فلسطين أون لاين

زراعة "المورينجا" الغنية بالفوائد تجربة جديدة تشق طريقها إلى المَزارع

تقرير "شجرة الحياة" .. تتسلق السماء من حضن غزة

...
أحد مشاتل وزارة الزراعة حيث يتم الاعتناء بشجرة المورينجا .jpeg
غزة/ يحيى اليعقوبي:

بارتفاع مترين أو ثلاثة أمتار، تعرج نحو الأعلى في أحد مشاتل وزارة الزراعة شمال قطاع غزة، تتمدد أغصانها وتزهر أوراقها الخضراء الصغيرة على جانبيها وهي تتمايل وتلاعب الرياح وكأنها تتباهى بنفسها و"حسبها ونسبها"، يشتد عودها أكثر؛ مواصلة النمو، المزارعون  يروونها وينظفون الأرض تحتها من الأعشاب الضارة والاعتناء بها باستمرار كما تعتني الأم بطفلها الصغير، ففوائدها الكثيرة تجعلها تستحق هذا الدلال.

للوهلة الأولى تعتقد أنها شجرة عادية، كباقي الأشجار، إلا أن "المورينجا" لها فوائد طبية عديدة ويطلق عليها اسم "شجرة الحياة" أو "الشجرة المعجزة"، أشبه ما يكون بـ"صيدلية متكاملة" تحمل في أجزائها المختلفة الشفاء لكثير من الأمراض، وتشتمل على أضعاف مضاعفة من العناصر الغذائية التي لا غنى لجسم الإنسان عنها كالحديد والمعادن والفيتامينات والأحماض الأمينية ومضادات الأكسدة، وتعالج العديد من الأمراض كالأنيميا وأمراض القلب والمخ والأعصاب والسرطان، والكبد والطحال، والأمراض الجلدية والروماتيزم وغيرها.

وتنوي وزارة الزراعة توزيع 100 ألف شتلة منها بعد وصولها للحجم المطلوب، بعد أن تنبت قرونها وتتدلى بكثرة من أغصانها نحو الأسفل.

تربى الشجرة حاليًّا في مشاتل خاصة، تزرع البذور كاملة النضج في حفرة بعمق 30 سم وقطر 30 سم، ولا يفضل زرعتها في فصل الشتاء لحساسيتها للبرودة، وتُزال الأعشاب الضارة، وتضاف الأسمدة حسب الحاجة، ويجب عدم المبالغة بعملية الري لتجنب الإصابة بالأعفان، وتحدد مسافات الزراعة حسب الغرض من زراعتها؛ وفقًا لحديث مدير قطاع المشاتل بوزارة الزراعة م. شاهر الريفي.

 يشرف الريفي على الاعتناء بالشجرة في المشتل منذ عامين، ويقول عنها: "المورينجا شجرة عرفت منذ القدم، لكنها انتشرت في قطاع غزة منذ خمس سنوات، وبدأ الاهتمام بها لكثرة فوائدها الطبية والاقتصادية، ويمكنها أن تعالج بشكل مباشر نحو 300 مرض".

ويضيف لصحيفة "فلسطين": "إضافة إلى أنها تستخدم في العلاج، هي تتحمل درجة الحرارة العالية وتتلاءم مع الظروف البيئية في غزة، فالوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا في ثقافة العناية بالأشجار ذات ازدواجية الفائدة البيئة والاقتصادية، على أساس أنه يستفاد منها في جميع الاتجاهات".

وفقًا لحديث الريفي، إن خطة الوزارة في إنتاج كميات كبيرة من "المورينجا" بدأت متوسطة المدى 3-5 أعوام، يتابع: "إننا سنوزعها إجباريًّا على المزارعين والأشخاص الذين ليس لديهم دراية بالفوائد الطبية للشجرة، لذا نعمل على نشر ثقافة زراعتها".

ويشير إلى أن الوزارة تعمل من طريق المشاتل على إكثار المورينجا وتوزيعها، موضحًا أن الشجرة تتحمل الظروف البيئية وقلة المياه ورداءتها.

وتبعًا لحديث الريفي الذي يشرف يوميًّا على  الاعتناء بالشجرة منذ أن كانت بذورًا، إن الخطة الأولى لزراعتها بدأت بمحافظة الشمال ثم ستنتقل إلى محافظات جنوب القطاع، وتمر بمدينة غزة، على مساحة إجمالية تبلغ عشرة دونمات بمتوسط ثلاثة دونمات في كل محافظة.

أمامك تمتد نحو 300 شجرة مورينجا أصبحت قريبة جدًّا من حمل البذور التي تنتج داخل قرونها الخضراء، يقول: "إن الشجرة في أول عامين بعد زراعتها تنتج نحو 1500 بذرة في كل كيلوجرام، ولدى الوزارة مخزون من هذه الأشتال".

مميزات لا حصر لها

عن حجمها المفترض يتحدث الريفي: "يصل طولها إلى ستة أمتار، لكنها الآن بلغ طولها 2-3 أمتار، وتشبه قرونها "البازيلاء"، وبقي ثلاثة أشهر لإنبات البذور".

