فلسطين أون لاين

النقب.. تهجير بحجّة التشجير

...

ضاعف "الصندوق الدائم لـ(إسرائيل)" ("كاكال") عمليات التشجير في قرى النقب خلال الأشهر الأخيرة، واخترق ما تبقّى من الأراضي الزراعية في القرى مسلوبة الاعتراف، وقامت عناصره بزراعة الأشجار فيها.

تبدو الصورة لطيفة؛ دولة تمارس صلاحيّاتها لمنع التصحّر.. هذه الصورة التي ترسمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي فقط. أمّا أهالي النقب فَيَرون أنّ هذا التشجير هو خروج من مرحلة التخطيط إلى تنفيذ "التهجير الأخضر" للاستيلاء على قرابة 40 ألف دونم في المرحلة الأولى، تعرّفها (إسرائيل) على أنها "أراضي غائبين"، هُجّر مالكوها في النكبة على الرغم من أنّ عائلات أخرى أو أقرباء لأصحاب الأرض سكنوها وزرعوها حتى اليوم.

والمناطق المستهدفة بـ"التهجير الأخضر": خربة الوطن، والظحية، وضواحي بلدة تل السبع وشقيب السلام والمناطق الشمالية والجنوبية من مدينة رهط، بالإضافة إلى صواوين وبير المشاش والغراء وأبو تلول وقرى أخرى.

وسابقًا ركّزت جرافات الـ"كاكال" العمل في أطراف القرى مسلوبة الاعتراف، وعملت على تشجير المناطق الحدودية بين شماليّ النقب وجنوبيّ الضفة الغربيّة، وكانت الحالات التي اخترقت فيها القرى العربية معدودة، ولكن مع انتهاء فترة ولاية وزير الزراعة السابق عن "البيت اليهودي"، أوري أريئيل، بُلورت الصيغة النهائية لمشروع التحريش الأكبر في النقب وأصبح "الصندوق الدائم لـ(إسرائيل)"، الوكيل المعتمد لتشجير أراضي النقب، ووضعت للمخطط ميزانيّة تصل إلى 3 مليارات شيكل لـ"تنظيم الاستيطان البدوي".

ويتركز دور الـ"كاكال" في إغلاق المساحات الزراعية في القرى العربية بالأشجار، لمنع توسع العرب وقتل الطابع الزراعي للحياة.

وقال النائب عن القائمة المشتركة، سعيد الخرومي، لموقع "عرب ٤٨" عن دور "الصندوق الدائم لـ(إسرائيل)" السياسي في النقب إنّ "سياسة عمل الـ"كاكال" في النقب تعتمد على تشجير كل قطعة أرض غير مسكونة، أو بإمكان عرب النقب استخدامها أو قد تدخل في حيّز تخطيط مستقبلي واعتراف. وهذه السياسة هي جزء من خطة الوزير اليميني السابق، أوري أريئيل، والذي في فترته حُوّلت ميزانيات ضخمة لسلطات التهجير في النقب، ومنها تكوين وحدة "يوآف" الشرطية، بالإضافة إلى تمويل "الصندوق الدائم لـ(إسرائيل)" لتشجير أراضي العرب في النقب".

وقال الخرومي "في هذه المرحلة، الـ’كاكال’ هو مقاول لدائرة أراضي (إسرائيل)، ويطبّق ما تقره الدائرة ويتلقّى التمويل لفعل ذلك".

وتقتلع عناصر "الصندوق الدائم لـ(إسرائيل)"، أشجار الزيتون والأشجار المحلية التي يزرعها عرب النقب.

ومن النماذج المعروفة في النقب اقتلاع أكثر من 4000 شجرة في قرية العراقيب وتحريش مكانها، وتقوم الجّرافات بحراثة المحاصيل وتدميرها ومن ثم ينتقل لمرحلة التحريش وبناء الغابات الأوروبية على أرض النقب. تستهلك الأشجار الصنوبرية المياه الجوفية في النقب مع شُح الأمطار، وتدمّر الأوضاع الزراعية في القرى مسلوبة الاعتراف.

وتباغت عناصر "الصندوق الدائم" أهل القرى مسلوبة الاعتراف في الآونة الأخيرة. فبين ليلة وضحاها تقتحم الجرافات الأرض العربية وتبدأ بالتدمير والتحريش دون إنذارات قضائية أو إعطاء الفرصة لتقديم اعتراضات أو المطالبة بالأرض حسب القانون الإسرائيلي.

ويستخدم هذا "الصّندوق" حجّة الأرض المتروكة لشرعنة تشجير وسلب الأرض العربية، وعنها قال رئيس المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف، عطية الأعسم، لـ"عرب ٤٨"، إنه "لا أرض متروكة في النقب. الأرض التي هجر منها أهلها في نكبة فلسطين من قبل العصابات الصهيونية، يزرعها ويحصدها أقرباؤهم ممن استطاعوا البقاء في أرضهم، أو عائلات أخرى تحفظ لهم الأرض.. ما يفعله الـ"كاكال" هو محاولة سلب أراضٍ واضحة الملكيّة وعلنية. وخطر أشجار أوروبا يهدد اليوم 40000 دونم من الأرض".

وقال الأعسم إنّ الـ"كاكال" عدو واضح في النقب، "لا عقلية له سوى تخريب حياتنا ولا هدف سوى تهجير العرب".

ويقارع أهالي قرية الظحية مسلوبة الاعتراف جرافات الـ"كاكال" منذ عامين، وهو موعد الاقتحام الأول لقريتهم. شهدت القرية حينها عدّة مواجهات مع عناصر وموظفي "الصندوق الدائم"، كما شهدت اعتقالات واعتداءات وتهديد أطفال في القرية بالسلاح من قبل نفس العناصر. واليوم، تتوسّع رقعة التحريش في القرية ويترافع الأهالي من عائلة أبو وادي وعائلات أخرى في المحاكم الإسرائيلية لحماية أرضهم رغم عدم تعويلهم عليها.

وقال أبو عدنان أبو وادي لـ"عرب ٤٨" إنّ "وقاحة "الصندوق الدائم" لا حدود لها. يقتحمون أرضك ويحرشونها في قنواتنا الزراعية ويدخلون لسقاية أشجارهم وهم يمنعون الماء عن الناس".

وقال أبو وادي إنّه "لا يوجد أصعب من أن ترى اقتحام أرضك أمامك، وتحاول مؤسسات التهجير العربدة بشكل مستمر، نتابع القضية في محاكم الاحتلال وهناك جلسات قريبة ستقرر ملكية الأرض، ولكننا نعلم جيّدا ملكيتنا لها ولسنا بحاجة لهم لإثباتها. ما يحاول الـ"ككال" فعله بالتشجير بين بيوتنا هو فرض الأمر الواقع علينا وفرد العضلات دون أي حجة قانونية؛ لكننا مستمرون في نضالنا وباقون على أرضنا".

المصدر / وكالات