حملة القمع التي تشنها السلطة في الضفة الغربية ضد منظمي الحراك الشعبي لرفض الفساد المستشري في مكونات السلطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى الرغم من محدودية الحراك، إلا أنه قوبل برد عنيف من السلطة وشيطنته وملاحقة المنظمين، وصلت لحد اقتحام البيوت والاعتداء على عائلاتهم، واعتقال بعضهم من الشارع وترك أطفالهم في الشوارع كما حدث مع الناشط صهيب زايدة.
بدأ الحرك بعد أن أصبحت ملفات الفساد تغطي على المشهد في الضفة، وخاصة التعيينات التي يقوم بها مسؤولو السلطة لأبنائهم والمحيطين بهم، والأسوأ هو دفاعهم عن ذلك، يضاف لها الامتيازات التي يحصل عليها مسؤولو السلطة وأبناؤهم في ظل ظروف اقتصادية قاسية تصل إلى مرحلة الانهيار كما يحدث في الخليل، وجنين.
السلطة تركت المواطن يواجه الكورونا وحده وانتقلت لمرحلة تحميل المواطن المسؤولية، على الرغم من أنه في بداية انتشارها تفاخرت حكومة اشتية بالإجراءات التي اتبعتها وأنها نموذج يحتذى به، لكن سرعان ما تم اكتشاف أن الأمر مجرد بروز إعلامي بين أقطاب السلطة لتحقيق إنجازات شخصية على حساب المواطن.
الفساد طال العملية السياسية من خلال استمرار التنسيق الأمني، الذي ثبت أنه مستمر ومتواصل، بل يتم الحديث عن عودة التفاوض مع الاحتلال، لسبب رئيس هو محافظة قادة السلطة على مكتسباتهم الاقتصادية والمالية في العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي.
الواضح أن قمع الحريات سيتواصل في سبيل الحفاظ على المصالح الشخصية لمسؤولي السلطة، وقمع كل من يحاول أن يمس ما تسمّيه القامات العليا، وهو النهج الذي اتبع قبل ذلك في التعامل مع الفنان والرسّام الوطني ناجي العلي الذي اغتيل في مثل هذه الأيام في لندن عام 1987، لمواجهة النظام الفاسد لذات المنظومة في حينه، لكنها اليوم طورت هذا الفساد وتعيش عليه من خلال التنسيق الأمني وتسمين شركاتهم ومؤسساتهم وحماية أبنائهم وتعيينهم في المواقع والمناصب التي تحميهم.
كل ذلك جعل السلطة مرهونة للاحتلال فيما يتعلق بإدارة الضفة الغربية وتحولت إلى مجرد إدارة مدنية يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني من قوت يومه، وتحويل الشعب الفلسطيني إلى تابع اقتصادي للاحتلال، وتحوّل الفساد إلى منظومة متكاملة تطال كافة مكونات السلطة، وتتكاثف معًا لقمع ومهاجمة كل من ينتقدها.