حالة من الركود تعيشها أسواق قطاع غزة مع قرب عيد الأضحى المبارك، رغم حركة صرف رواتب بعض القطاعات وشيكات الشؤون الاجتماعية، والمنحة القطرية.
ويقف الخمسيني أبو محمد عليوة على بسطته عند مدخل سوق عمر المختار في ميدان فلسطين وسط مدينة غزة، يبيع بعض ملابس الأطفال الخاصة بفصل الصيف.
وقال عليوة واصفًا الحركة الشرائية: "كله على الفاضي، نجلس منذ الصباح وحتى صلاة المغرب ولا نجد إلا القليل من النساء والرجال من يدخلون السوق" حسب قول عليوة.
وأضاف في حديث لصحيفة "فلسطين": "أعرض ملابس لا يتجاوز سعر القطعة الواحدة عشرة شواقل أو أبيع الاثنتين بـ 15 شيقلًا، وهي أسعار رخيصة بالنسبة للملابس التي كانت تباع في سنوات سابقة بأسعار أعلى من ذلك بكثير".
وبيَّن عليوة أنَّ الحركة لا تزال ضعيفة في الأسواق، ولكن ربما بعد نزول الرواتب في آخر الأسبوع تحدث بعض الحركة، ولكنها ستكون ضعيفة أيضًا عند مقارنتها بالسنوات الماضية التي كانت الأحوال فيها أحسن قليلًا.
أما زهير البيطار صاحب محل لبيع الملابس النسائية فلا يرى أنَّ الأمل والانفراج لحال الأسواق يكون ببعض الرواتب المنقوصة، أو المنح القليلة التي توزع على الفقراء والمحتاجين، وهي الفئات التي لا تَعدُّ شراء الملابس الجديدة أولوية من أولوياتها.
وأوضح البيطار في حديث لـ"فلسطين" أنَّ أصحاب محال الملابس كل عام تزداد أوضاعهم سوءًا، حتى أصبحوا يبيعون الملابس بأقل من سعرها عليهم من أجل جمع المال؛ لسداد الديون المتراكمة عليهم للتجار.
وذكر أنَّ نزول رواتب موظفي السلطة وموظفي غزة يمكن أن يحرّك السوق ليومين أو ثلاثة فقط، مستدركًا: "إلا أنَّ اقتراب موعد افتتاح المدارس سيجعل الأهل يفضِّلون شراء الملابس الخاصة بالمدارس بدلًا من شراء الملابس للعيد".
وأكد البيطار أنَّ الوضع "من سيئ إلى أسوأ كل عام"، وأنَّ الحلَّ لا يمكن أن يكون بصرف القليل من الأموال، بل بجب أن تعود الحركة التجارية الاقتصادية في القطاع.
من جهته قال محمود عبد الله صاحب بسطة في شارع عمر المختار: "ننتظر نزول الرواتب لموظفي السلطة وغزة؛ لتصبح هناك حركة في البيع والشراء في الأسواق، خاصة ملابس العيد، وملابس المدارس".
وأضاف في حديث لـ"فلسطين": "سأبقى أعرض الملابس الخاصة بالعيد وبنطلونات الجينز الخاصة بالأطفال للمدارس على مدار الأيام القادمة وحتى بعد العيد، فهناك سيدات ينتظرن العيدية ليشترين ما ينقص على أطفالهن من ملابس".
وأوضح عبد الله أنَّ أموال العيدية هي مصدر دخل آخر ينتظره الباعة على أحر من الجمر، وهو وإن كان قليلًا فإنه قد يساهم بمزيد من الحركة، خاصة أنَّ الطلبة على وشك العودة للمدارس وهم محتاجون للقمصان وبنطلونات الجينز، إضافة للأحذية.
مواسم متعددة
في السياق ذاته أكد الخبير الاقتصادي د. معين رجب أن الفترة الحالية التي نعيشها تجبر المواطنين على التوجه إلى الأسواق لشراء الملابس الجديدة سواء الخاصة بالعيد أو بالمدارس.
وقال رجب في حديث لـ"فلسطين": "هذه الفترة مليئة بمستلزمات مجتمِعة، وتفرض على رب كل أسرة أن يتجه إلى السوق، ولكن العبرة بالقدرة على الشراء"، لافتًا إلى أنَّ هناك رغبة قوية بالشراء ولكن القدرة على الشراء تكون مرهونة بالسيولة النقدية، والرواتب، وبفرص التشغيل للعمال المتعطلين.
وأضاف رجب: "الكل يعرف أنَّ الرواتب لم تُصرَف حتى الآن، وتُصرف بنسب متدنية خاصة لموظفي رام الله، كما أنَّ هناك تأخيرًا في صرف الشؤون الاجتماعية، إضافة إلى صَرْف المنحة القطرية، كلها لها تأثير وجوانب مشجِّعة في حال صُرفت في الأسواق".
وتابع: "حتى إنْ صُرَف كل ما سبق فإنَّ الدخل لا يزال متدنيًا، والسيولة النقدية قليلة، والموظفون يتلقون رواتب أقل من 50%، لذلك تبقى الصورة العامة تشير إلى نقص في السيولة النقدية".
وشدد رجب على أنه حتى لو أصبحت هناك حركة في الأسواق، فإنَّ المشكلة الأساسية تبقى قائمة ومتراكمة من حيث ارتفاع مستوى البطالة والفقر، وتدني مستوى الرواتب والأجور، كلها عوامل لها تأثيرها السلبي في مناحي الحياة ومن ضمنها الأسواق ومحلات الملابس.