني" الذي يقطن برفقة عائلته في معسكر جباليا حالة من الخوف والرعب منذ بداية الاجتياح الإسرائيلي للمخيم، حيث لا يستطيع التنقل حتى في وضح النهار بسبب القصف المدفعي المستمر، حسبما يروي لمراسل موقع "فلسطين أون لاين".
ويوضح أن جيش الاحتلال يتواجد في المناطق المجاورة لمعسكر جباليا وهو ما يضاعف معاناتهم، ويصّعب عليهم إمكانية الحصول على مستلزمات العائلة من مياه وطعام وغيره، مشيراً إلى أن المساعدات الإنسانية لم تدخل جباليا منذ 18 يوماً حتى الآن.
وما يُصعب الحياة أكثر هو استمرار إطلاق النار من طائرة "كواد كابتر" التي لا تفارق سماء المخيم صوب كل من يتحرك أو يتنقل في الشارع، وفق الدريني.
ويرفض الدريني سياسة الاحتلال في التهجير القسري من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، واصفاً ما يجري في جباليا بـ "حرب إبادة وتطهير عرقي".
لم يختلف الحال كثيراً لدى الشاب أحمد البرعي الذي يتعرض لذات المعاناة ومحاولات التهجير القسري من مخيم جباليا، على مدار الـ 18 يوماً من الاجتياح الإسرائيلي الذي وصفه بـ "الأكثر إجراماً".
ويقول البرعي لـ "فلسطين أون لاين"، إن الاحتلال يمارس حرب إبادة بحق مخيم جباليا والمواطنين الذين لا يزالون بداخله، مشيراً إلى أن إطلاق النار والقصف المدفعي لا يتوقف وهو ما يُشكل خطراً على كل من يحاول الخروج من منزله.
ويواجه البرعي صعوبة كبيرة في الحصول على المياه والطعام، وما ضاعف معاناتهم وفق قوله هو قطع الاتصالات في شمال القطاع، وهو ما اعتبره "محاولة للتغطية على جرائمه ومجازره بحق المواطنين".
ووفق البرعي، فإن الطعام المتوفر لديهم من وقت سابق قارب على النفاد، بسبب عدم قدرتهم على الخروج من المنزل وجلب الطعام بفعل الاجتياح الإسرائيلي المتواصل وإطلاق النار بشكل مستمر صوب المواطنين، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية، وفق قوله.
ويصف الحال الذي يعيشونه في الوقت الراهن "بتنا كأننا ننتظر الموت إما جوعاً وتعطيشاً أو رمياً بالرصاص".
ولا تزال عشرات آلاف العائلات الفلسطينية داخل منازلها محاصرة من قوات الاحتلال في مناطق مختلفة في شمال القطاع منذ 18 يوماً، وتمنع وصول الطعام والمياه والدواء لهم، مع استمرار عمليات نسف المنازل في المناطق الغربية لمخيم جباليا.
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" قد صرّحت بأن الاحتلال رفض طلباً عاجلاً تقدمت به لإجلاء العالقين تحت الأنقاض من جراء حرب الإبادة التي ترتكب شمال قطاع عزة.