حَنى لاعب ومدرب الننشاكو إياد عرفات (40 عامًا) رأسه ولف بجسده قبل أن يقفز في الهواء مبتعدًا عن خصمه الذي وجه له ضربة قوية بعصاةٍ طويلة قد يكون ثمنها جروحًا عميقة أو عظامًا مكسورة.
لم ينتظر الخصم عصام أبو عاصي، لاعب ومدرب الننشاكو أيضًا، طويلًا قبل أن يوجه له ضربة أخرى بذات العصاة نجح عرفات في تفاديها مجددًا وهو يصرخ بكلمات لا يفهمها سوى من يمارس هذه الرياضة الخطرة، ضمن بطولة أقامها الاتحاد الفلسطيني لرياضة الننشاكو، برعاية وزارة الشباب والرياضة بغزة، مؤخرًا.
عاد عرفات واتخذ هذه المرة وضعية الهجوم؛ وتقدم بحذر من خصمه الذي كان يلوح بعصاه دفاعًا عن نفسه، قبل أن يرفع عرفات عصاه ويوجه هذه المرة ضربات سريعة تفاداها أبو عاصي (40 عامًا) إلا واحدة صرعته أرضًا.
انتهى عرض اللاعبين وصفق لهما الحضور بحرارة قبل أن ينسحبا عن حلبة الحدث الرياضي، وجلسا وهما يلهثان وكأنهما يبحثان عن هواء.
والعصا التي يزيد طولها على المتر، هي واحدة من مجموعة أسلحة بيضاء خطرة تستخدم في رياضة الننشاكو الشهيرة على مستوى العالم، وتنظم لأجلها بطولات عالمية سنويًا، يحول الحصار أحيانًا دون مشاركة أبطال غزة فيها.
اللاعبان عرفات الحاصل على بطولة العالم في الننشاكو لعام 2005، وأبو عاصي، قضيا سنين طويلة من عمرهما في ممارسة الننشاكو رغم مخاطرها، فمنذ 28 عامًا وعرفات يلعب الننشاكو، أما أبو عاصي فمنذ 25 عامًا، كما قالا لـ"فلسطين".
ووجدا فرصتيهما خلال بطولة الرياضي الفلسطيني للننشاكو التي شارك فيها العشرات من لاعبي ومدربي الننشاكو، لإظهار إبداعاتهما ومدى رغبتهما في مواصلة تعليم ونشر هذه الرياضة في قطاع غزة.
العقلة
وتبادلت يدا الفتى فاروق نور، عصوان رُبِطتا بسلسلة حديدية (بمقاسات خاصة ومحددة) تعرف في المجتمع الغزِّي بـ"العقلة" (السلاح الرئيس لرياضة الننشاكو) في عرضٍ قدّمه برفقة مجموعة من الفتيان ينتمون لنادي النصر العربي بمدينة غزة الذي احتضن البطولة.
وقال نور البالغ من العمر (16 عامًا): قبل 3 سنوات بدأت ألعب الننشاكو. حصلت على دورة في أحد مساجد حي النصر، وتنقلت بين عدة نوادٍ قبل أن أستقر في نادي النصر العربي.
"تعلمت من خلال الننشاكو أساليب للدفاع عن النفس. وأهتم وأثابر من أجل إتقان رياضتي المفضلة، التي يحاول أهلي منعي من ممارستها".
"شاركت في عدة بطولات على مستوى قطاع غزة، ولم يحالفني الحظ بالفوز في أيٍ منها، لكنني سأستمر في لعب الننشاكو حتى أفوز في البطولات المحلية والعالمية"، يضيف نور صاحب الوجه النحيف.
وشارك لاعبو ننشاكو من غزة في عدة بطولات عالمية، كان أبرزها تلك التي جرت في أمريكا عام 2005، وحصد خلالها الفريق الفلسطيني المركز الأول على مستوى العالم، وفي عام 2013 فاز المدرب الفلسطيني في رياضة الننشاكو صقر شويدح، بالمركز الأول في على مستوى العالم في البطولة التي جرت في روسيا.
وحال الحصار أمام لاعبي ومدربي ننشاكو من المشاركة في عدة بطولات عالمية جرت على مدار السنوات الماضية، حسبما قال محمد الساعاتي (40 عامًا) الذي بدأ لعب الننشاكو قبل 25 عامًا، حتى أصبح مدربًا.
وأضاف الساعاتي لـ"فلسطين": الننشاكو مورست في غزة منذ السبعينيات، وبات الآلاف يلعبون هذه الرياضة.
وليس باستطاعة أي لاعب ننشاكو اللعب على أسلحة هذه الرياضة كافة، بحسب الساعاتي، إلا بعد الحصول على "دان واحد أسود" في الننشاكو.
وأشار إلى أن بطولات عدة تقام على مستوى غزة، تستخدم فيها أسلحة حادة وأخرى غير حادة.
أب روحي
جمال العقيلي رئيس الاتحاد الفلسطيني للننشاكو، والذي يعد الأب الروحي لرياضة الننشاكو في غزة، كما يصفه تلامذته الذين أصبحوا مدربين حاليًا، أكد أن هذه الرياضة بدأت في غزة بمعلومات بسيطة ولم يكن السفر للخارج متاحًا بسبب حصار القطاع، لكنها تطورت من خلال عدد من اللاعبين.
وأضاف العقيلي لـ"فلسطين": إن لاعبي ومدربي ننشاكو من غزة فازوا ببطولات عالمية، وهم: إياد عرفات، ومحمد أبو صقر، والشهيد محمد مشتهى، وصقر شويدح.
والاتحاد الفلسطيني للننشاكو، انتخب مؤخرًا كعضو في الاتحاد الدولي للننشاكو المسؤول عن البطولة الدولية كل عام، بحسب العقيلي.
"نمتلك في غزة أهم ما يمكن امتلاكه لممارسة الننشاكو، وهو الكفاءة البشرية؛ ونحاول تذليل أي صعوبات أخرى سواء كانت مالية أو في السفر وحرمان من المشاركة في الفعاليات الدولية، بفعل ظروف معبر رفح".
وأضاف: نعتمد على الأبطال الفلسطينيين المقيمين في الخارج للمشاركة في البطولات العالمية، لرفع علم فلسطين عاليًا خفاقًا في المحافل الدولية.