فلسطين أون لاين

اقتصاديون: إنشاء اشتية البنك الحكومي مزاحمة للقطاع الخاص ومخالفة للقانون

...
(أرشيف)
رام الله- غزة/ رامي رمانة

تفاوتت وجهات نظر اختصاصيين اقتصاديين حول سعي حكومة اشتية إنشاء بنك حكومي، فطرف يرى أن وجود البنك سيكون مزاحماً لبنوك القطاع الخاص ولن يختلف أداؤه عن بنوك البريد وسيكون معرضاً لعراقيل اسرائيلية، وطرف آخر يؤكد أهمية البنك لأنه سيمكن السلطة من توفير سيولة دائمة، ويخفف استدانتها من الخارج مع تعديل القانون لأن الاقتصاد الفلسطيني يعتمد على السوق الحر.

وكان رئيس وزراء رام الله محمد اشتية أعلن أخيرًا أنه جرى التوافق على اختيار منصب المدير العام لبنك التنمية والاستثمار الحكومي المرتقب، و ذكرت مصادر أن الشخصية هي بيان قاسم من الضفة الغربية، كان غادر مؤخرا، البنك الإسلامي الفلسطيني بعد توليه منصب المدير العام منذ مطلع أبريل 2014 إلى أن قدم استقالته الشهر الماضي.

وتبرِّر حكومة اشتية هدف إنشاء البنك تفادي عراقيل الاحتلال، بعد أن واجهت البنوك العاملة في السوق الفلسطينية ضغوطات إسرائيلية وتلميحات بعقوبات ودعاوى مدنية بشأن حسابات مصرفية تعود لأسرى ومحررين ذوي شهداء.

ووفق بيانات رسمية حكومية يبلغ إجمالي عدد حسابات الأسرى وذوي الشهداء المصرفية قرابة (25) ألف حساب.

وقال الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب: "إن المتعارف عليه في الأراضي الفلسطينية أن المصارف ومؤسسات الاقراض تتبع للقطاع الخاص، والحكومة دورها الاشراف والمتابعة، وهنا دخول الحكومة على هذا الخط بمثابة مزاحمة لعمل القطاع الخاص التي في الأساس بنت وماتزال غالبية أنشطتها على نشاط الحكومة المالي".

وأضاف لصحيفة "فلسطين": "ليس مفهومًا لنا إن كان هذا البنك الحكومي سيقتصر عمله على صرف رواتب الأسرى والشهداء أم سيصرف رواتب موظفي السلطة أيضاً، وعما اذا سيقدم قروضاً ويصدر شيكات".

وحث أبو الرب الحكومة على وضع أهل الاختصاص والمشورة في حيثيات انشاء البنك، لتدارك الأخطاء والعراقيل، مشيراً إلى أن الحكومة في تجاربها السابقة إما أن تتراجع عن مثل هذه المشاريع أو تفشل بعد أولى خطواتها.

وتساءل أبو الرب عن كيف سيتعامل البنك المركزي الإسرائيلي مع هذا البنك الحكومي، خاصة في أوقات توتر العلاقات بين الطرفين، وحجز أموال المقاصة.

وكانت حكومة اشتية أعلنت في وقت سابق، أنه سيتم ترخيص البنك كشركة ربحية برأس مال مقداره (20) مليون دولار، توفرها الحكومة وتبلغ محفظة الودائع للفئات المستهدفة حوالي (50) مليون دولار، فيما تبلغ محفظة القروض (30) مليون دولار.

وشدد الاقتصادي أبو الرب على أنه ينبغي من الحكومة أن تكثف جهودها من أجل إنشاء بنك مركزي واصدار عملة وطنية، والمساهمة في تقديم الحلول الفعلية للأزمات المالية والتضخم والبطالة، ممارسة كافة الرقابة  على النشاط المصرفي الفلسطيني.

وأشار أبو الرب إلى أن المواطن بات فاقدًا للثقة في المؤسسات الحكومية  لحالة الفساد والتسيب المالي وضعف الرقابة، ومن الواضح أنه سينظر إلى البنك على أنه مؤسسة حكومية يحدث بها ما يحدث مع المؤسسات الأخرى.

من جانبه قال الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية: "إنه بلا شك أن المصارف المحلية والوافدة ليست مرحبة بوجود مثل هذا البنك الحكومي لأنه سيسحب منها الكثير من الامتيازات، لكن في الوقت نفسه أتفق على وجود البنك لأنه منفعة، إذ سيمكن الحكومة من الحصول على سيولة نقدية دائمة والاستفادة منها وقت الأزمات المالية، ايضاً سيقلل من توجهات الحكومة نحو الاستدانة من المصارف الأخرى".

وأضاف اشتيه لصحيفة "فلسطين": أن المعضلة هنا قانونية، حيث إن انشاء بنك حكومي يتعارض مع الدستور، فالاقتصاد الفلسطيني قائم على السوق الحر".

وأشار إلى أن الحكومة قد تمضي في اجراءات البنك وتغض طرفها عن التعارض مع القانون أو أنها تتجه لتعديل القانون بحيث يصبح الاقتصاد الفلسطيني يجمع بين مزايا اقتصاد الرأسمالية والاشتراكية كما هو معمول به في فرنسا وألمانيا، مشدداً على أهمية تعزيز القدرة الرقابية على البنك الحكومي لضمان ثقة المواطنين به.

ولفت اشتيه إلى أن الحكومة كانت تفكر في السابق في إنشاء صندوق سيادي  تلجأ إليه في وقت الأزمات، مشيراً إلى البنك الحكومي بالمؤكد سيخضع لسلطة النقد.

  ويعمل في القطاع المصرفي الفلسطيني (15) مصرفاً محلياً ووافداً، بواقع (7) بنوك محلية و(8) بنوك وافدة، (7) أردنية وبنك مصري واحد، كما يعمل بنكان آخران في قطاع غزة هما "الإنتاج والوطني الإسلامي".