فلسطين أون لاين

الناقة "أوسلو"..

من الإمارات إلى الحمارات...!

لم أجد للعرب والعروبة من محل، حتى تتصف به الدولة التي أعنيها؛ وقد آليت على نفسي ألا أذكرها، مقترنة بـ"العربية" وهي لا تستحقها فعلاً؛ بعد اصطفافها رسميا إلى جانب أعداء العروبة والإنسانية جمعاء...!!

ويؤسفني؛ أنني أمضيت فيها نحو 44عاماً، وقد قمت فيها بواجباتي الوظيفية في مجال الإعلام، خير قيام، كما لو كنت في عشيرتي، أو داري، بكل إخلاص واهتمام؛ ولم أعمل إعلامياً فقط.. إلا أنني أعطيت التاريخ والآثار والفولكلور الشيء الكثير من اهتمامي؛ ولا سيما في إمارة رأس الخيمة، ذات التاريخ العروبي الناصع في مقارعة أعداء العروبة التي حمل لواءها "القواسم" العظام؛ وقد أسهموا مع إخوانهم "اليعاربة" في طرد البرتغاليين، وتطهير الخليج، والبحار الشرقية منهم، ثم مقارعة الأسبان والفرنسيين والهولنديين والانكليز، في الذب عن حياض العروبة في هذه المنطقة.

لقد تشرفت باستقبال حاكم رأس الخيمة لي استقبالاً عروبياً قومياً هو ونجله الأكبر وولي عهده الشيخ خالد ونائبه الثاني الشيخ سلطان، وابنه الآخر الشيخ محمد حتى رأيت نفسي بحق في معقل العروبة الأصيلة الأمر الذي بعث فيَّ كل الهمم والعزائم..! نعم؛ رأيت نفسي بين رجال يتوثبون حماسة وحبا لعروبتهم وأمجادهم، ويتطلعون نحو العلياء والسمو..

لكنني ما لبثت كثيراً حتى عرفت أن هذا القاسمي وابن عمه في الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ما هما إلا استثناء في تمسكهما بالعروبة والعزة والشموخ؛ وأبناء العرب في إمارتيهما معززون مكرمون، ومحل ثقة واحترام؛ منهم المستشارون والمديرون للدوائر والمؤسسات وغير ذلك ..! وقد كنت واحداً منهم أتمتع بكل الاحترام والتقدير من الحاكم وولي عهده وبقية أنجاله ...

ولأول مرة أبوح بهذا السر ؛ وهو أن رئاسة الاتحاد كانت تدبر المكائد والمؤامرات والتشويش على هذا البطل العروبي ، وعلى ولي عهده الذي أفلحوا في إقصائه من منصبه 2004 بعد قيادته لمظاهرة وطنية هو وزوجته الشيخة (فواغي) ضد أمريكا والصهيونية ، لدى العدوان الأمريكي السافر على العراق ؛ ليتم بعد ذلك تنصيب أحد إخوانه الشيخ / سعود الذي هو حاكم رأس الخيمة بعد وفاة والده الشيخ صقر عام 2010 ، لتبقى كل الإمارات "حمارات" في خدمة المشروع الامبريالي الصهيوني ...

لم أستمر طويلاً حتى انكشف المستور ..

أصبحت مقرباً من الحاكم .. وعليه فقد طلب مني أحد ضباط الأمن الكبار في الشرطة أن أسلمه شريط التصوير التلفزيوني ، لإحدى المناسبات ، بقصد التشويش على الحاكم ، وقد استطعت الإفلات من طلبه، ولكنه ظل يتودد إليَّ ، ليعرف تحركات الحاكم وسكناته . ولقد عرفت بعد أن هنالك ما يعرف بجهاز أمن الدولة ، ومقره الرئيسي أبو ظبي، وأن من مهامه الرئيسية محاربة الحركات والأفكار والأشخاص الذين يحملون أفكارًا لا ترغب فيها الجهات المسؤولة عن الاتحاد، عناصره من جلاوزة وشذاذ الآفاق من المخابرات الأردنية، والسعودية ومن المأفونين من أبناء "الحمارات"، ولقد تعرفت إليهم فيما بعد عيانا...!

هذا؛ وقد جاءني ذات يوم عنصران من ذات الجهاز يطلبان مني العمل مع الجهاز سراً. وكانت مناسبة حركة الانشقاق فيما عرفت "بفتح الانتفاضة" عام 1983 بقيادة ( أبو موسى ) ؛ في الوقت الذي كانت قياداتهم على علاقة حميمة مع ياسر عرفات، وقادة فتح ، ولهم معها علاقات تعاون مشترك ؛ فكان الانشقاق مسيئاً لهم. وهكذا طلب مني هذا العنصر أن أكشف الذين يؤيدون أبو موسى من الفلسطينيين في الإمارات. كما قدم لي الكثير من الإغراءات المادية ، ومنحني الجنسية وامتيازاتها الكبيرة والكثيرة فلما رفضت طار صوابه، وهاج هياجه، الأمر الذي شكوت فيه إلى صديقي الشيخ محمد بن صقر القاسمي مدير مكتب ولي العهد الشيخ خالد. وعليه فقد أصبحت خصماً أو عدواً، لابد من الفتك به لدى المناسبة.. ولما جاءت مناسبة تجديد إقامتي في أبو ظبي، استدعيت للتحقيق بكل صفاقة ووقاحة. ثم أخذي إلى زنزانة سجن وأنا معصوب العينين، لاستكمال التحقيق ، وأنا معصوب العينين ، مع تكرار الترغيب ، ثم الترهيب والتعذيب ...!

