لم يكن مفاجئًا الإعلان الأمريكي عن الاتفاق الإماراتي- الإسرائيلي على التوصل لتسوية بين الجانبين، والإعلان ذاته فضح التحالف بين الجانبين، من خلال المبررات التي ساقها الإعلان.
لم تكن الإمارات عدوًا للاحتلال الإسرائيلي في يوم من الأيام، بل هناك تعاون كامل في كافة المجالات وخاصة المجال الأمني والعسكري، وتبادل المعلومات والزيارات واللقاءات والمشاركات الأممية والرياضية وغيرها، لذلك لا يوجد عداء بين الجانبين كي يعلن عن التوصل لاتفاقية سلام، فلا يعقل أن يكون إعلان اتفاقية سلام بين صديقين.
الإعلان هو انتهاء للعلاقة بين الإمارات والقضية الفلسطينية، والإعلان الأمريكي يؤكد أن العلاقة السرية بين الجانبين انتقلت للعلن، وبذلك تنتهي مع القضية الفلسطينية، باعتبار أن الإمارات في عداء واضح مع الأطراف الفلسطينية.
فهي تعادي فصائل المقاومة في غزة، وتشن حملات إعلامية مستمرة تقوم على تشويه الفلسطينيين، واتهامهم بالإرهاب، وتتم هذه الحملات بشكل مشترك كما حدث قبل شهر حينما شنت القنوات الإمارتية والسعودية حملة مسعورة ضد المقاومة إلى جانب وسائل الاعلام الاسرائيلية، وهي جزء من شيطنة الإمارات والاحتلال للفلسطينيين.
بنفس الوقت هناك قطيعة بين السلطة والإمارات منذ سنوات على خلفية استضافة ودعم الامارات للقيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان وتجهيزه لترؤس السلطة عبر توفير دعم مالي مطلق، ومؤسسات اعلامية وهيئات اجتماعية، وتشكيل مجموعات مسلحة في أكثر من مكان خاصة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهو ما يستفز رئيس السلطة محمود عباس.
لم تذهب الإمارات لهذا الاتفاق نتاج لحظة بل عمل متواصل على مدار سنوات، وعلى أجندته التعاون مع الاحتلال ضد إيران وشيطنتها ومواجهتها، من خلال تضخيم الدور الإيراني في المنطقة من قبل الاحتلال لتعميق العلاقة مع دول الخليج.
لم يكتفِ الدور الإيراني بالعلاقة المباشرة بين الجانبين، بل تحوَّلَ لعراب التطبيع والتعاون بين الاحتلال والدول العربية، والتعاون لمواجهة الحركات الإسلامية في اليمن وليبيا والعراق ولبنان وسوريا وتونس ومصر وضخ مليارات الدولارات لتنفيذ الاجندة الصهيونية، إلى جانب محاصرة قطر وملاحقتها في المنطقة العربية ومحاصرتها، وهو ذات الأمر مع تركيا في المنطقة العربية وغيرها.
من غير المستبعد أن نرى تعاونًا إسرائيليًا سعوديًّا بحرينيًا عُمانيًّا المرحلة القادمة، وحتى الإعلان عن اتفاقيات بين الجانبين والمسارعة في ذلك، لدعم الرئيس الأمريكي ترامب في المرحلة القادمة، وإنجاحه في الانتخابات الأمريكية، باعتبار مع يُحدِّث جزءًا من إنجازاته في السياسة الخارجية، وينال الرضا الصهيوني واليهودي بدعم عربي وأموال عربية.
التحالف الإماراتي الإسرائيلي لن يؤثر على القضية الفلسطينية بشكل مباشر، وقد شاهدنا حجم الرفض العربي والشعبي لذلك، ولن يؤثر على المقاومة التي تخط الطريق نحو هزيمة الاحتلال في المنطقة، وهي تفعل ذلك دون الالتفات للتساقط العربي من بعض الدول التي تناصبها العداء وتتحالف مع الأعداء.
وبنفس الوقت لا زالت الشعوب العربية تنبض بالحياة وتقاتل ضد تلك الأنظمة المستبدة التي تعيش في بلاط الاحتلال والولايات المتحدة وترتمي في أحضانهما.