فلسطين أون لاين

​"بِقوم".. الخطأ الأول والأخير

...
غزة - أدهم الشريف

يرتدي حسين الكيلاني، "صنايعي" الرخام والجرانيت، قبعة سمراء تقيه حرارة الشمس الساطعة، وهو يسير على هيكل يعرف بالسقالات ويلفظ غزاوياً بالـ"بِقوم"، نُصِبَ مؤقتًا على واجهة إحدى العمارات السكنية في غزة، لإكمال أعمال البناء.

ويبدو هذا الشاب ذو البشرة السوداء، واثقًا وهو يتنقل على المنصة المرفوعة بواسطة أعمدة معدنية ركبت بطريقة خاصة، ويحمل ألواح الرخام واحدًا تلو الآخر لتركيبها على واجهة العمارة في شارع الجلاء.

يقول الكيلاني لـ"فلسطين" وهو ينفض يديه من غبار الأحجار: "بقدر الإمكان أحاول تأمين نفسي قبل الصعود إلى البِقُوم "مصطلح عبري"، خوفًا من السقوط، ولأن الخطأ الأول هنا هو الأخير".

ولا يبالي الكيلاني البالغ من العمر (30 عامًا) وهو يعمل لوحده من أصل 3 عمال، على بقوم رُكِّبَ على عمارة مكونة من 6 طوابق، لقد اعتاد على عملِه.

ويضيف: اليوم أعمل وحدي، وباقي العمال انتقلوا لإنجاز أعمال جديدة في أماكن أخرى، لأننا شارفنا على الانتهاء من هذه البناية.

ويتابع: "العمل على البقوم بحاجة إلى شخص متمرس، ولديه سرعه بديهة في التصرف حال وجد خطأ ما".

والسقالات تركب مؤقتًا بطريقة خاصة على المباني والمنشآت، إما بالربط من خلال النوافذ والفتحات، أو من خلال وتد، أو بأحد الأعمدة، أو عبر نقطة تثبيت، لإتمام أعمال البناء أو الترميم.

والكيلاني الذي يعمل على السقالات منذ ست سنوات، كما يقول، لا علاقة له بهيكل السقالات، وبالعادة يمتلكها أحد المقاولين وهو مسؤول عن تركيبها خلال يوم أو أكثر على بعض البنايات، وفكها أيضًا بعد الانتهاء منها، مقابل أجر مادي.

وقال: بعد تركيبها، نقوم بعملية مراجعة وتفتيش للسقالات بدقة، حتى لا يكون هناك أي خطأ يعرضنا للخطر.

وفي أحد طوابق البناية السكنية، كان كمال الهسي (18 عامًا) يقطع ألواح الرخام قبل أن ينقلها إلى الكيلاني بحذر دون أن تطأ قدماه السقالات لأنه غير مؤهل لذلك.

وعن ذلك يقول الكيلاني: لدينا أوامر من المقاول، بألا يصعد أحد على السقالات إلا عمال مخصصون للعمل عليها، بسبب خطورتها، ولأنها بحاجة إلى متمرس عليها بإمكانه التنقل عليها بثقة ودون خوف.

أما عن إجراءات السلامة للحفاظ على العمال من خطر الوقوع عنها، وأهمها معدات حماية الرأس والقدمين وحزام الأمان، قال الكيلاني مستغربًا: لا نعرفها ولا نستخدمها. نصعد السقالات ونتركها على الله.