فلسطين أون لاين

تقرير 3 سنوات على هبة الأسباط.. حراك المقدسيين بالمرصاد لمخططات الاحتلال

...
جانب من الحشد الشعبي قرب باب الاسباط رفضا للبوابات الإلكترونية
غزة- فاطمة الزهراء العويني

مرت ثلاث سنوات على هبة "باب الأسباط" التي ثار فيها الفلسطينيون وأجبروا سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إزالة البوابات الالكترونية التي نصبتها بالقرب من المسجد الأقصى، في مشهد جسد انتصارًا لحراك شعبي، لكن الحدث التاريخي لم يلغِ المطامع الإسرائيلية القائمة في المسجد.

ومنذ ذاك الرضوخ لمطالب المقدسيين الذي جاء بعد أسبوعين تقريبًا من ثورتهم، بات الاحتلال يلجأ لوسائل أكثر مكرًا في تمرير مخططاته التهويدية بالقدس ومسجدها المبارك، كما تؤكد شخصيتان مقدسيتان.

وتتزامن الذكرى الثالثة للهبة مع قرار قضائي إسرائيلي قضى قبل أيام بإعادة إغلاق مصلى باب الرحمة، وهو ما رفضته المرجعيات الدينية في القدس.

وتعود حادثة البوابات الإلكترونية، إلى العام 2017، والتي قام فيها الاحتلال بإغلاق المسجد الأقصى وكافة البوابات المؤدية إليه، ونصب أجهزة تفتيش إلكترونية على المداخل، لكن المقدسيين وقفوا على قلب رجل واحد بقوة ضد تركيبها، مما أرغم الاحتلال على تفكيكها لاحقًا.

فرض الهيمنة

رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر بين أن الاحتلال كان يهدف من البوابات الالكترونية فرض هيمنته بشكل كامل على المسجد الأقصى لكنه فشل في ذلك بفضل الموقف الشعبي في القدس في ظل ضعف وغياب شبه كامل للمواقف الرسمية.

وقال: "فالموقف الشعبي إلى اليوم ما يزال يحمي ما تبقى من القدس والأقصى، برغم سيطرة الاحتلال عليهما بفعل منطق  القوة وسياسات الاعتقال الابتزاز والإبعاد وغيرها التي أدت لسريان أمور لم تكن مقبولة من قبل كاقتحامات المستوطنين للأقصى في رمضان وأيام الجمع وغيرها من الممارسات".

وأشار إلى أن الموقف الشعبي جعل الاحتلال يلجأ لطرق أخرى لـ"تدجينه" من خلال تكثيف عمليات الاعتقال والابعاد وفرض العقوبات على الشخصيات المقدسية المؤثرة وغيرها.

وقال:" فهو يسير في خطين متوازيين يعتمدان على إضعاف الموقف الشعبي وتحين الفرص لجولة مقبلة من الصراع فهو لم يتراجع عن مخططاته بل يبحث عن توقيت أفضل لتنفيذها".

وبين خاطر أن الاحتلال يسارع الخطى لإنهاك الشارع المقدسي من خلال الاستهداف والإبعاد وفرض الغرامات المالية لتحطيم الموقف الشعبي واختراقه تمهيداً  لتمرير المخططات بحق الأقصى.

واعتبر أن القرار القضائي الإسرائيلي بإغلاق باب الرحمة يأتي في إطار السيطرة على الأقصى والجزء الشرقي منه.

ويقع باب الرحمة في الناحية الشرقية من المسجد الأقصى، وأعادت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس فتحه أمام المصلين، نهاية شهر فبراير/شباط 2019 بعد إغلاق إسرائيلي قسري استمر 10 سنوات.

وقال خاطر: "فالمستهدف ليس باب الرحمة بحد ذاته بل كل ما وراءه من مقبرة يريد تحويلها لحديقة توراتية وإذا نجح الاحتلال في ذلك فهو سيجعل الأقصى بين فكي كماشة هما حديقة توراتية في الشرق وحائط البراق في الغرب".

شعبية محضة

ويتفق الخبير في شؤون مدينة القدس، جمال عمرو مع سابقه على أن هبة باب الأسباط كانت "شعبية محضة" بلا تنظيم أو تبعية لأي مسئولين أو تنظيمات.

وقال: "فقد صنع المقدسيون ثورتهم بأنفسهم على مدى 14 يومًا أربكت الاحتلال الذي كان يظن أنه قد استكان بعد أوسلو وسياسات الانهاك التي يمارسها بحق الشعب الفلسطيني وأنه سيسلم ويرفع الراية البيضاء".

وأضاف عمرو: "كان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يهدف من فرض البوابات من طرف واحد للاستيلاء على الأقصى لكنه فوجئ بالمد الجماهيري الرافض وأن الأقصى وحد الفلسطينيين على اختلاف أطيافهم فخرجوا بهبة لم يرفعوا فيها أي رايات حزبية".

وأشار إلى أن المنتفضين من المقدسيين وفلسطينيي الداخل حققوا إنجازًا مشرفًا حيث اضطر نتنياهو لتفكيك البوابات، مستدركاً بالقول: "لكن الاحتلال في الوقت ذاته عزم على الانتقام فسارع بخطوات انتقامية من المقدسيين كسجن الشيخ رائد صلاح وإغلاق مصاطب العلم بالأقصى وإبعاد المرابطين ووقف رحلات شد الرحال إليه وحل المؤسسات الخيرية وغيرها من الإجراءات الانتقامية القاسية".

وأضاف: "وها هو يصدر قرارًا خطيرًا بإغلاق باب الرحمة في ظل كون المقدسيين منهكين بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة" محذرًا من أنه "إذا نجح في إغلاقه فيستخذ خطوات أخرى أكثر خطورة".

وبين أن الاحتلال بعد هبة الأسباط غير من سياسته حيث بات يتبع سياسة الخطوة خطوة وينفذ مخططاته ببطء شديد مبتعداً عن أي قفزات كبيرة غير محسوبة العواقب.

وأضاف: إن نجح في إغلاق باب الرحمة دون ردة فعل من المقدسيين فإنه سيستمر في طريقه التدريجي البطيء الذي له عواقب وخيمة على المسجد المبارك دون أن يشعر الفلسطينيون بالخطر فيتصدون له.