بين الحين والآخر، يكشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن خبايا هزيمته المدوية في عدوانه على قطاع غزة عام 2014، والإخفاقات التي تعرضت لها قوات النخبة في الجيش المعروفة باسم "لواء جولاني" خلال محاولاتها للتقدم تجاه الأحياء السكنية داخل غزة والبحث عن تحقيق أي انتصار ميداني.
وفي شهادات جديدة، عرض عدد من جنود "جولاني" شهاداتهم الحية عن معركة الشجاعية شرق مدينة غزة، وتطرقوا إلى "تفاصيل جديدة ومثيرة" للمعركة "الأكثر ضراوة" خلال مشاركتهم في عدوان 2014 على القطاع، واشتباكهم المباشر مع مقاومي كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
وتحدث الجنود في برنامج "الوقت الحقيقي" الذي تبثه قناة "كان" العبرية بمناسبة مرور 6 أعوام على العدوان المذكور و"الأيام الصعبة" التي واجهوها في معركة الشجاعية، وكيف قُتل زملاؤهم في المعركة، ووجدوا صعوبة بالغة في سحب جثثهم من أرض القتال بسبب شجاعة مقاتلي كتائب القسام.
ووصف مقدم البرنامج في الفيديو الذي ترجمه موقع "عكا" المختص بالشأن الإسرائيلي ذلك اليوم بـ"اليوم الأسود" للواء "جولاني"، الذي خسر في هذه المعركة 17 جنديًا، وفق ما كشفت عنه رقابة جيش الاحتلال.
وأكد الخبير العسكري يوسف الشرقاي، أن الشهادات التي تخرج بين الفترة والأخرى حول المقاتلين في غزة وخاصة عناصر كتائب القسام، تظهر شراسة المقاتل الفلسطيني، واستبساله في صد عدوان الاحتلال.
وقال الشرقاوي لصحيفة "فلسطين": "شجاعة المقاتل الفلسطيني وقوته لا تقارن مع الجندي الإسرائيلي، حيث يتميز الفلسطيني بالشجاعة والإيمان بعدالة القضية، مع ظهور عامل آخر جديد عليه وهو الذكاء، حيث إن مقاتلي غزة يقاتلون بشراسة إلى جانب النظام والتكتيك".
وأضاف: "المقاتل الفلسطيني أصبح يعد نفسه جيدًا للمعركة من خلال التدريب المسبق والإعداد، لأنه يحتاج إلى ذلك في ظل العدو الذي يقاتله، وهو ما ظهر خلال معركة الشجاعية والتي كشف عنها جنود الاحتلال".
ودعا الخبير العسكري إلى توثيق معركة الشجاعية حتى لا ينساها الأجيال أو التاريخ.
ويعتقد الشرقاوي أن بسالة جنود القسام خلال معركة الشجاعية، تسببت في إعاقة اجتياح كاملة لجيش الاحتلال، وتغيير خطته من الهجوم إلى الدفاع، وسحب جنوده القتلى والمصابين، ومعداته العسكرية من دبابات وناقلات جند وأجهزة اتصالات.
ومن وجهة نظر الخبير العسكري رفيق أبو هاني، فإن إظهار قناة إسرائيلية لشجاعة مقاتلي غزة، يعطي رسائل سياسية من قبل جيش الاحتلال للمجتمع الإسرائيلي، بأنه غير قادر على حسم المعركة عسكريًّا مع غزة.
وقال أبو هاني لصحيفة "فلسطين": العقيدة العسكرية الإسرائيلية، مبنية على الردع، ثم الإنذار المبكر، والحسم العسكري، ومنذ عام 2006، ظهر الاحتلال بعدم قدرته على حسم المعركة مع المقاومة، "فبدأ بإضافة ركن رابع وهو الدفاع".
ولفت إلى أن جيش الاحتلال عزز من استراتيجيات الدفاع خلال الفترة الأخيرة، حيث قام ببناء الجدار الاسمنتي على السياج الفاصل، فوق الأرض وتحت الأرض، وكذلك القبة الحديدية.
وأما المختص في الشؤون الأمنية، محمد أبو هربيد، فأرجع أسباب كشف إخفاقات الجيش وإظهار بطولات كتائب القسام إلى رسائل يريد إيصالها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى المجتمع الإسرائيلي، "أن كلفة الدخول في حرب مع غزة باهظة".
وقال أبو هربيد لصحيفة "فلسطين": الفلسطيني أظهر قدرته على المناورة والتحدي ومواجهة أقوى أنواع الأسلحة خلال معاركه مع الاحتلال، لذلك الاحتلال يريد القول "إن غزة منطقة أصبحت قوة تشبه القوة العسكرية الموجودة في الدول والجيوش النظامية، وهو ما يأخذ منحنى الشيطنة له".
ولفت أبو هربيد إلى أن الاحتلال لن يجرؤ على الدخول مع قطاع غزة في معركة برية، بعد مشاهد القتال التي كشف عنها جيش الاحتلال في غزة وخاصة بالشجاعية، والتي تأتي تزامنًا مع ذكرى عدوان عام 2014.
وختم أبو هربيد أن الاحتلال يريد أن يبلغ الإسرائيليين بضرورة استمرار التفاهمات مع قطاع غزة، بدلًا من الدخول في مواجهة عسكرية معه، إضافة إلى بحثه عن أساليب جديدة في التعامل مع القطاع بعيدًا عن أي حروب، أو دخول بري لقواته على الأرض.