فلسطين أون لاين

ذو الحجة.. فرصة يستثمرها الغزيون اجتماعيًّا

...
غزة/ هدى الدلو:

يحل ذو الحجة اليوم بنفحات إيمانية تنعكس على الحياة الاجتماعية للناس، فمنهم من يراجع علاقاته بالآخرين، ومنهم من يعيد ترتيب أوراق يومياته، وقبل كل شيء يغرسون القيم في أبنائهم وأسرهم، وللقصة بقية.

باسمة العكر التي تقطن في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تجد في العشر الأوائل من ذي الحجة وكأنها "شهر رمضان مصغر" كما تصفها، حيث يغلب على هذه الأيام الطابع الروحاني والإيماني في أجواء البيت، وتراها مناسبة قوية لتعيد توطيد العلاقات الأسرية والاجتماعية.

"أتخذ منها فرصة للجلوس مع أبنائي الثلاثة لأحدثهم عن فضل هذه الأيام المباركة، وأروي لهم قصة سيدنا إبراهيم عندما رأى في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل، عليهما السلام، وفداه الله بكبشٍ، فأعيد ترتيب أولوياتي تجاه أبنائي في تربيتهم على مبادئ وأسس دينية"؛ تقول باسمة لصحيفة "فلسطين".

وفي كل مناسبة دينية تعكف العكر على عمل زاوية في بيتها تحمل ملامح هذه المناسبة لأجل غرسها في نفوس أبنائها الصغار، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية قد لا تسعف في ممارسة كل الطقوس، ولا تقتصر في ذلك على عائلتها الصغيرة بل تعمل على إشراك الكبار لتعيد اللمة العائلية.

كذلك رفيق عناية من مدينة غزة، فيستثمر هذه الأيام الفضيلة في إنهاء الخلافات بين المتخاصمين، حيث عمد في العام الماضي على إصلاح ذات البين بين أب وابنته التي جاءت إليه مستنجدة به لتعود المياه إلى مجاريها في علاقتها مع والدها، مبينًا أن الجو الإيماني الذي يغلب على هذه الأيام يدفع نحو الخير، والتصالح مع الآخرين، وإنهاء الخلافات القائمة ابتغاء الأجر والثواب.

ويشير إلى أن التقرب إلى الله تعالى لا يقتصر على الصلاة والصيام فقط، بل هناك أعمال أجورها عظيمة عند الله كتفقد الأقارب، مضيفًا: "منها التصالح مع الخصوم خاصة إذا كانوا من الرحم وزيارتهم، فالخير لمن سبق في الصلح خاصة في الأيام العشر".

أما الشابة نيبال بخيت فقد اتخذت منحى آخر في استثمارها للأيام الفضيلة المقبلة، حيث تعمد كل عام في مثل تلك الأيام على الالتحاق بالعمل مع فريق تطوعي، حيث يكون اشتراكها نابعًا من مبدأ مساعدة العائلات الفقيرة، وتحسس أوجاعهم وآلامهم والعمل على تخفيفها، ولإدخال بهجة العيد على قلوبهم.

وتضيف: "إلى جانب أن تلك الأعمال تزيد أجرنا عند الله، فهي أيضًا تزيد من خبرتي في التعامل مع فئات المجتمع، لكوني أنهيت دراسة الخدمة الاجتماعية".

بدوره يقول رئيس قسم الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في الإدارة العامة للصحة النفسية إسماعيل أبو ركاب: "المواسم الدينية كشهر رمضان وعيد الفطر، والأضحى وما يسبقه من أيام مباركة هي مواسم طاعات وعبادات، ونحن من المجتمعات التي تتأثر فيها من ناحية دينية بالتصدق وتفقد المحتاجين، والأسر المستورة من الأقارب، وصلة الرحم وإصلاح المتخاصمين".

ويذكر في حديث مع صحيفة "فلسطين"، بأهمية التقرب إلى الله لا سيما في العشر الأوائل من ذي الحجة، "ولذلك نجد حملات التسامح والتصافح والعمل الصالح ينشط في تلك الأيام، ونبذ الخلافات الداخلية والأسرية لما له من أجر مضاعف"، وفق حديثه.

ويوضح أبو ركاب أن المناسبات الدينية تعيد ترتيب العلاقات الاجتماعية بين الناس، ورجال الإصلاح تنشط أعمالهم هذه الأيام ويستثمرونها في إصلاح ذات البين والتسامح.

ويختم بأن الفترة التي تسبق الجائزة الربانية (العيد) يراجع الكثيرون فيها قصورهم في علاقات مع الآخرين ويعملون على تحسينها وتوطيدها من خلال زيارات، والتي هي سنة محمودة تزيد من الترابط الاجتماعي.