فلسطين أون لاين

​قرارات السلطة الجديدة أتت على أعتاب تطورات بالساحة السياسية الدولية

صالح: مؤشرات متعددة لإدخال غزة "بيت الطاعة"

...
بيروت / غزة - أحمد المصري

أكد مدير مركز الزيتونة للدراسات والأبحاث في بيروت، د.محسن صالح، وجود مؤشرات متعددة طفت مؤخرًا داخل الساحة الفلسطينية، يُلمس من خلالها محاولات إدخال قطاع غزة لـ"بيت الطاعة وركب التسوية" الذي تقود دفته السلطة الفلسطينية في رام الله.

وقال صالح لصحيفة "فلسطين": إن "جزءًا من هذه المؤشرات يتعلق بقضية خصومات الرواتب التي جرت بحق موظفي السلطة الفلسطينية بغزة، والتلويح باتخاذ إجراءات أخرى بحق قطاعات مختلفة ومتنوعة في القطاع".

ورأى أن ما يجري ليس إلا محاولة مستميتة من قبل السلطة الفلسطينية لتطويع القطاع، دون أن تدفع السلطة لأي من استحقاقات المصالحة الوطنية، إلى جانب محاولة إظهار تعاونها وتعاطيها مع الرؤى والمشاريع الأمريكية تجاه ملف "التسوية".

وأرجع صالح موقف السلطة وقراراتها الجديدة للتطورات الحاصلة في الساحة السياسية الدولية، ودعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس السلطة محمود عباس بزيارة واشنطن وإبداء رغبته في تجديد مسار التسوية.

ولفت إلى أن الاستقطاع المالي من موظفي السلطة، والتضييق على معيشة الناس وأحوالهم الاقتصادية، وإيجاد أجواء سلبية في قطاع غزة، سياق ترى فيه السلطة منطلقًا مهمًا لإيجاد ضغوط على الحكومة بغزة وحركة حماس، ونقطة لإعادة فرض سيادتها من جديد على قطاع غزة.

وقال: إن السلطة الفلسطينية كنظام سياسي يرأسه عباس اعتادت السير في مثل هذه المعتركات السياسية، حيث في كثير من الظروف غير المواتية لها كانت تلجأ للمصالحة وعقد القاءات الوطنية التي لا تعمل بها، وفي حال كانت الظروف السياسية معها تلجأ لعصا الضغط والتضييق والمشاركة في الحصار.

وتوقع صالح "فشل" كل محاولات تطويع قطاع غزة، وإدخاله بحالة الضغط الاقتصادي والسياسي لـ"بيت الطاعة" الذي تشرف عليه الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن مسار "التسوية" الذي تحاول أمريكا إنعاشه من جديد قد وصل إلى طريق مسدود، وأن "جدرانًا سميكة" عدة تقف في طريقه تتمثل في الاستيطان والتهويد وابتلاع الأرض والسيطرة على المقدسات، إضافة للحكومات اليمينية المتطرفة التي تحكم (إسرائيل).

وأكد أن قطاع غزة فرض عليه الحصار منذ ما يزيد على 10 سنوات، ولم تفلح كل الجهود الرامية لتحقيق أهدافها المتعلقة في إنهاء مشروع المقاومة، وفرض مشاريع التسوية، في وقت عبرت المقاومة بغزة عن كرامة وعزة الإنسان الفلسطيني بكل شموخ.

وتابع قائلًا: "ميزة غزة أنها كلما حُشرت في الزاوية كلما أبدعت، وأخرجت ما فيها من رجال وإبداعات والتصاق في الأرض، وقدرة على التفاعل والحياة حتى في الجانب العلمي والأكاديمي"، مضيفًا: "وكل ما يجري حديثًا سيلقى نفس الفشل السابق".

ونبه صالح على أن قطاع غزة سبق أن حوصر عسكريًا بعد احتلال فلسطين عام 1948، وحرب 1967، فيما نال القطاع حصارًا اقتصاديًا مباشرًا مع بداية تشكيل حكومة إسماعيل هنية (الحكومة العاشرة) عام 2006، بمشاركة أساسية من الاحتلال وأطراف عربية.

ولفت إلى أن الضغط الاقتصادي على المواطنين في القطاع يُلحظ عليه أنه يجري لأول مرة ضد موظفين يتبعون للسلطة الفلسطينية وحركة فتح، وأن ذلك يشير لمحاولة الضغط على القطاع بعموم من يعيش بداخله لِلَيِّ ذراع الأخير سياسيًا.

وطالب صالح وإزاء ما يدبر لقطاع غزة وإن لم تتضح جميع معالمه باللجوء للعمل الوطني المشترك، وتشكيل حالة وطنية من كافة الفصائل الوطنية والإسلامية لتمثيل ما يريده الشعب ويطلبه على الصعيد الوطني والاجتماعي.

ودعا إلى ضرورة التأكيد أن المعاناة في قطاع غزة واحدة ولا تخص جهة دون أخرى، والعمل في ذات الوقت بيد واحدة للضغط فصائليًا على السلطة للتوقف عن لجوئها لخيارات بعيدة عن الإجماع الوطني تهدف لوضع "غزة في الزاوية".