باتت ميس فضايل وحيدة بعد أن اختطف جيش الاحتلال والدتها التي كانت الرفيقة الدائمة لها ومؤنستها في غياب والدها شبه الدائم عن المنزل بسبب الاعتقالات المتكررة، فقد كانت حنين نصار ليست مجرد أم لها بل صديقتها التي تقضي معها أغلب أوقاتها.
تؤكد ميس (14 عامًا) أنها نادرًا ما تلتقي بوالدها الذي لا يكف الاحتلال عن اعتقاله بشكل متكرر، حيث يمضي وقتاً في الزنازين أكثر مما يمضيه خارجها.
وتبيّن أن الاعتقال الأخير كان في شهر يناير من العام الماضي حيث اقتحم الاحتلال منزلهم في حي الطيرة برام الله وساق والدها إلى السجن وحكم عليه بالاعتقال الإداري لمدة 20 شهرًا.
وفي غياب الأب رامي فضايل كانت ميس ووالدتها حنان تتقاسمان الوقت والاهتمامات وتمضيان الوقت معًا كصديقتين تحاولان أن تتغلّبا على غياب "سند البيت" قدر ما تستطيعان.
لكن الاحتلال صدم ميس الأربعاء الفائت باستهداف والدتها حنين نصار للمرة الأولى، حيث اقتحم منزلهما بشكل مباغت وسريع لم يتجاوز النصف ساعة وطلبوا منها هويتها الشخصية ومرافقتهم ومنذ ذلك الحين انقطعت أخبارها عن ابنتها وعائلتها.
الهواجس تسيطر على ذهن الطفلة ميس التي لا تعلم لِمَ اعتقلت والدتها؟ وما التهمة التي ستوجه لها؟ وكم ستمكث في السجن؟ وهل سيطول فراقها لوالديْها؟!
وتقول لـ"فلسطين": رغم أن أهل أمي وأهل أبي لا يتركونني وحيدة، حيث يبيت عندي خالي وخالتي بالتناوب لكن ذلك لا يفلح بتعويضها عن غياب والدتها والمخاوف التي تنتابها بخصوص مصيرها".
وتؤكد أنها تريد الإفراج عن والديْها، حيث إنها لا تشعر بالاستقرار في حياتها بسبب غيابهما عنها، قائلة: "من حقي كبقية الأطفال في العالم أن أعيش في وسط والديَ".
فيما يبدي خال ميس، وديع نصار مخاوفه على مصير شقيقته حنان، إذ إنهم لا يعرفون عنها شيئًا ويخشون من أن يتم الحكم عليها بالسجن لفترة طويلة.
وقال: "ما يزيد مخاوفنا أننا لا نعرف سبب اعتقالها في ظل عدم وجود أي سبب واضح للاعتقال"، مشيرًا إلى أن الاعتقال جزء لا يتجزأ من حياة شقيقته وزوجها، حيث تمت خطبتهما وهو المعتقل في عام 2003م ثم تزوجا عند الإفراج عنه ومن ثم لا يلبث أن يتم اعتقاله.
وأضاف: "اعتقل بعد الزواج قرابة سبع سنوات إداريًّا على فترات متقطعة، حيث يعتقل لسنة أو سنتين ويفرج عنه لعدة أشهر ودائمًا التهمة هي: الانتماء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".
ويشير إلى أن شقيقته ليس لها أي نشاطات سياسية، حيث تعمل كمحاسبة ولها نشاطات اجتماعية في مناصرة حقوق المرأة والطفل.
لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن معنويات ميس عالية لكنها متأثرة بغياب والدتها كثيرًا، حيث لم تعتد على غيابها كما اعتادت على غياب والدها.
ويضيف: "رغم خبرتها بالاعتقال المستمر ومحاولاتنا تعويضها عن غياب الأب والأم وألا نجعل شيئًا ينقصها إلا أن غياب الأم أثر عليها كثيرًا فهما ليستا أمًّا وابنة، بل صديقتان".
ويتناوب وديع وشقيقته داليا على المبيت عند ميس فيما يزورها جدها وجدتها "والدا رامي" يوميًّا ويحضران لها الطعام. ويقول وديع: "لا يقتصر التضامن مع ميس على العائلتين، بل إن الأصدقاء والجيران في الطيرة يأتون بشكل يومي لتفقد ميس ويرسلون لها الطعام".
ويؤكد أن ميس رغم صغر سنها لكنها تدرك أن استهداف الاحتلال للفلسطينيين بالاعتقال يهدف لثنيهم عن مواقفهم الوطنية وآرائهم وطبيعة حياتهم "وهو ما لن يسمحوا به مهما كانت الظروف".