فلسطين أون لاين

لا تكونوا كيهود يثرب يا جاحدي الثورة..!

لماذا يهود يثرب؟ لأنهم كانوا أشد الناس إيماناً واستبشاراً بنبيٍّ يحين زمان مجيئه، بل كانوا يهددون بالقتل كل من لا يؤمن به معهم، وتهديدهم كان للعرب الذين غلبت عليهم شقوتهم؛ فعبدوا الطواغيت والأوثان.

ولكن ما إن جاء النبي الأمين من غير جنسهم وملتهم، وجاء من العرب الذين كانوا يتوعدونهم، إذ بهم أكفر الناس به، إلا نفرا قليلا منهم.

واليوم أجد ذلك يتكرر في مشهد شاذٍّ غريب، أجده من أناسٍ يحدثوننا كثيراً عن الثورة، وعن بطولات الثوار وعظيم تضحياتهم، فحدثونا عن بوليفار وعن جيفارا الذي صار لقباً لأحد شهدائنا محمد الأسود، وحدثونا عن ستالينغراد الكف الذي واجه المخرز النازي، وحدثونا عن جياب ويوشي منا قادة الثورة الفيتنامية، وحدثونا عن الثورة الصينية وحكيمها ماو تسي تونع.. وحدثونا عن كل ثوار الأرض، ولم يكن ينتهي حديثهم حتى يصلوه بالتهديد والوعيد للرجعية العربية المتحالفة من الامبريالية من أن ثورة قريبة آتيه لا تُبقي ولا تذر..!

ولما جاءت الثورة عندنا، وتعززت أركانها واستوت على سوقها وجدنا أولئكَ المبشرين يجلدونها بألسنة حداد، وهم يتأففون من أثمانها ويستعظمون التضحيات، وأغرقونا بالحكايا الجميلة عن الرفاهية، وتناسوا أننا تحت احتلال قهري نرزح، هجّرنا من ديارنا، وتركنا في مجهول الشتات نهيم، ونسوا أنهم قالوا يوماً: ثوروا فلن تخسروا سوى القيد والخيمة.

ولكن ذلك لربما كان قبل أن ينغمس الملأ منه في ترف العيش، ويخشون على مكتسباتهم التي اكتفوا بها من دون الوطن؛ ليجدوا أنفسهم يناصرون ألحد الناس بالثورة، والأشد عبودية بالامبريالية وربيبتها الكنود.. تهاوت أقاويلهم، وما صرت به أقلامهم عن الثورة المجيدة.

صدمت في لقاء قد جمعني بأحد أولئك الرفاق الذي كفر بالثورة إلى الحد الذي جعلني لا أطيق الاستماع إليه وهو يستعظم الاحتلال وكيانه، ويستهين ويهون من قدرة شعبنا في أن يواجه هذا الورم الكبير..!

قد تمنيت لو أن هذا الصوت غاب قبل أن تعظم ثورتنا، وقد أصبحت "مأزق إسرائيل" كما يصفها المحتلون أنفسهم.

نعم، غزة تقاوم، والذي يقاوم لا بد أنه سيدفع أثمان الثورة، ومن قال إن الثورة بلا تضحيات كانت؟!

غزة دفعت أثمانا وسددت فواتير كثيرة بالتضحيات وهي ماضية، ولكنها لم تدفع بعد ما دفعه الفيتناميون في غابات هونوي وهم يواجهون النابالم الحارق من رأس الامبريالية ووريثتها أمريكا والمتحالفين معها من أذيالهم.

غزة لم تدفع ما دفعته الجزائر الشقيق وثوارها الأبطال من الحقد الفرنجي الامبريالي الذي غيب بالقتال مدناً وقرى، ولم نصل إلى الذي كان من الصمود الأسطوري الذي سطّره المدافعون عن ستالينغراد، وقد تواترت الأخبار والقصص أنهم أكلوا جثث الأموات والحيوانات، وهم يقاومون إلى أن غيّروا مسار حرب عالمية وهم يصدون غزواً كبيراً عليهم.

فلماذا تكفرون بالثورة التي بشرتم بها يوماً يا هؤلاء؟!