منذ أيام يشهد قطاع غزة حراكاً ميدانياً عبر دفعات البالونات الحارقة، وذلك بسبب استمرار الحصار على غزة وغياب الفرص الاقتصادية في القطاع، كما أن إطلاق حركة حماس يوم الاثنين المنصرم نحو 10 صواريخ تجريبية تجاه البحر يدخل ضمن الرسائل التي تريد أن ترسلها إلى الجانب الإسرائيلي، كذلك العودة إطلاق البالونات الحارقة بعد انتهاء الغارات الإسرائيلية على غزة فجر يوم الاثنين هي الأخرى رسائل ينبغي أن يفهمها الاحتلال جيدا، بدلا من الاستمرار العدوان الهمجي على قطاع غزة بالقصف الليلي المتواصل على المواقع والاهداف المدنية، لتصدير أزمات "بنيامين نتنياهو" الداخلية إلى الأهالي في قطاع غزة، وحرف الأنظار عما يجري داخل كيان الاحتلال من تطورات وأوضاع سياسية متفاقمة، حيث يتظاهر آلاف الإسرائيليين باستمرار منذ أكثر من شهرين، وأحياناً أكثر من مرة خلال الأسبوع الواحد، للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو"، بسبب محاكمته في عدة قضايا فساد تتضمن تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة العامة، كما يحتجّ المتظاهرون على طريقة التعاطي الفاشل لحكومة نتنياهو مع أزمة فيروس كورونا المستجد.
سلطات الاحتلال تحاول من خلال عدوانها المتكرر على قطاع غزة فرض واقع جديد وخطير، حيث تعمل وتسعى لتكريس عدوانها الجديد وجعلها سياسة الأمر الواقع ومحاولات إعادة صياغة الاحتلال واستغلال حكومة الاحتلال لصمت المجتمع الدولي تجاه جرائمها البشعة في غزة والدعم الأمريكي المطلق بالتزامن مع عدوان استيطاني متواصل في الضفة وحملة الاعتقالات اليومية ومحاولات تهويد القدس وتقسيم المسجد الأقصى المبارك وخطورة ما يتم ممارسته من قبل لجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلي برئاسة نتنياهو المنتهية ولايته وإعلان الحرب والعدوان بحق الشعب الفلسطيني وضرب جهود القيادة الفلسطينية في المصالحة وإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات ليستمر هذا العدوان، والذي جاء لسبب رئيس وأساسي وهو تصدير أزمات نتنياهو السياسية إلى غزة والهروب إلى الأمام وتوجيه ضربه وإفشال التقارب الحمساوي الفتحاوي .
فممارسات الاحتلال هي إجراءات لا يمكن وصفها بأقل من كونها إجراءات تصعيدية وإرهابية بشعة تمارسها حكومة الاحتلال، وتصبّ في سياسة الهروب إلى الأمام واستمرار العدوان والاحتلال وفرض سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية، وأن هذا العدوان الشامل على الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاصر هو إعلان حرب منظمة وإرهاب دولة الاحتلال وقياداته العسكرية، حيث يتحمل الاحتلال مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية أمام جميع هيئات ومنظمات المجتمع الدولي التي يجب أن تباشر عملها في التحقيق في جرائم هذا العدوان وتقديم قادة الاحتلال الى المحاكمة وفقا للقانون الدولي والتشريعات الدولية .
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا الصمت المريب العربي والغربي على هذه الجرائم الإرهابية والعدوان الظالم على الشعب الفلسطيني؟! ألا يكفي خمسة عشر عامًا على الحصار؟! ألا يكفي خمسون عامًا على الاحتلال؟! أليس هناك من يقول: إن حكومة الاحتلال بدأت بتنفيذ أجندتها الخاصة على حساب القضية الفلسطينية وأن هذه الجرائم تجاوز لكل المعايير، وتشكّل انتهاكًا خطيرًا لكل قواعد القانون الدولي الإنساني؟ أليس التسويف والمماطلة في تنفيذ التفاهمات وإقامة المشاريع الكبيرة التي تخفف من حدة الحصار الذي ضرب كل شيء في قطاع غزة يعد دافعاً قوياً لعودة التصعيد، بما أنّ استمرار الحصار يعتبر شكلاً من أشكال العدوان على الشعب الفلسطيني، أوقفوا العدوان وأنهوا الاحتلال وارفعوا الظلم عن الشعب الفلسطيني.
وفي ظل هذا العدوان لا بد للقيادة الفلسطينية أن تضع استراتيجية وطنية شاملة للمرحلة المقبلة واتخاذ موقف حاسم وسريع بالتوجه الفوري لملاحقة حكومة الاحتلال امام المحكمة الجنائية الدولية بجرائم الحرب الاسرائيلية ومحاسبة المسؤولين عنها وخاصة في ما يتعلق بجريمة الاستيطان وجرائم الحرب المرتكبة ولا بد من تفعيل قرارات المجلس المركزي فورا بوقف التنسيق الامني وقرار التوجه الى كافة المنظمات الدولية والاستمرار في حملة المقاطعة مع الاحتلال وحملة فرض العقوبات على الاحتلال الاسرائيلي .
خلاصة القول: أصبحت أساليب حكومة العدو الصهيوني قديمة للغاية، فالمقاومة معتادة على منهج العدو وطريقة التعامل معه، والإسرائيليون لا يعرفون أحداً أكثر من نتنياهو وفساده وخيانته، وبذلك أصبح رئيس وزراء الاحتلال بين نارين، الأولى تتمثل في الغصب الشعبي المتصاعد بسبب احتياله وسوء إداراته للكيان، والثانية هي عدم قدرته على الدخول في حرب ربما تمتد إلى أبعد بكثير من غزة، حيث إن القصف الإسرائيلي الجبان على القطاع قبل أيام لا يمكن اعتباره إلا رسالة فاشلة ستجلب متاعب جديدة لنتنياهو الذي أصبح محيط منزله ساحة للتظاهرات العارمة المنددة بسياساته والمطالِبة برحيله.