"سأبقى على العهد مع شعبي مشروع شهادة حتى كنس أخر فاسد في فلسطين، وفي حال استشهادي أطلب من قيادات الحراكات الشعبية السبعة التي اتحدت لمقاومة الفساد أن يتهيأ أحدهم لحمل الراية من بعدي لمواصلة المسيرة".. لم تكن هذه إلا كلمات للناشط في مكافحة الفساد فايز سويطي، باح بها خلال اعتقال أمن السلطة له.
وكانت قوة معززة قوامها 5 مركبات من مباحث شرطة الخليل، حاصرت قبل أيام منزل سويطي، الواقع في بلدة دورا بالخليل، جنوب الضفة الغربية، وأصرت على اعتقاله وتفتيش بيته.
فرد عليهم: "دعوني أغير ملابسي فرفضوا .اعتلى الصراخ والجدل بيني وبينهم، فقلت لهم ستندمون على ما فعلتم وانتظروا ردة فعل الشارع الفلسطيني غدًا".
وتابع: "أجزم أن من بعثكم هو شرطي فاسد متورط في سرقة مئات السيارات المشطوبة. اقترح المحامي خالد عمرو (كان متواجدًا في المكان) حلا وسطًا للملمة الوضع وقال لي اركب معي في سيارتي في الكرسي الأمامي معززا مكرما وستعود بعد ساعة ان شاء الله. وركب في الكرسي الخلفي أحد أفراد المباحث من دورا، لكن عدت إلى البيت في اليوم السابع". وأطلقت شرطة الخليل سراح المهندس سويطي، أول من أمس.
والناشط سويطي (63 عامًا) حاصل على ماجستير في الهندسة الكيميائية، كما أخبر "فلسطين" في اتصال هاتفي، تعرض للاستدعاء لدى أمن السلطة والاعتقال 11 مرة في سجونها، لدى الأمن الوقائي، والمخابرات العامة، والمباحث.
وذكر أنه "كان يعمل في وزارة الحكم المحلي نائبًا لرئيس البيئة في منطقة الخليل، لكن لاحقًا أحيل للتقاعد بسبب نقد الفاسدين على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)".
وأضاف سويطي: "أثناء عملي في وزارة الحكم المحلي اكتشفت أن المدير العام كان حاصلاً على ثانوية عامة، وفنيًا وإداريًا لم نكن ننسجم أو نتفق معًا".
وتابع: "لاحقًا اكتشف أن هذا المدير تورط قبل سنوات في منح أشخاص تراخيص غير قانونية لإنشاء مصنع أسمنت، وتم تشكيل لجنة تحقيق على مستوى عالٍ، وقررت اللجنة نقله إلى جهة لا تتعامل مع الجمهور، لكن الوزارة لم تنفذ توصيات اللجنة".
وأكمل: "بدوري طالبت الوزارة بتنفيذ توصيات اللجنة، والوزارة عدت ذلك إساءة للمقامات العليا، وقررت وقف ترقيتي التي كانت مقررة آنذاك من نائب مدير للبيئة في مدينة الخليل إلى مديرًا لها، حتى أحلت إلى التقاعد".
"أما الشخص الذي طالبت بتنفيذ توصيات اللجنة بحقه، ترقى إلى وكيل مساعد الوزارة ومن ثم وكيل الوزارة" كما يقول سويطي، الذي أشار إلى تعيين "شخص مسؤولاً عن البيئة في منطقة الخليل، ليس له علاقة بالبيئة أصلاً".
"بعد ذلك اشتد نقدي للوازرة اثر التلاعب بالترقيات والدورات الخارجية والتعينات، وخاطبت الوزارة حينها لمعالجة هذه الأمور، بعشرات الرسائل لكن أحدًا لم يرد على أي رسالة. بعدها فوجئت أن مديرًا آخرًا خرج في دورة خاصة بالبيئة إلى ايطاليا، كان من المفترض أن أكون أنا مشارك فيها، لكنه استغل مكانته وسافر بدلاً مني" وفق سويطي.
وذكر أنه كتب مقالاً صحفيًا في يوليو/ تموز 2011، نشر على عدة وسائل الإعلام بعنوان "رسالة من موظف إلى مديره العام"، واثر هذا المقال نقلته الوزارة من عمله بالخليل للعمل في مدينة أريحا، لمدة عامين كاملين عانى خلالها من حرارة الطقس، وطول المسافات التي تزيد عن 200 كيلومتر مربع ذهابًا وايابًا يوميًا.
لم ينتهِ الأمر عند ذلك، إذ رفعت شخصيات متنفذة في السلطة 5 قضايا عليه في المحاكم، أسقطت منها قضيتان، وبقيت 3 قضايا عند القضاء.
وأكد أن "الإجراءات العقابية التي خضعت لها، زادتني إصرارًا على محاربة الفساد".
وقال: "بعد أول عملية اعتقال أسست جمعية لمحاربة الفساد، وسميتها (يدًا بيد نحو وطن خالي من الفساد)، ثم أسست الحراك الفلسطيني ضد الفساد، ولاحقًا اتحد هذا الحراك مع حراكات أخرى لمحاربة الفساد".
وزاد قائلاً: "فيما يتعلق بقضايا الفساد، لا أرحم أي مستوى سياسي إذا وصلني أي إثبات عن الفساد، وشمل الأمر هيئة مكافحة الفساد ومؤسسات أخرى في السلطة، ومنظمات أهلية وشخصيات".
لكن الاهم بالنسبة لهم، "أن الناس وثقت بي، وأصبح لي شعبية غير مسبوقة، ويخبروني دومًا بما يجري حولي من فساد، وأنا أتناول هذه القضايا على مواقع التواصل الاجتماعي"، كما يقول.
وذكر أن أول عملية اعتقال كانت سنة 2008، مشيرًا إلى أنه أعدَّ دراسة مكونة من 200 صفحة، أسماها "الفساد نكبة فلسطين الجديدة"؛ وضعت فيها توصيات وحلول، وسلمت 50 نسخة منها إلى صناع القرار. وكانت النتيجة اعتقالي لدى الأمن الوقائي لمدة يومين، وطلبوا مني الكف عن الحديث في الفساد في ومحاولة لتكميم الأفواه، لكن رفضت هذا المطلب.
وقال: "توالت الاستدعاءات والاعتقالات، لكن هذا لن يمنعني من محاربة الفساد والكتابة ضده ولن أتراجع".