ويقول: "جهزنا أشتال أمهات بنظام زراعة البذرة كي تحتفظ بصفات الأم، وهي أضمن لعملية الإكثار، أيضًا زراعة الشجرة من البذور تعطي في الكيلوجرام الواحد 1500 بذرة، وهذه أفضل في الإكثار الخضري من زراعة العقد (غصون الأشجار)، وبهذه الطريقة تستطيع الوزارة خلال مدة زمنية معينة إنتاج 100 ألف شتلة".

من مميزات شجرة المورينجا -والكلام للريفي- أنها من أكثر النباتات فائدة في العالم وتتميز بأنها دائمة الخضرة وسريعة النمو؛ فهي من أسرع الأشجار نموًّا، فيصل ارتفاعها لأكثر من مترين خلال شهرين، ويمكنها النمو في المناطق الاستوائية والمعتدلة.

وتزرع محصولًا أو مصدات رياح أو للظل أو أشجار زينة، وأوراقها وثمارها من أكثر الأغذية فائدة وغنى بالمكونات الغذائية (البروتين - فيتامين C - الكالسيوم - البوتاسيوم - الحديد).

 وتتميز بقدرتها العالية على التكيف مع أي بيئة وتحمّل الجفاف، لذلك تنمو في المناطق القاحلة والحارة ونصف الجافة والجافة، وفي المناطق المعتدلة والدافئة، وتتحمل مدى واسعًا من الظروف الجوية إذ يمكنها أن تنمو في 25 - 36م وتتحمل حتى 48م، وتتحمل الصقيع الخفيف، وفقًا لحديث الريفي.

"جميع أجزاء المورينجا -يتابع- مفيدة ومستخدمة، كالأوراق والساق والجذور والأزهار والبذور، وهي أهمها".

ويقول: "تستخدم المورينجا في مجالات عديدة، فأزهارها وثمارها تستخدم في أغراض الزينة، والبذور في تنقية مياه الشرب باستخدام مسحوق البذور بدلًا من استعمال الكيميائيات، ولها استخدامات في صناعة العطور ومستحضرات التجميل، وأوراق المورينجا من أفضل مصادر الحديد إذ تساعد في عملية الهضم، ويحتوى زيت البذور على مواد مضادة للميكروبات، وهو من أجود أنواع الزيوت، وتستخدم لإنتاج عسل نحل جيد، ويستخدم القلف في دباغة الجلود، وتستخدم على هيئة بهارات، وتعد علفًا ممتازًا مقارنة بـ"البرسيم" الحجازي".

من الفوائد الطبية والعلاجية للمورينجا حسب خلاصة مجموعة من الأبحاث الطبية، يذكر أنها لها قدرة على تزويد الإنسان بسيل من المغذيات يتجاوز بمراحل كل المصادر الأخرى الحيوانية والنباتية، من المعادن والفيتامينات والأحماض الأمينية ومضادات الأكسدة.

 ومسحوق الأوراق المجففة -حسبما يبين- يحتوى على 9 أضعاف البروتين الموجود في "الزبادي"، وأربعة أضعاف فيتامين أ الموجود في الجزر، و19 ضعف الحديد الموجود في السبانخ، و4 أضعاف الألياف في الشوفان، و4 أضعاف البوتاسيوم في الموز، و7 أضعاف فيتامين " "C الموجود في البرتقال.

ومن أهم الفوائد العلاجية يذكر الريفي أنها تعالج مرض الأنيميا وأمراض القلب والمخ والأعصاب والسرطان، والوقاية من الإصابة بفقدان البصر الناتج من نقص فيتامين A، وعلاج التهاب المثانة وعلاج التهاب البروستاتا، وعلاج الاستسقاء باستخدام عصير الأوراق مخلوطًا بالليمون لأنه يعمل على إدرار البول، وعلاج الدمامل والبثرات وعلاج الإسهال وعلاج الكبد والطحال، وعلاج الأمراض الجلدية والروماتيزم.

100 ألف شتلة

يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة أدهم بسيوني: "شجرة المورينجا من النباتات الطبية ولها فوائد كبيرة، وزراعتها سهلة إذ تنبت على حواف الأرض فيمكن استغلال ذلك وزراعتها في الهوامش، وهي غنية بكل العناصر الغذائية، وتسمى "الشجرة المعجزة" من كثرة فوائدها، الطبية فتستخدم للوقاية من العديد من الأمراض".

ويضيف بسيوني لصحيفة "فلسطين": "إن الوزارة أخذت على عاتقها نشر فكرة زراعتها في الأماكن العامة، وهي من ناحية الزينة لها مظهر جمالي ومرعى للنحل، إضافة إلى أن زراعتها تعمل على استغلال المساحات الفارغة فيما هو مفيد".

ويشير إلى أن الشجرة لدى وزارة الزراعة منذ سنوات، وتزرع على نطاق ضيق، لكن الوزارة اليوم أرادت أن تزرع كميات كبيرة من الأشتال وتوزيعها على المواطنين والمزارعين وفي الأماكن العامة مجانًا، مقدرًا أن ما سيوزع يبلغ 100 ألف شتلة قيد الرعاية حتى وصولها للحجم المناسب.

ووفقًا لإفادة المتحدث باسم "الزراعة" إن فوائد النبتة عديدة وتوجد في كل أجزاء النبتة، وهذه الشجرة تحتاج إلى الشمس في عملية البناء الضوئي، وتزرع في الحدائق المنزلية والمؤسسات، وأوراقها مهمة في زيادة إنتاج حليب الأبقار.

المصدر / فلسطين أون لاين