ومما طلبوه مني بسذاجة وغباء أن أكتب لهم أسماء 200 فدائي من مختلف التنظيمات ..! فكتبت أسماء من أعرف وفي طليعتهم إخوتي وأقاربي، على اعتبار أن العمل الفدائي شرف لا عار ولما لم أجد لتتمة المائتين ، كتبت أسماء وهمية لا وجود لها ..

لقد سجنت ، وتعذبت على يد هؤلاء "الجلاوزة" ولا أدري إلى اليوم لماذا تم ذلك ..

إلا أنني رفضت أن أكون عميلاً أو جاسوساً على أبناء بلدي ..!

ولما لم تثبت علي تهمة من تهمهم طلبوا إلي ألا أبوح بشيء مما حدث ، وقد أخذوا علي إقراراً بذلك .. لكنني ما إن خرجت أخبرت كل من يعرفني بما جرى ، وأنا أعلم أنهم يراقبون تحركاتي ، وأنهم يستمعون إلى مكالماتي ..!

آه :- لمَ الإساءة  إلي وأنا ما أسأت لا إلى الإمارات ولا إلى شعبها أو قياداتها ..!؟

تبين لي بعد مدة أنني أنتقد القيادة الفلسطينية .. وهذا في مذهبهم غير جائز.. إنه يستحق أشد أنواع العقاب .. وقد كان ذلك في مطلع آب / أغسطس عام 1988.

ومن هنا توترت العلاقات بيني وبين الأجهزة الأمنية ، وليس أمامي إلا أن أغادر الإمارات إلى بلد آخر ؛ إذ إن بلدي فلسطين محرمة عليَّ بسبب إجراءات الأمن الصهيونية ، ثم إن إصراري على أن البلاد العربية من حقي أن أبقى فيها ، ولو كره "الجلاوزة" ذلك ..!

أجل؛ بقيت على مضض، وقد انتهت خدمتي الرسمية في وكالة انباء الإمارات حتى نهاية 1999 أي بعد ربع قرن من العمل في الإطار الرسمي فاتجهت للعمل في القطاع الإعلامي الخاص؛ لكن الحياة العامة أصبحت لا تطاق معيشيا.. التعليم غير مجاني للوافدين، الطبابة والصحة غير مجانية.. الكهرباء بخمسة أضعاف ما يدفع المواطنون.. وغير ذلك مما ينفر..!!

.. ثالثة الأثافي..!..

  ضربنا صفحاً عن غلاء المعيشة وسوء المعاملة..

في السنوات العشر الأخيرة، رأينا يهودا مسؤولين يأتون من (اسرائيل)، بمناسبة وغير مناسبة، ورأينا المواطنين لا يستنكرون مجيء هؤلاء الصهاينة، وحين نناقشهم في ذلك يردون بمبررات لا يرد بها الصهاينة أنفسهم من مثل: أنتم بعتم أرضكم لليهود، وتجيئون الآن تطالبون بها..!!

  أنتم هربتم من بلادكم .. لماذا تركتم بلادكم ؟ وغير ذلك..

  نسمع هذا حتى من مسئولين كبار في الدولة..!!

  يسألونك أو يجادلونك في العمل الفدائي فتسمع من المسبات ووصف العمل الفدائي بـ"الارهابي" وأن اليهود مساكين وطيبون، ثم إن معهم أمريكا، وأمريكا .. ما أدراك ما أمريكا، وعلى مسمع ومرأى من الحكومة "ثقافة" يريدون أن تكون هي السائدة...!!

  أما إذا تماديت وأصررت على تأييد العمل الفدائي، فما اسهل أن تكشر الأنياب وتتلقى الرد السمج: إذا لم يعجبك هذا أخرج من هنا..!! نحن في بلادنا أحرار..!! إلى ما هنالك..

"وكان أول الرقص حنجلة"

  ولما حمي الوطيس أصبحت دولة الكيان الصهيوني "حلوة وجميلة" وتستحق كل الخير، ومحمد بن زايد ينشد نشيد الإنشاء وينفخ مزامير داود، ولا بأس أن يقرأ التوراة والتلمود في حب مغتصبي فلسطين ..  

أوسلو وما أدراك بأوسلو..

  إن اتفاقية أوسلو 1993 بين ما يسمى بالسلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني قد سجلت 78% من أرض فلسطين في الطابو الدولي بأنها (اسرائيل)؛ وكانت اعترافاً بهذا الكيان، اتخذه آخرون تبريراً للاعتراف بالكيان الصهيوني سرعان ما تبعتها اتفاقية وادي عربة 1994 بين الأردن والكيان الصهيوني، وترى الكثير من الدول وأشباه الدول أن المشكلة الفلسطينية قد حلتها اتفاقية اوسلو، وحصل الفلسطينيون على حقوقهم في دولة مستقلة في "الخيال"، على حدود 1967، وتأتي أبوظبي لتأخذ نصيبها في هذا السباق، وكأن الفلسطينيين قد حصلوا على حقوقهم، ولا ينقصهم إلا مشاركة محمد بن زايد في جوقة الاستسلام للكيان الصهيوني ومصادقته نحو عدو موهوم ألا هو إيران الاسلامية ...

  طبعاً الدوافع ذاتية وأمريكية وصهيونية. يستجيب لها هذا المأفون في أبوظبي بعد أن طهر بلاده من كل من له علاقة بفلسطين وغير فلسطين من أبناء الامارات الذين يعلمون ويفهمون ألا إنهم الاخوان المسلمون ..!! 

  ألا إنه قد خلا الميدان لك يا حميدان ...

المصدر / غازي أبو دقه